ندوة في جنيف.. لا فرق بين إرهاب شيعي وإرهاب سني
25 مارس، 2016
- العرب
طاهر بومدرة: دستور الجمهورية الإسلامية لا يؤهل إيران لتكون عضوا في الأمم المتحدّة.
يصنف الخبراء تصريحات من قبيل تلك التي صدرت مؤخرا عن الجنرال الإيراني سعيد قاسمي بشأن مملكة البحرين واعتبارها “مقاطعة إيرانية” في إهانة الإرهاب اللفظي الذي لا يقلّ خطوة عن الممارسات الإرهابية الأخرى، من قبيل الاستثمار في الميليشيات الطائفية والإرهاب المسلّح والتآمر على أمن دول ذات سيادة والتدخّل في شؤونها.
ولم يعد هناك شكّ في أن الميليشيات الشيعية استقوت بالتخفّي خلف الاهتمام المسلّط على التنظيمات الإرهابية السنّية، وبالأساس تنظيم داعش، مشيرين إلى أن لا فرق بين الجماعات المتشددة السنية والميليشيات الطائفية الشيعية المدعومة من إيران، فلئن اختلفت تختلف الطوائف، فالإرهاب واحد.
وهذا التشابك يلخّصه عنوان ندوة “داعش والمجموعات الإرهابية الأخرى، استعراض أهمّ المجاميع الإرهابية في العراق وسوريا ولبنان واليمن وامتداداتها في الدول العربية الأخرى”، التي نظمها مركز جنيف الدولي للعدالة بالتعاون مع المنظمة الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري وعدّة منظمات أخرى، ندوة بمقر الأمم المتحدة بجنيف ضمن فعاليات الدورة 31 لمجلس حقوق الإنسان.
وتركّزت الندوة في جزء منها على دور إيران في تصدير الإرهاب إلى الدول المجاورة ومسؤولية المجتمع الدولي تجاه ذلك. وتحدّث في هذا الموضوع طاهر بومدرة، ممثل الأمم المتحدّة السابق في العراق والمسؤول عن ملف حقوق الإنسان فيه، مشيرا إلى أن الوضع أصبح تحدّيا كبيرا للأمم المتحدة. ففي اليمن ولبنان وسوريا ونيجيريا، وغيرها نرى أن هناك مساعي حثيثة من جهات مرتبطة وممولة من طهران لبسط الهيمنة الإيرانية على هذه الدول طبقا لولاية الفقيه التي ينصّ عليها الدستور الإيراني.
واعتبر بومدرة أن دستور الجمهورية الإسلامية لا يؤهل إيران لتكون عضوا في الأمم المتحدّة، فهو يقنّن التوسع الإيراني في المنطقة من خلال ولاية الفقيه، وهذا ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة. وشرح بومدرة كيف ساهمت إيران في إنشاء الميليشيات في العراق، ويتعرض لتجاوزات هذه الميليشيات الشيعية الموالية لإيران وانتهاكاتها لحقوق الإنسان في العراق كما في دول عربية.
وقال بومدرة إن إيران تشترك مع الولايات المتحدّة في صناعة القرار في العراق، ثم أضاف، مقدّما شهادته باعتباره مسؤولا أمميا يشرف على ملف حقوق الإنسان في العراق، أن الولايات المتحدّة تحاول تبرير ما قامت به في العراق بالإدعاء أنها أنشأت دولة تحترم سيادة القانون والديمقراطية في الوقت الذي يمارس فيه أتباع إيران الذين تسلموا أمر البلاد، أبشع الانتهاكات.
وانتقد بومدرة عمل الأمم المتحدة في العراق قائلا إن هذه المنظمة الدولية تفتقد للمصداقية، وهناك حاجة ملحة لإصلاح جدي وجذري لها. وكشف عن أن “تقارير بعثة الأمم المتحدة في العراق لا تصدر إلا بعد أن ترسل إلى الحكومة العراقية. كذلك هناك حاجة إلى موافقة السلطات على أي تنقل داخل البلاد، وهذا ينطبق على كل المنظمات في العراق”.
وانتقاد مماثل وجّهه سترون ستيفنسون، وهو عضو سابق في البرلمان الأوربي، وكان المسؤول عن بعثة البرلمان الخاصّة بالعراق، ويشغل حاليا منصب رئيس الجمعية الأوربية لحرية العراق ومقرها بروكسل، مشيرا إلى أن مواقف العالم الغربي من طهران ساعدت على استمرارها في سياسة عدم احترام جيرانها والتعالي عن الالتزامات الدولية. ووصف إيران بأنها “أكبر مصدر للإرهاب، وينبغي أن تُعاقب على ذلك”.
وقال ستيفنسون إن إيران تستخدم ذريعة الإرهاب للتدخل في المنطقة من خلال أذرعها المتمثلة بالميليشيات الموالية لها في العراق وحزب الله في لبنان وميليشيا الحوثي في اليمن. وهذه الأخيرة محور كلمة الممثل الدائم السابق لليمن في الأمم المتحدّة، إبراهيم العطوفي الذي شرح كيف ترعرعت ميليشا الحوثي جراء الدعم الإيراني.
ويرى العطوفي أن جميع الميليشيات سواء كانت تسمّى داعش أو الحوثي أو بوكو حرام أو القاعدة، هي مجموعات ترتكب جرائم ضد الإنسانية ويجب أن تُعامل على قدم المساواة من قبل الأمم المتحدّة والمجتمع الدولي. وشدّد على أنه لا يمكن تحقيق السلام في اليمن إلاّ بتجريد الميليشيات من السلاح والضغط لتفعيل القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ووقف كافة الأعمال الإرهابيّة التي تمارسها الجماعات المسلّحة.
واعتبر أن ميليشيا الحوثي هي من الحركات الأصولية التي تعتمد الكراهية السياسية والدينية أساسا لخطابها. وتطرّق إلى الدور التخريبي الذي لعبه الحوثيون في اليمن والذي قوّض السلم الأهلي، مبينا أنه بعد التوصل إلى اتفاقيّة الانتقال السلمي للسلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنيّة عبر المفاوضات والحوار السلمي بين مختلف الأطراف بما في ذلك الحوثيين، والتي خلصت إلى صياغة مؤسسة جديدة في البلاد، انقلب الحوثيوّن على ذلك وانهوا الشراكة القائمة، عبر الانقلاب على الشرعية الحاكمة في سبتمبر 2014 حين دخل أفراد هذه الميليشيات العاصمة صنعاء بالقوّة، وسيطروا على المقدّرات في البلاد.
لكن، وبعد حوالي سنتين من إثارة الفوضى والصراع المدمر في البلاد، والذي فرض أول تدخل عسكري عربي في هذا القرن، ممثلا في عاصفة الحزم التي قادتها السعودية في اليمن، أعلنت جماعة عن استسلامها والتزامها بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216، ويعد ذلك خطوة أرجعها وزير الإعلام اليمني محمد القباطي إلى “عجز طهران عن مساعدتهم ماديا”.
وأدار الندوة الخبير الفرنسي في مجال حقوق الإنسان جيان فرانكو، الذي افتتح الندوة بالقول “منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر والعالم يواجه شكلا جديدا من الحرب من قبل مجموعات تستخدم العمل الإرهابي كتكتيك يهدف إلى زعزعة الاستقرار في العالم الإسلامي وفرض أنظمة جديدة بدلا من الأنظمة القائمة؛ وقد ارتفع هذا التهديد بعد الغزو الأميركي للعراق”.
وأكدّ فرانكو أن الإرهاب يمثّل “تحديا جديدا للدبلوماسية وخاصة في ما يتعلّق بكيفية التعامل مع الفاعلين الذين لا يريدون الظهور والجلوس على طاولة المفاوضات، ولذلك يصعب وضع حدّ لحالة العنف والفوضى”، وقد لخص تدخل صباح المختار، الخبير القانوني الدولي ورئيس جمعية “المحامون العرب في المملكة المتحدة”، الوضع حين قال “الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية أدت إلى تصاعد أنواع جديدة من التنظيمات الإرهابية تحت ذريعة محاربة داعش”، مؤكدا “أن الحل يجب أن يكون بمكافحة كل هذه التنظيمات وكل الأعمال الإرهابية بغض النظر عن جنسية أو ديانة أو طائفة مرتكبيها”.
ندوة في جنيف.. لا فرق بين إرهاب شيعي وإرهاب سني الاتحاد برس.