روسيا في الشرق الأوسط… الدوافع – الآثار – الآمال



شكّل التدخل العسكري في حدثاً مهماً لم يكن ليمر دون أن يخلف آثاراً وتبعات ستستغرق من الباحثين جهوداً وأوقاتاً طويلة قبل أن يتم الإلمام بتفاصيلها.

لم تخف يوماً أن أحد الأهداف الأساسية لتدخلها في الذي بررته موسكو بطلب رسمي من دمشق للمساعدة في محاربة “الإرهاب”، هو مساندة الأسد والحفاظ على بنية النظام خصوصاً العسكرية والأمنية منها، إلا أن الرواية الروسية للتدخل تضيف هدفاً هاماً آخر لهذا التدخل (الفج) في منطقة هو محاربة الإرهاب متمثلاً بأبشع صوره المعروفة: داعش.

غير أن الكثير من الدلائل وفي مقدمتها التقارير التي توثق المناطق والجهات التي تعرضت لهجوم القوات الروسية الجوية أو البرية، تشير بوضوح أن داعش لم تكن أبداً اولوية التدخل الروسي بل وفي كثير من الأوقات لم تكن على قائمة أهدافه أصلاً.

ويدل على هذا أيضاً تنوع الأسلحة الروسية المنتشرة في ، ومنها أنواع متطورة من الصواريخ المضادة للطائرات، وهو ما يؤكد أن عمليات هدفها حماية الأسد وليس محاربة داعش التي لا تملك أي أسلحة جوية.

وليس التدخل الروسي العسكري المباشر الذي يحدث لأول مرة منذ عام 1973 وحده ما يستحق الدراسة والفهم ولكن أيضاً طريقة تعامل الولايات المتحدة مع هذا التدخل والتفاهمات الروسية الإسرائيلية التي أفضت إلى تنسيق معين بخصوص هذا التدخل، وموقف إيران – الجمهورية الإسلامية – وحزب الله – الذي يعتبر نفسه العدو اللدود الأول لإسرائيل – من هذا التدخل والتبرير له والقبول به بل والثناء عليه.

لقد ساهمت الكثير من الأحداث والعوامل في وصول الوضع في المنطقة الى الحال التي هو عليها اليوم، ولا شك أن السياسة الروسية في والشرق الأوسط والأنشطة الروسية في المنطقة، بعد مايو/أيار 2000 على وجه الخصوص، حين تولى بوتين رسمياً السلطة في ، تستحق الكثير من التوقف والمراجعة وتقييم طريقة التعامل الأطراف المختلفة معها.

لطالما أحاط الروس عملياتهم بكثير من الغموض المتعمد وأحجموا عن توضيح تفاصيل خططهم والأنشطة التي يقومون بها في المنطقة، فرغم إفصاحهم عن أهدافهم الأساسية من هذه الأنشطة أو بعضها على الأقل فإن أحد الأمور التي تستحق التوقف عندها والبحث في الأسباب الحقيقة وراء هذا الغموض الذي تسبب برفع حالة العدائية وزاد من احتمالات التصادم مع الأطراف الأخرى ومنها تركيا.

ومهما حاول الروس وحلفاؤهم في المنطقة التخفيف من هول الآثار السلبية المترتبة على والمنطقة جراء تدخلهم، عبر اختصار بوتين عملية التدخل بأنها فرصة تدريب تارة أو عبر التقليل من شأن الخسائر في صفوف المدنيين والمعارضة المعتدلة تارة أخرى، فإن التدخل الروسي قد أحدث بالفعل معادلة جديدة في المنطقة لصالح النظام على حساب الثوار والفصائل السورية (المعتدلة) بالدرجة الأساس وليس على حساب داعش. وهو ما قلل من فرص الوصول إلى حل منطقي في الحالة السورية وربما يكون قد أسس لعودة الوضع في إلى المربع الأول إذ يجد الثوار أنفسهم اليوم مضطرون مرة أخرى لخوض المعارك الشرسة مع النظام لاستعادة المناطق التي ساعده الروس على استعادة السيطرة عليها بعد أن حررها الثوار من قبضة النظام خلال السنوات الـ 6 الماضية من النضال ضد النظام في .

تركز هذه الدراسة في الفصول الثلاثة الأولى على السياق المحلي الروسي ورد فعل الكرملين على الانتفاضات التي تلت انهيار الاتحاد السوفييتي، والربيع العربي، وروسيا نفسها، هذا السياق يشكل فكرة حاسمة في شرح طريقة عمل وتفكير الكرملين في . وفي حين أن السياسة الداخلية تؤثر عمومًا في السياسة الخارجية لأية دولة، يتميز الكرملين في كثير من الأحيانبعدم توضيح الخطوط الفاصلة بين السياستين. وهذا التقييم ينطبق جزئيًا على بوتين أيضًا؛ لأنه بات مشهورًا بعدائه لأمريكا والغرب.

الفصول المتبقية من الدراسة تغطي تفاصيل علاقات مع أربعة من حلفائها في المنطقة، وخاصة الجهات الفاعلة منها: مصر وإيران والعراق وسوريا، وتشمل التحليلات كذلك علاقات مع الأردن ودول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل وتركيا.

يمكنكم الاطلاع على الدراسة كاملة بهيئة ملف (PDF) :  من هنا

View this document on Scribd