ظواهر الانفلات الأمني تجوب شوارع مناطق سيطرة النظام
16 مارس، 2016
فساد، رشاوي، سرقة، محسوبيات، خطف، وغيرها الكثير من قضايا الانحلال الأخلاقي والانفلات الأمني والتي ذاع سيطها بكثرة في الآونة الأخيرة في سوريا وبالأخص في مناطق سيطرة النظام، لتكون مؤسسات الدولة بؤرة للفساد في ظل غياب الرقابة، فضلا عن انتشار ظواهر سلبية أخرى تتفاقم يوما بعد يوم دون وجود أية جهود من قبل الحكومة للحد منها.
” انتبهوا على جوالاتكم”، حملة أطلقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بعد ازدياد حوادث سرقة الهواتف النقالة، حيث أعلن المحامي العام بريف دمشق ماهر العلبي أن سرقة الجوالات ارتفعت بشكل كبير خلال الأشهر الثلاثة كاشفاً عن أن معظم الضبوط الواردة إلى العدلية خاصة بأشخاص ينتحلون صفات منها حكومية، كما كشفت إحصائيات قضائية أن عدد الجوالات المسروقة في دمشق وريفها خلال الثلاثة أشهر الماضية بلغت أكثر من 4آلاف جوال، في حين قدرت مصادر قضائية أن عدد الجوالات التي سرقت في سورية منذ بدء الأزمة بلغ 150 ألف جوال، والجدير بالذكر أن العدد الصحيح قد يكون أكبر من ذلك، فكثير من حالات السرقة لا يبلغ عنها خوفا من التهديد.
ولعل المبرر وراء انتشار هكذا ظاهرة في الشارع السوري يعود لغياب سلطة الدولة وانعدام الرقابة ما تسبب بانتشار الفوضى والانفلات الأمني، فقد أكد ناشطون من مدينة دمشق أن معظم حالات سرقة الجوالات تتم عبر الحواجز المنتشرة داخل المدينة وخارجها بحجة تفتيشها، عامر من مدينة دمشق يقول:” كنت أملك جوالا حديثا ثمنه ما يقارب 400 دولار، فقام أحد عناصر الحاجز أثناء مرور السرفيس الذي كنت أستقله بأخذه مني بحجة أنني كنت أمسك به وأنني أعطي إحداثيات واتهامات أخرى، مع العلم أن شخصا كان بجانبي يجري مكالمة عبر جواله، إلا أنه لم يلفت انتباهه لأن جواله قديم ولا يساوي شيئا”.
ويضيف عامر:” وطلب مني أن أراجع فرع الأمن السياسي لأستعيده، وهو على يقين أنني لن أجرؤ على الذهاب والمطالبة به، عوضي على الله”.
كما يقال “حاميها حراميها”، لم تكن حادثة عامر الوحيدة، فكان رعب وذعر المواطنين من عناصر النظام حافزا لدى ضعاف النفوس ووسيلة للاستغلال من خلال عصابات تعمل بشكل جماعي وتقوم بالخطف بقصد السرقة تحت ستار حكومي أو أنها من اللجان الشعبية.
أبو نضال من ريف حماه يعمل سائقا لسيارة أجرة يتحدث عما حدث معه:” أوقفني شاب لا يتجاوز من العمر العشرين، وأشهر لي بطاقة أمنية باسمه على أنه من اللجان الشعبية لكي أوصله دون أن أعارض، وطلب مني أخذه بطلب إلى إحدى المناطق المجاورة، دخلت بطريق ضيق ووعر، ففوجئت بمجموعة شباب صغار يحملون أسلحة كان قد اتفق معهم قاموا بضربي وأخذوا سيارتي وجميع النقود التي كانت بحوزتي ورموني أرضا مكبلا بدمائي”.
أبو نضال كغيره من السوريين الذين ضاعت حقوقهم وتعرضوا للسرقة في وضح النهار، ليلتزم الصمت ويرضى بنصيبه لأنه يعيش ببلد أضحى المواطن فيه يخشى أن يطالب بحقه كي لا يتعرض للاعتقال والمساءلة، فكما هو معروف في أفرع الأمن السورية أن الداخل مفقود والخارج مولود.
ليس من الغريب أن تعم الفوضى والفساد في مناطق سيطرة النظام، نظرا لانشغال مسؤوليه بسرقة الشعب ودعم قواتهم العسكرية وإعطاء ما يسمونهم اللجان الشعبية مطلق الصلاحية في التدخل بشؤون المدنيين الذين ضاقوا ذرعا بما يمارس ضدهم من اضطهاد وسرقة علنا، فجل ما يقومون بفعله إصدار إحصائيات وأرقام عن أعداد السرقات دون جدوى تذكر من ذلك، ليوهموا الشعب أنهم مهتمون بقضاياه وأنهم يحاربون الفساد من جذوره غير آبهين لتبعيات تلك الظواهر السلبية على حياة المواطن وكما يقول المثل السوري الشعبي “فوق الموت عصة قبر”.
سماح خالد ـ المركز الصحفي السوري