محللان: الحريري لن يلتقِ نصر الله لإنهاء الفراغ السياسي بلبنان


يرى محللان سياسيان لبنانيان أن إعلان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري استعداده للقاء أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله لن يؤدي إلى لقاء قريب بين الخصمين اللذين يعدان الأكثر تمثيلاً لسنّة وشيعة لبنان.

واستبعد المحللان حصول ذلك قبل انتخاب رئيس جديد للبلاد. كما أوضح المحللان والكاتبان الصحافيان، في حديثين منفصلين، أن إعلان الحريري هذا يمثل مبادرة منه لحل الأزمات السياسية التي تعاني منها البلاد، لكنه ربط ذلك بخطوات بناء ثقة أولها انتخاب رئيس جديد للبلاد، وهو الأمر الذي يمثل نقطة الخلاف الأساسية بين الحريري، رئيس تيار المستقبل الأكثر تمثيلاً لسنة لبنان، ونصر الله الأكثر تمثيلاً لشيعة لبنان والمرتبط بإيران. 

وكان الحريري أعلن في وقت سابق في مقابلة مع محطة تلفزيونية محلية استعداده للقاء نصرالله لما فيه مصلحة لبنان، داعياً خصمه السياسي وأمين عام "حزب الله" إلى "العودة إلى لبنان"، في إشارة إلى إنهاء تورطه العسكري في القتال إلى جانب نظام الأسد في سورية، وكذلك الحوثيين في اليمن والحرس الثوري الإيراني في العراق. 

وأدى انخراط "حزب الله" في القتال إلى جانب المصالح الإيرانية في سورية والعراق واليمن إلى تصنيفه "منظمة إرهابية" من قبل دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية التي أوقفت مساعداتها العسكرية للجيش اللبناني اعتراضاً على هيمنة "حزب الله" على القرار السياسي.

واعتبر استعداد الحريري، المدعوم سعودياً، للقاء "نصرالله"، خرقاً في الجمود السياسي الذي تشهده البلاد والذي أدى إلى فراغ رئاسي مستمر منذ 25 مايو/أيار 2014. 

وقال المحلل السياسي ابراهيم بيرم، القريب من "حزب الله"، إن "الحريري بعث عدة رسائل إلى حزب الله أنه عاد إلى لبنان (في 14 فبراير/شباط الماضي بعد منفى طوعي استمر منذ 2011) ليفتح مرحلة جديدة. هو أبلغهم (قيادة حزب الله) رسمياً بذلك". 

ورأى بيرم أنه نتيجة ذلك فإن "ما قاله الحريري (استعداده للقاء نصرالله) أتى تتويجاً لذلك". 

لكن بيرم قال إنه "لن يكون هناك تجاوب من الحزب"، مشيراً إلى أن الحزب يرى أن "العرض الذي قدمه الحريري هو عرض فارغ من مضمونه لأنه يبدو وكأنه يرسم شروطه كمنتصر وذلك تجاهل لموازين القوى الراجحة لصالح الحزب ومحوره الإقليمي". 

وأضاف "هو عرض واضح لكنه غير مقبول لأن الحريري يعتبر أن هناك تعادل بينه وبين نصرالله بينما الواقع أنه مهزوم وحزب الله منتصر، هذا ما يراه الحزب"، مشيراً إلى أن الحزب لن يقبل أن يفرض الحريري انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً، بينما مرشح الحزب الرسمي هو زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون. 

وشدد على أن "حزب الله الذي يخوض معركة إقليمية وصل فيها إلى اليمن لن يقبل بهذه الشروط والبداية تكون بانتخاب عون رئيساً". 

وأوضح أنه "بالنسبة لحزب الله فقد عاد الحريري إلى لبنان مفلساً مالياً وسياسياً بعد فشل رهاناته الإقليمية خصوصاً في سورية، وهو يعيد التواصل مع السنة المحسوبين على حزب الله، بل ويذهب إلى حد اعتبار أن رئيس مجلس النواب نبيه بري (حليف نصرالله) هو حليفه بينما عندما تحين ساعة الحسم أو الحقيقة فإن بري سيساند قرارات حزب الله". 

وقال بيرم، رداً على سؤال حول جدية الحريري من خلال تمايزه عن مواقف السعودية لصالح المصالحة الداخلية اللبنانية، إن الحزب لا يرى الأمر بهذه الطريقة. 

وأضاف "يعتقد الحزب أن الحريري لا يفعل ذلك كخدمة للحزب، بل لأنه (الحريري) أساساً لا يستطيع تقديم شيء للسعودية في الداخل اللبناني وغير قادر على المواجهة مع الحزب كما تريد الرياض". 

ورأى أن الحريري حين دعا نصرالله إلى العودة إلى لبنان "فهذه دعوة إلى تسوية عنوانها العريض أن الداخل هو الأولوية"، لكن "الاستجابة للدعوة التي أطلقها دونها اعتبارات كبيرة أولها أن نصرالله الذي يكبّر دوره الإقليمي لن يعود إلى الداخل وبالتالي لن يقبل دعوة كهذه لإعادة تحجيم دوره".

وأضاف انه مع ذلك "سيبقى الحزب متمسكاً بالأطر الثلاثة الحالية للحوار مع المستقبل، وهي الحوار الثنائي، والحوار الوطني الشامل، بالإضافة إلى التمسك بالحكومة". 

لكن بيرم أكد أنه "بالنسبة لحزب الله فإن أي تسوية بشروط 2005 أي تحالف رباعي (يضم بري – الحريري – نصرالله والزعيم الدرزي وليد جنبلاط) ليست مقبولة إطلاقاً، وكذلك أي تسوية بشروط مايو/أيار 2008 أي اتفاق الدوحة، والإتيان برئيس وسطي مثل ميشال سليمان ينقلب ضد الحزب لاحقاً لن يتكرر أبداً". 

وشدد على أن "حزب الله ينتظر وضوح صورة الوضع في المنطقة وسورية ليفرض شروط تسويته. وقيادته ترى أن صمود الحزب وتعنته الداخلي سيجعل الحريري يتنازل. باختصار يتصرف الحزب على ان المستقبل لنا وليس لهم (خصومه)". 

من جهته، يقدم المحلل السياسي أحمد عياش، القريب من قوى 14 آذار، قراءة مختلفة للوقائع وإن كان يتفق مع بيرم في أن إعلان الحريري المشار إليه لن يؤدي إلى لقاء قريب بينه ونصرالله. 

وقال عياش "في قراء هادئة، إذا وضعنا هذه الرغبة التي أبداها الحريري بلقاء أمين عام "حزب الله"، فهو ربطها بوجود مصلحة للبنان وما أسماه "خطوات بناء ثقة"، وتحدث تحديداً عن انتخاب رئيس للجمهورية كأهم إجراءات بناء الثقة وأولها قبل أي لقاء". 

وأضاف أن "فكرة اللقاء مثيرة لكنه لن يحصل في إطار معزول عن المعطيات المحيطة لا سيما قبل الاستجابة لاندفاعة الحريري باتجاه انتخاب رئيس للبلاد". 

واستبعد ذلك لأن "إيران لا تؤجل انتخاب رئيس لأنها تريد مرشحاً ثالثاً بل في الحقيقة هي لا تريد حالياً أي انتخابات رئاسية". 

ولفت إلى أن الحريري "أعطى أكثر من إشارة عن تمايزه عن الموقف السعودي لا سيما حين بدا وكأنه يناقش ما قاله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حين قال إن حزب الله يهيمن على القرار في لبنان، فكان رد الحريري وتوضيحه بأن حزب الله لا يهيمن على القرار اللبناني بل هو عنصر سلبي يملك بل ويفرض الفيتو على القرارات". 

وأشار إلى أن الحريري تمايز أيضاً في "إشادته بالمحكمة العسكرية" التي لطالما انتقدتها السعودية واتهمتها بالانحياز لـ"حزب الله". 

لكن عياش شدد على أن ذلك "لا يعني إطلاقاً فراقاً بين الحريري والسعودية. فعلاقتهما ممتازة، وهو يثبت أقدامه في لبنان كسياسي محنّك وليس بصفته بوقاً لما يصدر عن الرياض وهذا من مصلحة السعودية والحريري أيضاً". 

وأضاف "لا تحتاج السعودية إلى أبواق في بيروت بل إلى سياسيين يتمتعون بحيثية وهذا ما يقوم به الحريري الآن على خطى والده الشهيد رفيق الحريري". 

وقال "هذه المبادرة من قبل الحريري هي تعبير عن حسن نوايا لكن أعتقد أن الحزب سيتريث في الرد عليها، وهو محرج إزاء هذا الضغط المعنوي وقوة المنطقة التي يبديها الحريري". 

وأوضح أن "قيادة حزب الله غير مرتاحة لأداء الحريري لكن ليس من منطلق العداء له بل لأن قوة المنطق التي يحاجج بها وسياسة المد الممدودة لا تعطيهم نافذة للمناورة، كما أن تمايز الحريري عن السعودية بات يضعهم أمام تحد وهو ضرورة إبراز أنهم هم أيضاً لا يتلقون أوامرهم من إيران فيما خص لبنان كما يقول نصرالله دائماً". 

ورأى عياش أن "حزب الله" الآن "في مرحلة تأمل وتقدير موقف وأعتقد أن مفتاح اي لقاء بين الرجلين هو انتخاب رئيس للجمهورية".