ذكرى المجزرة الأولى… 38 قتيلاً من المتظاهرين العزل يوم (الأربعاء الدامي)


f5496e60-5dbb-4144-a493-51d2acd77939 (1)

إياس العمر:

الثالث والعشرين من آذار/مارس عام 2011، كان يوماً تاريخياً ومفصلياً في ثورة السوريين على نظامهم الحاكم، وفي هذا اليوم الذي أطلق عليه لاحقاً يوم (الأربعاء الدامي) نطق السوريون لأول مرة بشعار “الشعب يريد إسقاط النظام”، بعد أن شهدوا بأعينهم سقوط 38 شهيداً برصاص قوات الأمن، لأنهم طالبوا بالإصلاحات فقط.

كان يوم 18 آذار من ذلك العام هو أول أيام الحراك الثوري في محافظة درعا والتي كان يطالب بمجموعة من الإصلاحات وبعد سقوط اول شهيدين قرر المتظاهرون الاعتصام في ساحة المسجد العمري. وفي المقابل لم تتوقف قوات النظام عن استهداف المتظاهرين وبالأخص اثناء تشييع الشهداء وقد استمر الاعتصام داخل المسجد حتى تاريخ 23 آذار عندما قامت قوات النظام باقتحام ساحات المسجد العمري مع أولى ساعات الفجر.

منتصر ابو نبوت أحد أبرز ناشطي محافظة درعا والتي شارك بالحراك منذ البداية روى لـ “ ” تفاصيل ما حدث اثناء عملية اقتحام قوات النظام للمسجد العمري، يقول إنه بعد اليوم الاول من الحراك وسقوط أول شهيدين في درعا البلد استمرت المظاهرات وتم تشييع الشهداء عياش والجوابرة، واستمرت المظاهرات أيام الأحد والاثنين ولم يكن هناك تواجد لقوات الأمن.

محاولات اقتحام العمري

في صباح يوم الثلاثاء 22 آذار/مارس بدأ الوضع يتغير وقامت قوات النظام باستقدام تعزيزات من عناصر ما يعرف بالأمن المركزي، وكانت الأعداد كبيرة وتمركزوا على الطريق الواصل ما بين درعا البلد ودرعا المحطة.

وفي الساعة الواحد ظهراً حاولت القوات التقدم باتجاه المعتصمين في ساحة المسجد العمري وقاموا بإطلاق الغازات المسيلة للدموع، وقتها قام المعتصمون بمقاومة القوات المهاجمة بالحجارة وتمكنوا من إرجاعهم، بعدها قام النظام باستقدام أعداد اخرى من قوات الأمن، وقرر المعتصمون البقاء في المسجد طوال الليل وتم تشكيل لجان شعبية من أجل حماية المعتصمين وإغلاق الطرقات في درعا البلد.

في الساعة 1.49 بالضبط قطع النظام الكهرباء عن المنطقة، وبدأ بإطلاق الغازات والرصاص بكثافة، ولم يكن أحد يعرف من أين يأتي الرصاص، ثم تبين فيما بعد أن النظام وضع قناصين في مبنى البريد بجانب المسجد العمري.

كانت كثافة الغازات غير مسبوقة وغطت كامل أحياء درعا البلد واستشهدت طفلة نتيجة الغازات، ولم يكن من السهل مقاومة القوات المهاجمة، وقتها بدأت نداءات الفزعة تخرج من المسجد العمري وقامت قوات النظام بفصل درعا المحطة عن درعا البلد ومنع خروج الناس.

يقول أبو نبوت أن شقيقه أحمد كان من المصابين في المسجد وخرج بسيارة الإسعاف مع الطبيب غصاب المحاميد، وخرجوا من المسجد وفي الطريق قامت قوات النظام بإيقاف سيارة الاسعاف وقتل الطبيب وبقي الجرحى في السيارة حتى الفجر، وقتها تم نقلهم الى المستشفى الوطني في درعا، وبدأت عمليات التصفية داخل المستشفى.

كان من ضمن الأشخاص شخص يدعى محمد أبو العيون، وكانت إصابته في يده إصابة خفيفة، وتم قتل ابو نبوت يقوا ان أحد اشقائه في درعا المحطة تمكن من الوصول الى المستشفى وقد شاهد شقيقه المصاب وكان وضعة الصحي جيد فقط إصابة بيده ولكن في اليوم التالي تم إبلاغ العائلة باستشهاد شقيقه أحمد، ويؤكد أبو نبوت أن عناصر الأمن ارتدوا يومها ء ملابس الأطباء وأجهزوا على المصابين.

استمرت محاولات الأهالي للاقتراب من المسجد بعد سيطرة قوات النظام عليه، واستمر إطلاق النار وسقوط الشهداء، ومع مطلع الفجر سيطرت قوات النظام على الموقف ووصل حينها عدد الشهداء إلى 18 شخصاً لم يتم تسليمهم من قبل قوات النظام باستثناء الشهداء الذين لم يتم إسعافهم إلى المستشفى الوطني وتم دفنهم بصمت.

 file1.jpeg

مجزرة بعد مجزرة العمري

ومع سماع الأخبار القادمة من درعا البلد وقيام قوات النظام باقتحام المسجد العمري، قرر مجموعة من الشباب في الريف الشرقي بالخروج من أجل مساندة أهالي مدينة درعا.

يقول الناشط عبدالله الزعبي لـ ” ” إن مجموعة من شباب ريف درعا الشرقي قرروا التعبير عن رفضهم لما قامت به قوات النظام، وخرج مجموعة من الشباب من بلدة المليحة الشرقية لم يكن يتجاوز عددهم 15 شخص وفي مدينة الحراك وصل العدد إلى 100 شخص وبعد نصف ساعة تجاوز العدد 500 شخص، قرروا المتابعة باتجاه مركز المدينة، وفي كل بلدة كان العدد يزداد حتى وصلوا إلى مشارف مدينة درعا، بعد سير استمر لخمس ساعات وإذ بعدد المتظاهرين يتجاوز 15 الف من عدد من قرى ومدن ريف درعا ( المليحة الشرقية – المليحة الغربية – الحراك – الصورة – علما – خربة غزالة – عتمان – داعل).

ويضيف الزعبي أن المتظاهرين كانوا يحملوا أغصان الزيتون، وكان سقف مطالبهم معاقبة عاطف نجيب ومحافظ درعا والقيام بمجموعة من الإصلاحات، ولم يكن شعار إسقاط النظام مطروحاً وكان المتظاهرون يطالبون بشار الاسد بالإصلاحات فقط.

وحين وصلت حشود الريف إلى مدينة درعا كانت مداخلها مغلقة من قبل جيش النظام، وقام يومها بفتح مدخل درعا الشمالي (البانوراما) أمام جموع المتظاهرين، وبعد مسير مسافة كيلو متر واحد اقترب المتظاهرون من الساحة الرئيسة في مدينة درعا والمعروفة وقتها بساحة 16 تشرين. يقول الزعبي، “عندها بدأنا نسمع أصوات إطلاق نار بشكل غير مسبوق، وبعدها مباشرة شاهدت شخصاً كان أمامي سقط على الأرض، وخلال أقل من دقيقة تفرقت المظاهرة.

وأصبح كل شخص يبحث عن أصدقائه، لم يكن أحد يتوقع ان يتم إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، وبعد دقائق بدأت الاخبار تأتي عن سقوط عدد كبير من الشهداء والضحايا، ولم يجرؤ أحد على التوجه إلى المستشفى الوطني في درعا المحطة لأنه وقتها كان قد تحول الى ثكنة امنية تابعة لقوات النظام.

وتم اسعاف المصابين إلى أول مستشفى ميداني تم انشاؤه في درعا المحطة، وكان في الكنيسة بحي شمالي الخط، وبعدها بدأ نقل الشهداء إلى بلداتهم وقد تجاوز عدد الشهداء 20 شخصاً وأكثر من 100 جريح كانوا موزعين على ( درعا المحطة –عتمان – داعل – الخربة – الحراك – الصورة – علما ) كما قامت قوات النظام باعتقال العشرات من المتظاهرين.

الشعب يريد إسقاط النظام

بعد المجزرة بدأ كل شيء يتغير، لأن الأمر لم يعد محصوراً بمدينة درعا، وأصبح هناك شهداء من عدد كبير من مناطق المحافظة بعد أن كان الشهداء فقط في درعا البلد، وفي اليوم التالي بدأت مظاهرات التشييع تخرج في شتى أنحاء المحافظة، وكانت تطالب بإسقاط النظام، وتحولت خيم العزاء إلى خيم اعتصام ولم تعد المظاهرات محصورة في درعا البلد.

تجاوز عدد شهداء محافظة درعا يوم الاربعاء 23 آذار /مارس 38 شخصاً من درعا البلد وباقي مدن محافظة درعا، بعدها قامت قوات النظام بالتواصل مع الوجهاء وتقديم وعد بتسليم الجثث مقابل عدم الخروج بمظاهرات، إلا أنه في اليوم التالي الخميس، عمت المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام مناطق المحافظة، عقب مجزرة ما عرف في محافظة درعا بيوم الاربعاء الدامي.

أسلحة وأموال في الجامع العمري

كان ملاحظاً يومها وعقب سيطرة قوات النظام على المسجد العمري في درعا البلد قيام قوات النظام ببث مقطع من داخل المسجد ووضع أسلحة ومبالغ مالية داخل المسجد، يقول محمد العيسى، وهو أحد شهود العيان يقول إن المبالغ المالية تم إحضارها من المصرف التجاري في محافظة درعا من قبل عاطف النجيب، وبعد مرور فترة على الحادثة طالب مدير المصرف أمجد العواد باستعادة المبلغ إلى خزينة المصرف، رفض عاطف نجيب إعادة المبلغ وقامت قوات النظام بتصفية مدير المصرف بعد فترة أمام منزله.

file12.jpeg

أخبار سوريا ميكرو سيريا