الوجه الآخر للسيطرة على تدمر: الأسد أفنى جنوده


مراد القوتلي - خاص السورية نت

استعادت قوات نظام بشار الأسد، أمس الأحد، السيطرة على مدينة تدمر شرق حمص بعد معارك مع تنظيم "الدولة الإسلامية" بمساندة واسعة من الطيران الروسي، والميليشيات الأجنبية، وبعد حشد عسكري كبير تمثل في استقدام النظام تعزيزات عسكرية من مختلف المناطق التي ما يزال يسيطر عليها في سورية.

وفي الوقت الذي يحاول فيه النظام استغلال سيطرته على المدينة الأثرية سياسياً وإعلامياً، تتهافت أسماء قتلى قواته بمعارك تدمر باستمرار، وهي في تصاعد مستمر حيث تنشر صفحات موالية للنظام على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" صورهم وأسمائهم.

وعلمت "السورية نت" أن معظم القتلى في معركة تدمر هم من أبناء المدن الساحلية التي يعتبرها النظام "صمام الأمان"، وعلى وجه التحديد من طرطوس، وذكرت مصادر محلية أن هذه الخسائر الكبيرة في تدمر ستنقل حالة الاستياء الحاصلة في حمص جراء الخسائر البشرية الكبيرة إلى منطقة الساحل.

وعلى الرغم من التكتم الإعلامي الكبير للنظام حول أعداد قتلاه في تدمر، إلا أن الصفحات الموالية وبينها صفحة "صوت حمص الأخبارية الميدانية" نشرت قائمة فيها أسماء لـ 48 جندياً، و11 من كبار الضباط الذي لقوا مصرعهم خلال المعارك مع التنظيم، وهذه الإحصائية لا تشمل أعداد قتلى الميليشيات الأجنبية. كما أن وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم نشرت بعد صدور قائمة الأسماء على الصفحات الموالية، أنها قتلت 30 شخصاً من قوات النظام والميليشيات المساندة له في تفجير استهدف هذه القوات على أطراف مطار تدمر.

ويرجح مراسل "السورية نت" في حمص، يعرب الدالي، أن يكون العدد أكبر من ذلك بكثير، نظراً للاستنزاف البشري الذي أصاب قوات النظام إثر الطرق التي ابتعها التنظيم في الهجوم وصد الهجوم، مشيراً أنه حصل على معلومات تفيد بوقوع 50 عنصراً من قوات النظام أسرى بيد مقاتلي التنظيم جرى نقلهم إلى الرقة.

أساليب التنظيم

واتبع التنظيم في مواجهة النظام خلال الأيام التي دارت فيها المعارك بتدمر، أساليب سريعة وخاطفة للهجوم على النظام، ومنها لجوء مقاتلي التنظيم إلى العمليات الانغماسية، وتفجير المفخخات في مناطق يتواجد فيها حشود عسكرية للنظام، كما علمت "السورية نت" أن التنظيم استخدم الأنفاق في ضرب قوات النظام.

وزاد من خسائر قوات النظام الهجمات التي كان يشنها مقاتلو التنظيم خلال الليل، مستفيدين بذلك من كون المناطق التي تشهد المعارك مفتوحة المساحة، ونظراً لبقاء التنظيم لفترة طويلة في المناطق الجبلية الصحراوية، فإن ذلك مكنه من معرفة طبيعة المنطقة وتنفيذ عمليات هجومية ودفاعية.

وفي إحدى الهجمات التي شنها التنظيم خلال معارك قلعة تدمر، انفجرت 3 مفخخات في تجمع لقوات النظام والميليشيات المرافقة لها فأردتهم قتلى، ويشير الصحفي "وائل إمام" الخبير والمهتم بتحركات التنظيم إلى خسائر النظام، وقال: "الثمن الباهظ الذي دفعته نخبة قوات الاسد لدخول تدمر سيجعلهم يفكرون كثيراً قبل أي محاولة للتقدم مجدداً نحو السخنة والغرق برمال بادية الشام".

وتكشف التعزيزات المتلاحقة التي استقدمها النظام حجم الخسارة في قواته، إذ استمر وصول المقاتلين باستمرار إلى تدمر حتى أن النظام سحب عناصر كانت مهمتها منحصرة في إدارة الحواجز العسكرية داخل المدن خصوصاً الساحلية منها.

وتعيد الخسائر الحالية للنظام في تدمر، خسائره السابقة في المعارك التي اندلعت مؤخراً بريف حلب الشمالي، والتي سلطت "السورية نت" الضوء عليها في تقرير سابق استناداً إلى شهادة عسكريين أفادوا بمقتل 180 عنصراً للنظام، بنهم 24 من "الحرس الثوري" و15 مقاتلاً من ميليشيا "حزب الله"، وذكرت حينها مصادر عسكرية من "الفرقة الأولى الساحلية" بريف اللاذقية، أنه خلال المواجهات التي سبقت سيطرة النظام عل بلدة سلمى قتل خلال 94 يوماً ما لا يقل عن 600 مقاتل من قوات النظام والميليشيات المساندة لها.

في حين خسر النظام مقابل السيطرة على الشيخ مسكين بريف درعا أكثر من 900 عنصر بينهم نحو 400 عنصر أجنبي ونحو 20 ضابطاً بينهم ضابط إيراني بالإضافة إلى عشرات من الجرحى، وفقاً لما أكدته مؤسسة شاهد الإعلامية المعنية برصد مجريات المعارك في الجنوب السوري.

ترويج المكاسب

أمام هذه الخسائر يبدو أن الأسد يستغل معركة تدمر لتحقيق مكسب سياسي، عبر طرح نفسه وقواته على أنها تقاتل الإرهاب في سورية، لكن معارضين للنظام يتحدثون باستمرار عن تسليم النظام مدينة تدمر سابقاً لـ"تنظيم الدولة"، رابطين بين استرجاعها حالياً والتفجيرات التي تضرب أوروبا سيما الأخيرة في بروكسل.

وقال المعارض السوري وعضو وفد المعارضة في جنيف في تصريحات لصحيفة "الحياة": "العام الماضي تراجع النظام السوري من مدينة تدمر أمام التنظيم، حتى وصل إلى مشارف دمشق وحمص، إذ سلمها بيده، والآن يحاول بالتعاون مع التنظيم التسويق لنفسه كمحارب للإرهاب من خلال إعلانه السيطرة على المنطقة".

ويبدو أن النظام يحاول استخدام استعادته لتدمر كورقة أمام المجتمع الدولي، خصوصاً مع استئناف مفاوضات جنيف المقبلة في أبريل/ نيسان القادم، حيث ستتجه المفاوضات إلى بحث مصيره في السلطة هو ما يخشاه. وقال معارضون إن "إعلان النظام أمس سيطرته على مدينة تدمر ما هو إلا خطة تسويقية يتفاخر بها أمام المجتمع الدولي كمحارب للإرهاب، وهي جاءت بعد خسارته المعنوية في جولة المفاوضات الأخيرة في جنيف".

المعارك الحالية

وحالياً تدور معارك بين مقاتلي التنظيم وقوات النظام المدعومة بالميليشيات بريف حمص الشرقي، وذكرت وكالة "أعماق" أن مقاتلي التنظيم اقتحموا اليوم كتيبة دبابات "المهجورة" شمال غرب مطار التيفور، وتمكنوا من السيطرة عليها، إضافة إلى استحواذهم على حاجز عسكري مجاور لها.

وذكرت الوكالة أن التنظيم قتل 23 عنصراً من قوات النظام خلال الهجوم، فيما استولى على قاعدة إطلاق صواريخ، ورشاشات ثقيلة، وصواريخ مضادة للدروع، وكميات من الذخائر، وذلك قبل أن ينسحبوا.