“المعروك “… لايزال يحافظ على شعبيته في سوريا


” تازة معروك .. قرب ع معروك …. تازة يا معروك”، كل صباح كانت زينب تستيقظ على صوت بائع المعروك، فترسل أخاها ليأتي لها بمعروك تأكله مع فطورها، فصباحها كان مرتبطا بصوته فهو أساسي في الحي يجب أن يأتي إليها كل يوم بوجهه البشوش ولحيته البيضاء حاملا كرتونة مليئة بأقراص المعروك، ليغطيه بقطعة قماش حفاظا عليه من الغبار وحتى لا يتعرض للهواء فيجف.
فقد اعتاد الذهاب للفرن الخاص بالمعروك كل يوم الساعة الخامسة صباحا حتى يأخذ حصته المخصصة له لبيعها اليوم، يحملها ويجوب بها أحياء اعتاد على المشي بها كل يوم، يعرف من يشتري منه، تربطه ذكريات وأحاديث بسكان الحي.
تعلم زينب أن المعروك مكون من الطحين ومكونات أخرى، ليحكي لها بائع المعروك ضاحكا لعدم معرفتها، بقوله:” يتم عجن عجينة المعروك قبل أكثر من 6 ساعات فهي مكونة من محسنات عجينة وخميرة وطحين أبيض جيد النوع وقليل من السكر، تعجن المكونات مع الماء، لتخمر العجينة في مكان دافى لمدة ست ساعات، وتعمل على شكل حلقات متوسكة الحجم ويرش عليها السمسم بعد أن تدهن بماء السكر، لتدخل الفرن بحراره عالية جدا لمدة لاتزيد عن ربع ساعة”، يضيف مازحا:” يخرج بوجه أحمر كخدودك الجميلة لتأكليه كل يوم أنتِ و كثير من الناس.”
يصمت بائع المعروك ويجلس على الرصيف ليخرج من صدره آهات كثيرة، بسرعة تسأله زينب عن سببها يضيف قائلا:” الحرب أثرت على مهنتي فقد كنت أبيع قرص المعروك قبل خمس سنوات بخمس ليرات للقرص الكبير، أما الصغير فكان سعره 2.5 ليرة، ليصبح اليوم سعره 50 ليرة وأحيانا لـ75 ليرة”، يضع يده على خدة ويقول:” لم يعد أحد يرغب بالمعروك كالماضي فقد اعتبره البعض مصروف زائد فأفضل من أن يشتري معروكة يأخذ خبزا بدلا عنها.
أثرت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلد على المعروك، فمع ارتفاع المازوت وغلاء الطحين حيث وصل سعر كيس الطحين 50 كليو لأكثر من 10ألف ليرة أي حوالي 25 دولار، بالإضافة لارتفاع جميع المواد المضافة للمعروك، لم تكن المشكلة الغلاء فقط بل القصف المستمر للأفران العامة والخاصة حد من إنتاجها.
يختم حديثة بائع المعروك لزينب بقوله:” مردودها قليل جدا لا يذكر، ففي أيام البيع الممتاز أجني حوالي 500 ليرة في اليوم بعد السير في الأحياء لأكثر من 8 ساعات وأغلب الأحيان أعود بأقل من 300 ليرة مربحا من بيعها فهي لا تكفي شيئا، ولكنني اعتدت على رائحة المعروك كل صباح، فكثير من الأحيان أخاف من القصف والطيران وأبقى في المنزل، فمتى تنتهي الحرب على الشعب السوري لتعود مثل هذه المأكولات الشعبية للظهور”.
المركز الصحفي السوري ـ أماني العلي