فيدرالية “نحن هنا” الكردية.. مرفوضة من المعارضة والنظام في سوريا


فيما يشبه محاولة لإثبات الوجود وفرض المطالب الكردية على المجتمعين في مؤتمر جنيف، أعلنت أحزاب سورية كردية الخميس 17 مارس/ آذار 2016، النظام الفدرالي (من طرف واحد) في مناطق سيطرة الكرد، في شمال سوريا، في خطوة يرونها مقدمة لاعتماد نظام مماثل في الأراضي السورية كافة ما بعد الحرب، وسارعت دمشق والمعارضة إلى الرفض بقوة.

الاجتماع الذي أعلن النظام الفدرالي سعى بصورة واضحة إلى أن يقدم صورة غير قومية له، فالحاضرون أكثر من 150 شخصية من سكان شمال سوريا بينهم كرد وعرب وسريان وآشوريون وتركمان وأرمن، في رميلان في محافظة الحسكة (شمال شرق)، ولكن الواقع الذي يدركه الجميع هو أن ما تم إعلانه كان فدرالية كردية تسعى لفرض الشروط على مؤتمر جنيف الذي تم استبعادهم منه، وفي محاولة لتقديم أنفسهم باعتبارهم عنصرا أساسيا سياسياً وعسكرياً في المجتمع السوري، ولا يمكن أن تنجح عملية سياسية بدونهم.

وقال سيهانوك ديبو، مستشار الرئاسة المشتركة في حزب الاتحاد الديموقراطي، الحزب الكردي الأهم في سوريا، “تم إقرار النظام الفدرالي في روج آفا – شمال سوريا”.

وتم انتخاب رئيسين للمجلس التأسيسي للنظام الفدرالي، هما العربي منصور السلومي والكردية هدية يوسف.

وكان الكرد قد تم استبعادهم من مؤتمر جنيف رغم المساعى الروسية بناء على اعتراض تركيا بسبب الروابط التي تجمع حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يتصدر المشهد بحزب العمال الكردستاني الكردي الذي ينفذ عمليات إرهابية في تركيا، ومصنف على قائمة الإرهاب في أوربا وبريطانيا والولايات المتحدة.

 

مقاطعات كردية

 

والمناطق المعنية بالإعلان هي المقاطعات الكردية الثلاث، كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة)، بالإضافة إلى تلك التي سيطرت عليها قوات سوريا الديموقراطية (تحالف من فصائل كردية وعربية مقاتلة على رأسها وحدات حماية الشعب الكردية) مؤخراً خصوصاً في محافظتي الحسكة وحلب (شمال).

وسارع كل من النظام السوري والمعارضة إلى تأكيد رفضهما الخطوة الكردية.

وحذّر نظام بشار الأسد “أي طرف تسول له نفسه النيل من وحدة أرض” سوريا، مؤكداً أن “طرح موضوع الاتحاد أو الفيدرالية سيشكل مساساً بوحدة الأراضي السورية (…) ولا قيمة قانونية له”.

وأكد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بدوره أن “لا مكان لأي مشاريع استباقية تصادر إرادة الشعب السوري”.
واعتبر عبد الحكيم بشار، العضو في الائتلاف ووفد الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف، إعلان الفدرالية “مغامرة غير محسوبة وتلحق الضرر بالقضية الكردية”.

 

“الحل الأمثل”

 

ويشكل الكرد أكثر من 10% من سكان سوريا، وقد عانوا من التهميش على مدى عقود قبل اندلاع النزاع، وتصاعد نفوذهم مع اتساع رقعة النزاع في العام 2012 مقابل تقلّص سلطة النظام في المناطق ذات الغالبية الكردية.

وبعد انسحاب قوات النظام تدريجياً من هذه المناطق، أعلن الكرد إقامة إدارة ذاتية مؤقتة في المقاطعات الثلاث وأطلق عليها اسم “روج آفا” (غرب كردستان).

ويجد الكرد في الفدرالية “الحل الأمثل” لمستقبل سوريا.

وحصلت الوكالة الفرنسية على “وثيقة النظام الاتحادي الديموقراطي لروج آفا – شمال سوريا” التي اعتمدت في اجتماع رميلان.

وأكدت الوثيقة أن “الحل الواقعي في سوريا هو نموذج الديموقراطية والفيدرالية الديموقراطية (…) وأن تأسيس الاتحاد الديموقراطي لروج آفا – شمال سوريا هو ضرورة للتنسيق بين مناطق الإدارة الذاتية”، و”ضمان لوحدة الأراضي السورية”.

 

إنشاء مناطق إدارة ذاتية

 

وأشارت الوثيقة إلى أنه سيتم “إنشاء مناطق الإدارات الذاتية الديموقراطية التي تدير نفسها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والصحية والتعليمية والدفاعية والثقافية”، مضيفة “سيتم تحديد حدود هذه المناطق وحدودها وصلاحياتها وفقاً لقوانين” النظام الجديد.

ويحقق النظام “مشروعيته من خلال إرادة الانتخاب الحر من الشعب والجماعات المحلية”.

ويقول المسؤول الإعلامي في حزب الاتحاد الديموقراطي في أوروبا إبراهيم إبراهيم إن “الفدرالية في مناطق روج آفا – شمال سوريا تأتي في إطار رؤية كاملة لضرورة اعتماد نظام فدرالي في كامل سوريا لاحقاً، على أن يحدد الدستور الجديد العلاقة بين المقاطعات التي تدير نفسها والمركز في دمشق”.

ويرى أن “الشكل الفدرالي لإدارة سوريا هو الأمثل حفاظاً على سوريا من التقسيم”، وخصوصاً بسبب “أزمة الثقة التي نشأت مؤخراً بين المكوّنات السورية والتجربة الوحيدة التي أعادت الثقة هي الإدارة الذاتية”.

ويؤكد الكرد أن فدراليتهم المرتقبة تقوم على الجغرافيا وليس على القومية.

وبحسب إبراهيم، فإن الفدرالية “لن تكون قومية بقدر ما هي جغرافية وسياسية”، كونها تضم مكونات قومية وأثنية أخرى غير الكرد.

وقالت إليزابيت كورية من حزب الاتحاد السرياني المشارك في اجتماع رميلان إن “الفدرالية ليست حكماً ذاتياً للكرد فقط، إنما يشارك فيها كل المكونات من العرب والسريان والكرد”، مضيفة “هذا شكل ديموقراطي للحفاظ على وحدة سوريا. ونحن ضد التقسيم”.

 

رسالة إلى جنيف

 

ولم يدع الأكراد إلى مفاوضات جنيف برغم مطالبة روسيا بضرورة إشراك حزب الاتحاد الديموقراطي.

وأكد عضو الهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديموقراطي الكردية آلدار خليل أن “مؤتمر جنيف لن ينجح من دوننا، نحن متواجدون على الأرض ونحارب داعش ونحمي المنطقة وندير شؤونها وجغرافيتها”.

ويرى الخبير الكردي في الشأن السوري موتلو جيفير أوغلو أن إعلان الفدرالية يعد “سياسياً رسالة إلى الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا وخصوصاً إلى جنيف (المفاوضات)، بأنه في حال تجاهلتمونا، نحن الأكراد والعرب العلمانيين والتركمان والأيزيديين، نحن شعب سوريا، سنقرّر مصيرنا بيدنا”.

ويضيف أن أصحاب الإعلان يريدون أن يقولوا “نحن سنقرّر مستقبلنا، لأننا سوريون نعيش هنا ونحارب على الأرض، ولدينا قوة سياسية”.