باب اللاجئين مُغلق.. ريف بافاريا يستعيد هدوءه بعد قطع طريق البلقان أمام القادمين إلى أوروبا


“كم أحب الهدوء”، يقول راينر بورشرز وهو يجلس في حديقته مبتسماً يراقب الحدود الألمانية النمساوية القريبة، معرباً عن ارتياحه بعد إغلاق “طريق البلقان” أمام المهاجرين وإنهاء حالة الارتباك التي شهدتها هذه المنطقة في الريف البافاري.

يقع منزل الرجل البالغ 38 عاماً قريباً جداً من الحدود، وكان من بين أول مَن شهدوا العام الماضي تدفق المهاجرين عبر مقاطعة بافاريا جنوب ألمانيا، على إثر قرار المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل فتح أبواب بلادها أمام الفارين من الحرب.

على حدود الغابة في مدينة فرايلاسنغ، قبالة نهر سالاتش الذي يرسم الحدود بين ألمانيا والنمسا، وعلى بعد خطوات من منزله شهد الجسر الذي بريط البلدين عبور آلاف المهاجرين.

 

لم يعد هناك ضجيج للشرطة

 

يقول بورشرز: “كانوا ينتظرون باصات الشرطة قبالة منزلي. على مدى أسابيع عدة، كان هناك كثير من الضجيج. ليس بسبب اللاجئين الذين كانوا كتومين جداً، بل بسبب الشرطة ليل نهار. لم أكن أستطيع النوم”.

وتحسّن الوضع مذاك، بعد إعادة فرض المراقبة على الحدود الألمانية، ما علق تطبيق اتفاق شنغن لحرية العبور.

منذ نوفمبر/تشرين الثاني نسّقت فيينا وبرلين وصول اللاجئين بشكل أفضل. ومنذ بداية مارس/آذار توقف تدفق المهاجرين، بعد أن أغلقت بلدان العبور الطريق المسمّى “طريق البلقان” من اليونان إلى ألمانيا.

في الخريف كانت آلاف عدة من اللاجئين تعبر الحدود كل يوم. أما حالياً فتسجل الشرطة نحو 50 طالب لجوء كل يوم في عدد من نقاط الاستقبال الألمانية – النمساوية، مثل نقطة فرايلاسنغ.

ويقول المتحدث باسم الشرطة الفيدرالية الألمانية، راينر شارف: “من الواضح أن تسجيل المهاجرين الجدد يتم بشكل أسهل”. ويضيف أن هذا “يسمح لنا بالتركيز على البحث عن المهربين”. وهناك نحو 500 شرطي لمراقبة الحدود منذ 13 سبتمبر/أيلول، وهو عدد لا يتوقع أن ينخفض.

 

تفاؤل حذر

 
توضح كريستيان فون هايكي، البالغة 51 عاماً، وهي مديرة مركز استقبال للحيوانات المشردة قرب جسر سالاتش، أنه عدا عن عناصر الشرطة “الذين يأتون لاستخدام دورات المياه الوضع هادئ، بينما كان الضغط كبيراً في السابق”.

وفي مواجهة تدفق طالبي اللجوء كانت المرأة التي تعتني بالحيوانات تركت في سبتمبر/أيلول عملها لعدة أيام لمساعدة المهاجرين الذين استقروا أمام مركزها.

ومع ذلك، لم تعد الأمور إلى طبيعتها. فالحياة اليومية لسكان فرايلاسنغ البالغ عددهم 16 ألف نسمة تعيش على وقع مراقبة الحدود التي تشكل تحدياً بالنسبة الى هذه المدينة الصغيرة التي تعتاش بشكل أساسي من التجارة العابرة للحدود مع جارتها النمساوية، إذ إن أسعار بعض المواد أقل كلفة في ألمانيا.

وتقول كالي كلينغر، صاحبة متجر فساتين أعراس: “في البداية، كان الوضع صعباً جداً، وانخفضت مبيعاتي 70%. أما الآن يبلغ تراجع المبيعات 20% مقارنة بالسنة الماضية”؛ لأن الازدحامات الطويلة التي سببتها إجراءات التفتيش لا تشجع زبائنها وغالبيتهم نمساويون. غير أن البائعة عادت للتفاؤل وتقول إن الازدحام “تراجع بشكل كبير، ولم نعد نلاحظ شيئاً مختلفاً تقريباً”.

 

أعمال الطريق السريع

 

والأعمال على الطريق السريع، التي بدأت قبل أيام، يفترض أن تساعد أيضاً في تسهيل حركة السير.

تابع سكان فرايلاسنغ التطورات جيداً قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل التي توصلت الى اتفاق مع تركيا لوقف تدفق المهاجرين، فيما عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يأملون بالعبور الى ألمانيا عالقون في اليونان.

ويقول راينر بورشز: “هذا لا يعني أن مشكلة المهاجرين انتهت. على الجهة الأخرى من الجسر، في النمسا، الخيام لا تزال قائمة، وهي متوافرة للواصلين الجدد. لذا، أفضل الاحتفاظ بحبوبي المنومة”.

هافينغتون بوست عربي