د. علي الطراح يكتب: علة عربية مستدامة



د. علي الطراح

في لقاء مع بعض من مندوبي وسفراء الدول العربية في أروقة اليونسكو ومقرها باريس عاصمة التنوير الفرنسية، أخذ النقاش يدور حول إشكالية الترشيح لرئاسة المنظمة في عام 2017، حيث تنتهي ولاية إيرينا بوكوفا البلغارية التي رشحتها حكومتها لمنصب أمين عام منظمة الأمم المتحدة. المنظمة يتم ترؤسها وفق التنوع الجغرافي العالمي، إلا أن العرب لم يفلحوا في الوصول إلى كرسي الرئاسة نتيجة للتنافس بينهم وعدم قدرتهم على الإجماع على مرشح عربي، بحيث يمكن الدول الأعضاء من الدفع باختيار شخصية عربية من تولي المنصب. قطر قدمت مرشحها وزير الثقافة السابق الدكتور حمد الكواري الذي تولى مناصب سياسية متعددة، إلا أن الباب لم يقفل أمام مرشحين عرب آخرين يتنافسون مع الكواري. لبنان، وفق السفير اللبناني تنوي التقدم بمرشح ومن هؤلاء الدكتور غسان سلامة الذي شغل مناصب وزارية ودولية والأستاذ في جامعة سينسبو الفرنسية المعروفة بأنها جامعة النخبة لكثير من الساسة والمفكرين، كما تنوي مصر تقديم مرشح مازال غير معلن من قبل الحكومة، إلا أن مصر ترى أنها مؤهلة لتولي هذا المنصب بالرغم من فشل مرشحها وزير الثقافة السابق فاروق حسني إلا أن اعتراضات دولية حجبت وصوله. وأما اليمن فسبقت الجميع، وقدمت مرشحها الدكتور أحمد الصياد الذي عمل لما يزيد من عقد في أروقة المنظمة، واحتل مناصب عليا فيها وهو اليوم يشغل منصب سفيرا لبلاده في المنظمة وهو شخصية سياسية تمتاز بالذكاء والثقافة، ومن ثم نحن نتحدث عن احتمالية أكثر من مرشح عربي لمنصب الأمانة العامة لمنظمة اليونسكو.

السفراء الأوربيون يَرَوْن أنه طالما يصر العرب على المضي في مسيرة عدم الاتفاق بينهم، فهم لن يصعدوا إلى كرسي الرئاسة، وإن الفشل يصاحبهم بكل تأكيد، فالمشهد العربي ممزق ويستعصي ترميمه، ويبدو أن العرب غير قادرين على حسم خلافاتهم، كما أن سمة النزاع الثقافي الفوقي مازالت حاكمة لنمط التفكير. فعرب الشام يرى بعضهم أن الكفاءة والقدرة والمهارة ولادة شامية، بينما الجزيرة العربية لا تمثل سوى ثقافة صحراوية جافة، فمن ثم مثقفي الخليج هم نتاج هامشي لصحراء قاحلة، لذا الصورة النمطية التي نحملها لبعضنا البعض تشكل حجر عثرة نحو تقريب وجهات النظر، وهو ما نعتبره أحد أهم إشكالياتنا نحو تحقيق النجاح في المحافل الدولية. فدار المعرفة «اليونسكو» تشكل أهمية في هذه المرحلة التي نشهد فيها نزاعات ثقافية مدمرة للتعايش بين الثقافات، ودولة المقر الفرنسية هي عاصمة النور التي نتمنى إعادة بريقها لأجل الوصول إلى تفاهم ثقافي عالمي يُحد من تنامي ظاهرة الحروب الثقافية. والعرب يجدون لذة في الاختلاف، من خلال عقولهم التي تتجه نحو تشييد الجدران الأمنية التي أهلكت مواطنيهم وهمشهم وجعلتهم يعيشون الغربة في أوطانهم. فالعلة ثقافية بالدرجة الأولى، ويبدو أنها تلازمنا لكوننا نعيش خارج الزمن.

المصدر الاتحاد

أخبار سوريا ميكرو سيريا