كيف يتحوّل المسلم إلى إرهابي..؟!

من نييورك إلى لندن إلى مدريد إلى باريس وانتهاء ببروكسل أخيراً، أعمال إرهابية بشعة يجمعها رابط وحيد، وهو أن منفذيها مسلمون.

ليس خافياً على أحد ما تعرّض له العرب و المسلمون خلال تاريخهم من مظالم وشرور واعتداءات، وحجم التحديات التي وضعت أمامهم على الأقل منذ بداية القرن العشرين؛ فمن تقسيم بلادهم، إلى احتلالها من قبل الانكليز والفرنسيين، إلى مجازر الفرنسيين في الجزائر، إلى زرع إسرائيل في جسد العرب، إلى دعم الغرب أو غضه النظر عن ديكتاتوريات تسيّدتهم وقمعتهم وسرقتهم، إلى احتلال اسرائيل لأراضيهم، إلى احتلال افغانستان، إلى وئد ثورات المسلمين الشعبية في الجزائر وليبيا و سورية ومصر بين خمسينيات وتسعينيات القرن الماضي، إلى احتلال الاتحاد السوفيتي لافغانستان، إلى قمع ثورة الشعب الشيشاني المسلم، إلى المجازر التي ارتكبت بحق المسلمين في يوغسلافيا السابقة، إلى احتلال العراق، إلى مذابح نيجيريا وبورما. كل تلك الأمثلة وسواها يمكن وبسهولة سوقها كمبررات لتفسير تشكّل حواضن ساهمت في صعود التطرّف الإسلامي.

إلا أن نظرة أعمق تكشف لنا أن ما سبق يشكّل نصف الحقيقة وليس كلها، فثمة أمم كثيرة تعرضت لما تعرّض له المسلمون و أكثر؛ فبعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية تم إذلال الألمان بشكل مريع على أيدي السوفييت الذين أسروا قرابة ثلاثة ملايين منهم، وأودعوهم معسكرات الاعتقال والإذلال والجوع في سيبريا، وتم تفكيك مجتمعهم وتدمير حضارتهم. اليابان ارتكبت مجزرة فظيعة بحق الصين عام 1937 فيما يسمى مجزرة نانجنغ قتلت فيها ربع مليون إنسان، ثم تم احتلال اليابان نفسها على أيدي الأمريكيين مع نهاية الحرب العالمية الثانية، فرنسا العظمى أيضاً احتلت عاصمتها وحاضرتها على أيدي النازيين الذين قتلو منهم قرابة نصف مليون إنسان.

هذا سياسياً، أما دينياً فمع بدايات القرن اضطهدت الشيوعية المسيحيين الأرثذوكس في روسيا وكوريا الشمالية وقتلت منهم عشرات الألوف، ثم اضُطهد اليهود في قلب أوربا وقتل منهم مئات الألوف وأحرقوا بشيبهم وشبابهم وأطفالهم في أفران الغاز النازية، في أوروبا المسيحية نفسها اضطهد البروتستانت الكاثوليك في إنكلترا، وفي فرنسا حدث العكس وارتكبت مذبحة ضخمة بحق البروتستانت، وتاريخياً اضطهدت الدولة العثمانية في عهد سليمان القانوني مسيحيي أوروبا الشرقية، ثم المسيحيين الأرمن مع بدايات القرن العشرين وارتكبوا بهم أبشع المجازر وقتلوا منهم قرابة مليون إنسان.

لكن في أي مما سبق لم تنشأ لدى المضطهدين تيارات (عقائدية) يقوم فيها أتباعها بقتل أنفسهم وسط المدنيين لهدف وحيد وواضح وهو وبث الرعب في أوساطهم وترويعهم، واعتبار ذلك عملاً بطولياً سيكافؤون عليه، ولم تجد في شرائعها ما يبرر لها ذلك، كما لم نجد انتحاريين جوالين عابرين للحدود، و ينتقلون من بلد إلى بلد ليقوموا بعملياتهم بدوافع عقائدية وأممية خارج مفهوم أوطانهم الأصيلة.

إذاً مالذي يختلف في الحالة الإسلامية، ولماذا هذا الكفاءة النادرة و التفرّد بتصنيع الإرهابيين الجوّالين حول العالم، خصوصاً عندما نعلم أن كثيراً منهم - الإرهابيين- لا تشملهم بالأساس شروط الاضطهاد التي قد تبرر ما يقومون به؟

- مالذي يدفع جهادياً مسلماً يعيش حراً منعماً في بلد أوروبي إلى السفر إلى مناطق البؤس والحروب في سورية والعراق ليقتل نفسه هناك، أو أن يفعل ذلك في البلد الذي آواه وحمل جنسيته وأكل من خيره كما في حالة ارهابيي عمليات باريس وبروكسل الأخيرة؟

- مالذي يدفع مليونيراً كبن لادن ليخرج من نادي المال والأعمال والقصور و الثراء ليسوح بين الجبال والقفار ويتحوّل إلى قاتل وممول للإجرام العقائدي حول العالم؟

- مالذي يدفع شخصاً مؤهلاً على مستوىً عالٍ كالطبيب ايمن الظواهري الذي كان ليصبح شخصاً مرموقاً وصاحب عيادة في القاهرة، فيختار طواعية أن يسكن الكهوف ويتداوى بالأعشاب ويتحوّل إلى إرهابي يتمتّع بمشاهد قتل الناس وترويعهم على الشاشات في أراضٍ لم يطأها ولا يعرفها، وتقع على الجانب الآخر من العالم؟

في هذه المادة أحاول الإجابة على هذا السؤال مفترضاً أن أحدهم قرر أن يصبح إرهابياً، فهل سيجد في الاسلام ما يشجعه على القيام بذلك؟!، علماً أن ما يخضع له كل الارهابيين هنا، هو بالضرورة ما يخضع له معظم المسلمين، وهو ما تعلموه فطرياً في الكتاب والسنة وعلى أيدي المشايخ على مرّ العقود، وكانوا يكررونه ويتداولونه برضىً في ثقافتهم الشعبية، و لم يجدوا فيه ضيراً أو نشازاً رغم كل ما يحمله من معاداة للفطرة والإنسانية. ملاحظة ابتدائية:

عندما أذكر الإسلام هنا لا أعني الاسلام النخبوي الحداثي (النادر)عند قلة من المفكرين الاسلاميين، بل أقصد الاسلام السائد الشعبي الذي يؤمن به رجال الدين التقليديين وعامة المسلمين وغلبتهم الغالبة، فهم حملة الدين الحقيقيين، وفي هذا الإطار استبق من سيدافع بالقول أن هناك فهماً مغلوطاً عن الإسلام لدى غالبية الناس، فهذا الكلام التبريري غير مهم حين الحديث عن الوقائع والنتائج اليوم.

والأدلة التي سأسوقها أدناه تقصّدت أن يكون جلّها من القرآن كي لا ندخل في متاهات توثيق الحديث والأخذ والرد فيه، علماً أن تلك الأدلة هي ذاتها التي يستخدمها الإرهابيون لتبرير جرائمهم، وتفسيرها على النحو الذي سترد فيه هو السائد والوارد في معظم التفاسير المرجعية، وهي المعمول بها في معظم المؤسسات الدينية في العالم الاسلامي، وأي فهم آخر أو معاكس للنصوص كالذي يعمل عليه المفكرون الإسلاميون الحداثيون الذين يرفضون جزءاً كبيراً من الموروث الاسلامي، يبقى قاصراً على فئة نخبوية قليلة، ولا يجد ترحيباً كبيراً بين المسلمين، بل إن من يعملون عليها مرفوضون ومتهمون بالافتئات على الدين وتحريفه لإرضاء الغرب كما في حالة عدنان ابراهيم ومحمد شحرور واسلام البحيري و سواهم، وهنا تجدر الإشارة إلى أن النص القرآني يحتمل هذا الانقسام الحاد، فهو يتضمن الشيئ ونقيضه في كثير من المواضع، وأدلّ مثال على ذلك الآيتان: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة 32، و (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) التوبة 5، فالفريقان يعتمد كل منهما للتدليل على موقفه على نص يؤدي المعنى المعاكس عن الآخر، ويتجاهلان كيفياً السياق وأسباب ورود النص، فلا الأول يقول أن الآية الأولى نزلت في بني اسرائيل وليس المسلمين بالأساس، ولا الثاني يقول بأن الآية تخصّ حالة الحرب التي كانت في مكة، والتي توقفت خلال الأشهر الحرم.

إن عملية تفسير القرآن بغالبيتها اعتمدت على هذه الآلية الكيفية، لذلك اختلف المفسّرون في كثير من المواضع، ولعل هذا هو السبب الرئيسي لانقسام المسلمين اليوم إلى ملل ونحل وطوائف كلٌ بحسب تفسيره وبحسب اختياره وطويّة نفسه.

 

خطوات تصنيع الارهابي المسلم:

من المثير حين ندلف إلى هذا الموضوع الشائك أن نصطدم بداية بحقيقة غريبة، وهي أن عملية تصنيع الارهابي المسلم تعتمد اعتماداً كلياً على شرعنة ثالوث الشر المعروف (الجنس-المال-السلطة)، ومن المثير أكثر أن هذا الثالوث هو ما يقوم الاسلام بمحاربته في كل أدبياته، و ما ينزّه المسلمين ويحذرهم من الوقوع فيه، لكنه في ذات الوقت يقدمه كهدف منشود على كل مسلم أن يسعى إليه، ويثاب من يفعل.

المخطط المبسط أدناه يبين المقصد، وكيف أن هذا الثالوث مشرعن ومأصل نصاً بشكليه الدنيوي والأخروي، ويحول الجريمة إلى مكافأة، والمجرم إلى مؤمن:

أما مراحل إعداد الإرهابي المسلم فتنقسم إلى خمس، علماً أن هذه المراحل لا يمر بها الارهابي وحده، بل معظم المسلمين، وهي تقع في صميم أدبياتهم وما يتلقونه ويكونونه من أفكار عن الدين، وشمولية هذا المنهج هو ما يجعل تحوّل أي مسلم إلى إرهابي أمراً متوقعاً في أية لحظة.

1- مرحلة التنشئة والإعداد:

المنهج:

* التقليل والتبخيس من قيمة الحياة على الأرض، وأنها مجرّد محطة نحو الحياة الأبدية في الآخرة: (إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) غافر 39

وإقناع المسلم أنها دار ابتلاء ومفاسد: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) الحديد 20، (فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ" لقمان 33، "إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) الكهف 7

وأنها مرتع للكافرين: (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) البقرة 212

وأن على المسلمين أن يزهدوا فيها ولا يعبؤوا لها، وإلا فلهم سوء المآل: (فَأَمَّا مَنْ طَغَى، َآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، فإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى) النازعات37-39

* تحريم بهج الحياة وعلائم رقيّها وإبداعها (الفنون والموسيقا والمسرح...)، وربطها بالمفاسد والبدع (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) لقمان 6. (مثال1: تحطيم عود في السعودية لأنه محرم- اضغط) ، (مثال2: الموسيقا حرام باتفاق الائمة الاربعة- اضغط)

* إلغاء مفهوم العدالة والمساواة بين المرأة والرجل، وتكريس مفهوم قوامة الرجل على المرأة وخضوعها له، ومنحه حق ضربها وتأديبها وإيذائها: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) النساء 4

* منح الرجل حق ارضاء شهوته الجنسية والنكاح كيفما يشاء، داخل وخارج مؤسسة الزواج: (فَانْكِحُوا ما طابَ لكُمْ مِنَ النِّساء مَثْنى وَثلاثَ وَرُباع) النساء 12، (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) المؤمنون:5-6

* الفصل بين الرجل والمرأة منذ الصغر، ومنع الاختلاط، و تحويل المرأة إلى عورة وتغليفها شكلاً ومضموناً، وربط ذلك بالشرف والعفّة والرجولة والنخوة، بالتوازي مع تحويلها إلى كائن جنسي، مثير للشهوة والغريزة، ومفتن للرجال، وجعل مهمتها الشرعية الأولى هي الحفاظ على ما بين فخذيها وإبقاؤه نضراً لرغبات الزوج: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور 31 ، (الحويني: وجه المرأة كفرجها- اضغط)

النتيجة: أشخاص كارهون لمباهج الحياة، ولا يقيمون قيمة للروح الانسانية، ومكبوتون وشبقون جنسياً تجاه المرأة

2- مرحلة الشحن و التحريض

المنهج:

* دعوة المسلمين لمحاربة من يخالفهم الرأي: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) التوبة 29

* تعزيز مفهوم المبادرة بالحرب "الحرب الاستباقية": (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) الانفال 39

* شحن المسلمين بالعداء وتحريضهم على القتال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يفقهون) الانفال 65

* مطالبة المسلمين بالتسيّد على الأمم جبراً، وفرض الشروط عليها، وعدم مهادنتها: (فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) محمد 35

* التحريض ضد إقامة العلاقات السياسية و الدبلوماسية مع الدول الكافرة، والتي تدخل تحت بند موالاة الكافر، واعتبار من يفعل كافراً مثله حتى لو كان مسلماً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) المائدة: 51

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) الممتحنة 1

* التغني ببطولات المسلمين في الحروب والفتوحات والغزوات، وتعظيم ما ارتكبوه من جرائم وانتهاكات خلال ذلك، واعتبارها نصراً للمؤمنين (صفوت حجازي: عمرو بن العاص يأمر ابنه أن يفلفق الرؤوس- اضغط)

* إظهار المسلمين على أنهم أصحاب الحق والريادة دون غيرهم من البشر، واسترخاص حياة الآخرين: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) آل عمران 139

* تعزيز نظرية المؤامرة لدى المسلمين، وأنهم مستهدفون دوماً من قبل الآخر : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) البقرة 109، (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) المائدة 82 ، (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) البقرة 105، (ولن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم) البقرة 120

النتيجة: مسلمون كارهون للآخر، غاضبون متشوّقون لقتال دولهم الوطنية التي تقيم علاقات مع الكفار، وكذلك قتال دول الكفر نفسها، ويعتقدون أن ذلك هو السبيل لأرضاء دينهم وخالقهم

3- تحديد الهدف

المنهج:

* المسيحيون الذين يعدّون أزيد من 2 مليار ويشكلون 33% من تعداد البشر، و اليهود الذين يعدون 20 مليوناً كلاهما كفار ومشركون: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) ، (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود و عيسى بن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون) المائدة 78

* عقاب المشرك القتال والقتل: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) التوبة 5، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) النساء 76

* الغرب منفلت وعديم الأخلاق والقيم، وتنتشر فيه المفاسد وأبناؤه لا يستحقون الحياة : (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) التوبة 14

* الغرب يتآمر على المسلمين ويحاربون الله ورسوله ويجب معاقبتهم: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) المائدة 33

* الكفار لا يمكن إصلاحهم وهدايتهم: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) البقرة 6

* الحض على كراهية الآخر وعدم المبادرة حتى بتمني الرحمة والمغفرة له: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى) التوبة 113

* لا استثناء بين مدني وعسكري عند قتال الكفار: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين) التوبة 19

* أموال الكفار مستباحة وتعتبر غنائم للمسلميين: (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير) الاحزاب 27، (الحويني نساء وأموال الكفار حلٌ للمسلمين- اضغط)

* سبي نساء الكفار مستباح، اقتداءً بالنبي محمد الذي سبى صفية بنت حيي، وببقية الصحابة من بعده. (اسلام البحيري: حقيقة الجهاد في كتب التراث الاسلامي القتل وسبي النساء- اضغط)

النتيجة: الغرب كافر بمجمله، ويجب قتاله جميعاً وبث الرعب بين أبنائه، وهو حلال بلاده وأرضه ونساؤه للمسلمين.

4- المكافأة

المنهج:

* جزاء المجاهد المبادر هو الجنّة وحسن المآل: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) الحجرات 15.

(الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) التوبة 20

(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة 111

* تبرير مستوى العنف الذي يقوم به المجاهد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المتقين) التوبة 123

(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) سورة الانفال الاية 60

* كل ما حرم منه المجاهد في الحياة الدنيا من موبقات وممنوعات من جنس و خمر وانفلات، هو تماماً مكافأته في الجنة: (وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ . يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لّا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ . وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ) الطور:22-24

النتيجة: سيكافئنا الله على إرهابنا وعنفنا، ويسّره أن يرانا كذلك.

بعد نهاية هذه المرحلة تكتمل صناعة الحزام الناسف للارهابي، فقد تم تقديم المبرر، وتحديد الهدف، وتحديد الطريقة، ويتبقى فقط ضغط زر التفجير، والذي غالباً ما يكون مبرراً على شكل مظلمة تقع على الإنسان، كالقول مثلاً (أمريكا تدعم اسرائيل التي تقتل المسلمين، إذاً يجب استهداف أمريكا في عقر دارها)

والغريب أنه حتى المرحلة النهائية من هذه العملية، وهي طريقة التنفيذ، مشرعنة نصاً

5- التنفيذ

المنهج:

* دعوة المسلم لتنفيذ مهمة الإيذاء والقتل بعنف و بكفاءة: (إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)

(سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) الانفال 12

النتيجة: الارهابي المسلم قاتل لا يرحم

هذا تفصيل مبسّط يفسر ما يحدث، ويكشف كيف يمكن أن يتحول أي مسلم إلى إرهابي، وأن يكون قنبلة موقوتة تنفجر في أي وقت وأي مكان.

الغريب في الموضوع أن قروناً مرّت دون أن يبحث أحد في هذه النصوص وماذا ستصنع بحال المسلمين، والغريب أكثر أن يمانع المسلمون اليوم محاولات الاصلاح بدعوى الحفاظ على الدين، فيهاجمون كل مصلح ويشتمونه ويحرّضون عليه، ويحاصرونه اجتماعياً وإعلامياً، فيما يتربعون في المساجد وأمام الشاشات ليستمعوا للمشايخ المحرضين على العنف والكراهية، ويؤمّنون وراءهم بالدعاء بأن يمحق الله الكافرين، ويبدهم عددا، ولا يذر منهم أحداً، ثم تسمعهم يقولون بعد كل عملية إرهابية مفزعة: "من اين أتى هؤلاء الخوارج، والله هذا ليس من ديننا في شيء"، رغم أن تلك المنظمات الارهابية، جاءت تماماً لتطبق ما يعتقدون به، بل كانت الأوفى والأصدق في تطبيق مهمة الحفاظ على الدين ..!!.

المسلمون اليوم أمام امتحان حاسم، إما أن يجدوا حلاً للنصوص فيكيفون ويعصرون بعضها، ويغيرون نظرتهم إلى الآخرى ويتخذون قراراً بتعطيلها على أعلى مستويات المؤسسات الإسلامية، أو أن يصمتوا كما فعلوا طيلة قرون، و ينتظروا قادم الأيام حتى تصبح أيام المسلمين بؤساً وموتاً فيهرب منه من يريد الاستمرار على قيد الحياة، ليبقى فيه فقط المجانين والارهابيين، إلى حين يصبح الإسلام تهمة جنائية يحاسب عليها القانون حول العالم.

هذه المادة ليست لإثبات إن المسلمين ارهابيون بالضرورة، بل محاولة لإثبات أننا بشر عاقلون، وقادرون على انتقاد أنفسنا، ولإنقاذ صورة الله من عباده المجرمين، و إصلاح أخطائنا وفهمنا لمقاصد الدين الإسلامي.