أيباك وإسرائيل في ظل وضع جيوسياسي جديد
3 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016
واشنطن – انطلقت فعاليات المؤتمر السنوي للجنة الشؤون الأميركية الإسرائيلية والتي تعرف باسم “أيباك” قبل أيام بمهرجان خطابي من قبل جميع المرشّحين المتنافسين على منصب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية.
تسابقوا بإظهار الولاء والالتزام بمصالح إسرائيل وأمنها، واعدين أنصار هذا اللوبي اليميني بتمزيق الاتفاق الإيراني النووي، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس “عاصمة إسرائيل التاريخية”، ومحاربة الإسلام المتطرف الذي اعتبره الكثير، وخاصة من مرشحي الحزب الجمهوري، العدو الأكبر لأميركا وإسرائيل مؤكدين على أن إسرائيل هي الدولة القومية ليهود العالم.
ولكن يبدو أن هذا التنافس على إرضاء إسرائيل يواجه تحديات كبيرة وخاصة أمام الدراسات واستطلاعات الرأي الأخيرة التي خرجت مؤخراً عن الواقع الاجتماعي في الداخل الإسرائيلي و مقارنته مع يهود أميركا. مما يجعل من يهودية الدولة عثرة كبيرة أمام ساسة اليمين المتطرف في كل من إسرائيل و أميركا.
مركز “بيو للأبحاث” أصدر مؤخراً دراسة جديدة عن المجتمع الإسرائيلي تحت عنوان “المجتمع الإسرائيلي المنقسم دينيا- فجوات عميقة بين اليهود أنفسهم وبين اليهود والعرب فيما يتعلق بالقيم السياسية ودور الدين في الحياة العامة”. تعتبر هذه الدراسة هي الأكبر من نوعها، حيث أن عدد المستطلعين، والذي زاد عن أكثر من خمسة آلاف شخص من داخل إسرائيل، من فئة عمر الثامنة عشرة و ما فوق، ومن مختلف الفئات الدينية والسياسية والعرقية ما بين يهود شرقيين وغربيين وعرب مسلمين ومسيحيين ودروز.
يمكننا من خلال هذه الدراسة رصد التحولات الجارية في الذهنية اليهودية سواء في إسرائيل أو أميركا، وكيفية تناولها للمتغيرات الجارية من حول إسرائيل جيوسياسياً. وقد استغرق إعداد الدراسة أكثر من ستة أشهر وضمّت معلومات تتعلق بقضايا الدين والمجتمع والسياسة، لمناقشة موضوع السلام وحلّ الدولتين والعنصرية والتمييز على أساس الجنس، بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية والمعيشية.
نيها ساجال الباحثة الأولى وكاتبة التقرير قالت لـ”العرب” إن الهدف من هذه الدراسة “الغوص في عمق المجتمع الإسرائيلي، وفهم قضاياه الرئيسية كدور الدين والسياسة”. مضيفة أن هذه الدراسة “تعد الأكبر من نوعها، كونها ضمت اليهود في كلّ من إسرائيل وأميركا، والذين يشكلون ما يقارب 80 بالمئة من عدد يهود العالم”.
البروفيسور شبلي التلحمي أستاذ كرسي أنور السادات للسلام والتنمية في جامعة (ميرلاند) يقول لـ(العرب) إنه (يوجد تشاؤم كبير حيال حل الدولتين على الصعيد الإسرائيلي، وأن الجمهور العربي داخل إسرائيل والجمهور اليهودي فقدا الثقة بهذا الحل)
استخلصت الدراسة أن معظم اليهود في إسرائيل يرون أن دولتهم هي دولة يهودية القومية وديمقراطية في نفس الوقت. ولكن لعرب إسرائيل وجهة نظر أخرى، فهم لا يرون أيّ إمكانية لإسرائيل في أن تكون يهودية وديمقراطية في نفس الوقت.
يتضح أن المجتمع الإسرائيلي يعاني من التمييز على أساس العرق والدين وحتى الجنس. ويعتقد حوالي 8 من كل 10 أشخاص من عرب إسرائيل (79 بالمئة) بأن هناك تمييزاً عنصرياً كبيراً في المجتمع الإسرائيلي ضد المسلمين الذين يشكلون إلى حد كبير الأقلية الدينية. أما رأي اليهود فمعاكس تماماً، فالأغلبية الساحقة (74 بالمئة) منهم تقول بأنهم لا يشهدون الكثير من حالات التمييز العنصري ضد المسلمين في إسرائيل.
وأوضح مركز “بيو” أن الرأي العام في الوسط اليهودي منقسم حول ما إذا كان ممكناً لإسرائيل أن تكون وطن اليهود وفي نفس الوقت تستوعب الأقلية العربية بمختلف أديانها وطوائفها. بينما يرى نصف اليهود الإسرائيليين تقريباً بأنه يجب طرد كل العرب أو ترحيلهم من إسرائيل، بينما واحد من كل خمسة يهود بالغين يوافق بشدة على هذا الرأي.
أوضحت الاستطلاعات أيضاً أن أكثر من 48 بالمئة من جميع اليهود الإسرائيليين يتفقون على طرد العرب أو نقلهم من “دولة” إسرائيل. في المقابل فإن 46 بالمئة لم يتوقفوا عند ذلك. و تظهر الدراسة أن 71 بالمئة من اليهود المتدينين يكنّون العداء للعرب ويطالبون بطردهم من إسرائيل.
في قضية التعايش العربي-الإسرائيلي، لا يعتقد 86 بالمئة من اليهود المتطرفين دينياً أنه ممكن في مقابل فقط 26 بالمئة من اليسار أو العلمانيين الذين يعتقدون غير هذا، وهناك أغلبية ضئيلة بين اليهود (56 بالمئة) يعتقدون بأنه يمكن لدولة إسرائيل ولدولة فلسطينية مستقلة التعايش معاً بسلام.
ولكن الرأي السائد بين المجموعات الأخرى هو أن الحلّ السلمي المبني على أساس دولتين هو حلّ غير محتمل أبدا في هذه المرحلة.
انخفضت نسبة الإيمان بحلّ الدولتين بين العرب في إسرائيل في السنوات الماضية، حيث كانت النسبة في العام 2013 هي 74 بالمئة، لتصل إلى نسبة 50 بالمئة بين عامي 2014-2015. وتعد هذه القضية متغيرة ومتعلقة بالوضع السياسي والأمني في الداخل الإسرائيلي والمنطقة بشكل عام.
البروفيسور شبلي التلحمي أستاذ كرسي أنور السادات للسلام والتنمية في جامعة “ميرلاند” قال لـ”العرب” إنه “يوجد تشاؤم كبير لحلّ الدولتين على الصعيد الإسرائيلي وأن الجمهور العربي داخل إسرائيل والجمهور اليهودي فقدا الثقة بهذا الحل”.
وأضاف أن هذا لا يعني أنهم لا يريدون الحلّ، ولكن لا توجد ثقة بإمكانية تطبيق هذا المشروع، “بسبب عدم وجود النية الحقيقة لدى حكومة نتنياهو وكذلك لدى السلطة الفلسطينية على حد سواء”. عدم الثقة هذا يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث أن كلّ أربعة من عشرة من اليهود لا يعتقدون أن الحكومة الإسرائيلية صادقة في مساعيها للحل.
يرى التلحمي أن هناك انقساماً كبيراً حول هذه القضية وأنه يوجد عدد كبير من اليهود المتطرفين في الطبقة الحاكمة حالياً التي لا تؤمن بحل الدولتين وتعتبر الضفة الغربية وغزة جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل.
ومن ناحية أخرى فإن العرب في إسرائيل لا يريدون حل الدولتين، لأنهم يعتقدون أنهم سيندرجون تحت ما يسمي بالأقليات العربية في الدولة اليهودية وهم يطالبون بالمساواة الكاملة.
يتأثر حل الدولتين بحسب الدراسة أيضا بموقف الولايات المتحدة ودعمها لإسرائيل. إذ يميل اليهود الإسرائيليون إلى تقييم مستوى دعم أميركا لإسرائيل على أنه غير كاف. وحوالي النصف يقولون إن واشنطن لا تدعم إسرائيل بما فيه الكفاية. عرب إسرائيل لديهم وجهة نظر مختلفة كثيرا، فالأغلبية ترى أن الولايات المتحدة منحازة للطرف الإسرائيلي على حساب العرب.
وفي ما يتعلق بقضية المستوطنات، يتّضح أن غالبية من اليهود، نسبتها 42 بالمئة تعتقد بأن المستوطنات في الضفة الغربية إنما تعزز أمن إسرائيل. بينما 30 بالمئة لا يوافقون ويعتقدون أن هذا يضر بأمن إسرائيل. تتباين وجهات النظر بين اليهود الإسرائيليين فيما يتعلق ببناء المستوطنات اليهودية، وخاصة في الضفة الغربية، التي لا تزال مصدراً لجدل دولي وقضية هامة لفقد الثقة من جانب العرب في جدية حكومة نتنياهو في إبرام اتفاق حل الدولتين. ويعيش حالياً حوالي 4 بالمئة من اليهود الإسرائيليين في الضفة الغربية.
ويُعتبر اليهود الأميركيون أكثر تفاؤلاً من يهود إسرائيل في ما يتعلق بإمكانية تحقيق السلام على أساس حلّ الدولتين، ويرفض يهود أميركا وجود المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهذا ما يتناقض كليا مع وجهة نظر يهود إسرائيل.
الرأي العام في الوسط اليهودي منقسم حول ما إذا كان ممكنا لإسرائيل أن تكون وطن اليهود وفي نفس الوقت تستوعب الأقلية العربية بمختلف أديانها وطوائفها. بينما يرى نصف اليهود الإسرائيليين تقريبا بأنه يجب طرد كل العرب أو ترحيلهم من إسرائيل، بينما واحد من كل خمسة يهود بالغين يوافق بشدة على هذا الرأي
يأتي عنوان “بورتريه اليهود الأميركان” ليقول إن العلاقة بين يهود إسرائيل وأميركا كبيرة ووثيقة، ولكن تشوبها الخلافات، حيث يعدّ يهود إسرائيل أكثر التزاماً بالتعاليم الدينية مقارنة بيهود الولايات المتحدة. وعلى الصعيد السياسي، يُعتبر اليهود الأميركان أكثر تفاؤلاً من يهود إسرائيل في ما يتعلق في قضية السلام والتعايش وحلّ الدولتين.
التوتر الكبير بين الرئيسين أوباما ونتنياهو، والذي اتخذ منحى شخصياً، انعكس هذا على الداخل الإسرائيلي. ورغم اعتبار بعض الساسة الأميركان أن هذه القضية آنية ولن تشكل خطرا كبيراً على العلاقة التاريخية بين الدولتين، وأنها ستزول في حال انتخاب إدارة جديدة، إلا أن هذا يخالف ما يراه بعض الخبراء.
يقول التلحمي إن القضية ليست مقتصرة على “التغير الديمغرافي الذي يحصل في المجتمع اليهودي في أميركا، ولكن الخلاف يكمن في تعريف الفئات اليهودية لمفهوم الدعم الأميركي لإسرائيل”. ويرى أن اليهود الديمقراطيين وهم ليبراليون يؤمنون بالمساواة، ويؤيدون الرئيس أوباما في خلافه مع حكومة نتنياهو، ولديهم تفسيرهم لدور الدين والدولة وهو مخالف تماماً للتفسير اليهودي في الداخل الإسرائيلي. لذلك فإنه إذا ما فشل حل الدولتين وفرض خيار إما يهودية الدولة أو ديمقراطية الدولة، فإن أغلبية اليهود في الولايات المتحدة ستختار الديمقراطية عن اليهودية.
أما اليهود السفارديم، وهم من أصول شرقية، فهم أكثر تديناً من غيرهم كما برهنت دراسة مركز “بيو”، وعُلّل هذا بالصلة التاريخية والجغرافية بالبيئة التي إما أنهم قد جاؤوا منها أو تربّوا فيها. ويقول التلحمي في ما يتعلق بموضوع الهوية ومن خلال نتائج استطلاعات كثيرة قام بها هو سابقاً إن “ثلثي الإسرائيليين يعرّفون أنفسهم عل أساس الدين وليس الجنسية. وهذا أيضا ملاحظ عند الطرف العربي الذي يعرّف نفسه إما على أساس الدين أو العروبة”.
مؤكدا أنه يوجد انقسام حول موضوع الهوية. اليهودي يختار يهوديته على إسرائيليته والعربي المسيحي في الداخل الإسرائيلي يختار عروبته قبل فلسطينيته والمسلم العربي يختار الإسلام كهوية.
وقد لوحظ ازدياد في مفهوم الهوية الإسلامية في السنوات العشر الأخيرة، وذلك بسبب انهيار الثقة بالحكومات وانهيار الحكم في العراق، وقد تصاعد التمسك بالهوية الإسلامية بعد أحداث 11 سبتمبر، ومعها بدأ تصنيف الكثير من عرب الداخل الإسرائيلي وفلسطين لهذه الأحداث على أنها حرب على الإسلام.
تؤكد نيها ساجال لـ”العرب” أن خلافاً في الرأي يبرز بين اليهود والعرب حول قضايا التمييز فيرى 21 بالمئة من اليهود نفس المستوى من التمييز ضد المسلمين، وأن العرب هم أيضا أكثر عرضة من اليهود لرؤية التمييز ضد العديد من المجموعات الأخرى في المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك النساء واليهود الإثيوبيين والمثليين.
فقط 4 من أصل 10 من يهود في إسرائيل يهتمون بالمشاكل الاقتصادية بحسب استطلاع “بيو” وهم معنيون أكثر بقضايا الأمن و الإرهاب ويعتبرونها أكبر المشاكل التي تواجه المواطن الإسرائيلي. أما الطرف العربي فيعطي المشاكل الاقتصادية الأولوية. ففي العام 2013 أوضح استطلاع للراي ضمن اليهود، أن 1 بالمئة فقط يعتقدون أن هناك مشاكل اقتصادية، بينما يعتقد ثلثا الإسرائيليين أن الإرهاب والأمن قضيتهما الأولى.
موقع ميدل إيست أونلاين اعتبر أن مؤتمر أيباك لهذا العام “لم يختلف عنه في السنوات السابقة” فقد دخل المرشحون في سباق الرئاسة في سباق آخر أو “مزاد رخيص عيّروا فيه بعضهم بالحياد”.
ركزت أيباك على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتجاهلت المتغيرات من حول إسرائيل، على الرغم من أنها وزّعت على أعضاء الكونجرس الأميركي رسالة تتضمن تفاصيل عن التهديدات الأمنية التي تواجه إسرائيل، وما تحتاجه من مساعدات أمنية لمواجهة هذه التهديدات.
وقالت القناة السابعة الإسرائيلية إن الرسالة تتضمن قائمة التهديدات التي تواجهها إسرائيل وأوّلها التهديد الإيراني، الذي يشكل أكبر تهديد لوجود إسرائيل. وتشمل القائمة أيضا حزب الله في لبنان والجماعات المسلحة في سيناء، وأنفاق وصواريخ حماس في غزة، والنظام المضطرب في العراق وحالة عدم الاستقرار في المنطقة، وخاصة في سوريا.
واشنطن – انطلقت فعاليات المؤتمر السنوي للجنة الشؤون الأميركية الإسرائيلية والتي تعرف باسم “أيباك” قبل أيام بمهرجان خطابي من قبل جميع المرشّحين المتنافسين على منصب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية.
تسابقوا بإظهار الولاء والالتزام بمصالح إسرائيل وأمنها، واعدين أنصار هذا اللوبي اليميني بتمزيق الاتفاق الإيراني النووي، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس “عاصمة إسرائيل التاريخية”، ومحاربة الإسلام المتطرف الذي اعتبره الكثير، وخاصة من مرشحي الحزب الجمهوري، العدو الأكبر لأميركا وإسرائيل مؤكدين على أن إسرائيل هي الدولة القومية ليهود العالم.
ولكن يبدو أن هذا التنافس على إرضاء إسرائيل يواجه تحديات كبيرة وخاصة أمام الدراسات واستطلاعات الرأي الأخيرة التي خرجت مؤخراً عن الواقع الاجتماعي في الداخل الإسرائيلي و مقارنته مع يهود أميركا. مما يجعل من يهودية الدولة عثرة كبيرة أمام ساسة اليمين المتطرف في كل من إسرائيل و أميركا.
مركز “بيو للأبحاث” أصدر مؤخراً دراسة جديدة عن المجتمع الإسرائيلي تحت عنوان “المجتمع الإسرائيلي المنقسم دينيا- فجوات عميقة بين اليهود أنفسهم وبين اليهود والعرب فيما يتعلق بالقيم السياسية ودور الدين في الحياة العامة”. تعتبر هذه الدراسة هي الأكبر من نوعها، حيث أن عدد المستطلعين، والذي زاد عن أكثر من خمسة آلاف شخص من داخل إسرائيل، من فئة عمر الثامنة عشرة و ما فوق، ومن مختلف الفئات الدينية والسياسية والعرقية ما بين يهود شرقيين وغربيين وعرب مسلمين ومسيحيين ودروز.
يمكننا من خلال هذه الدراسة رصد التحولات الجارية في الذهنية اليهودية سواء في إسرائيل أو أميركا، وكيفية تناولها للمتغيرات الجارية من حول إسرائيل جيوسياسياً. وقد استغرق إعداد الدراسة أكثر من ستة أشهر وضمّت معلومات تتعلق بقضايا الدين والمجتمع والسياسة، لمناقشة موضوع السلام وحلّ الدولتين والعنصرية والتمييز على أساس الجنس، بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية والمعيشية.
نيها ساجال الباحثة الأولى وكاتبة التقرير قالت لـ”العرب” إن الهدف من هذه الدراسة “الغوص في عمق المجتمع الإسرائيلي، وفهم قضاياه الرئيسية كدور الدين والسياسة”. مضيفة أن هذه الدراسة “تعد الأكبر من نوعها، كونها ضمت اليهود في كلّ من إسرائيل وأميركا، والذين يشكلون ما يقارب 80 بالمئة من عدد يهود العالم”.
البروفيسور شبلي التلحمي أستاذ كرسي أنور السادات للسلام والتنمية في جامعة (ميرلاند) يقول لـ(العرب) إنه (يوجد تشاؤم كبير حيال حل الدولتين على الصعيد الإسرائيلي، وأن الجمهور العربي داخل إسرائيل والجمهور اليهودي فقدا الثقة بهذا الحل)
استخلصت الدراسة أن معظم اليهود في إسرائيل يرون أن دولتهم هي دولة يهودية القومية وديمقراطية في نفس الوقت. ولكن لعرب إسرائيل وجهة نظر أخرى، فهم لا يرون أيّ إمكانية لإسرائيل في أن تكون يهودية وديمقراطية في نفس الوقت.
يتضح أن المجتمع الإسرائيلي يعاني من التمييز على أساس العرق والدين وحتى الجنس. ويعتقد حوالي 8 من كل 10 أشخاص من عرب إسرائيل (79 بالمئة) بأن هناك تمييزاً عنصرياً كبيراً في المجتمع الإسرائيلي ضد المسلمين الذين يشكلون إلى حد كبير الأقلية الدينية. أما رأي اليهود فمعاكس تماماً، فالأغلبية الساحقة (74 بالمئة) منهم تقول بأنهم لا يشهدون الكثير من حالات التمييز العنصري ضد المسلمين في إسرائيل.
وأوضح مركز “بيو” أن الرأي العام في الوسط اليهودي منقسم حول ما إذا كان ممكناً لإسرائيل أن تكون وطن اليهود وفي نفس الوقت تستوعب الأقلية العربية بمختلف أديانها وطوائفها. بينما يرى نصف اليهود الإسرائيليين تقريباً بأنه يجب طرد كل العرب أو ترحيلهم من إسرائيل، بينما واحد من كل خمسة يهود بالغين يوافق بشدة على هذا الرأي.
أوضحت الاستطلاعات أيضاً أن أكثر من 48 بالمئة من جميع اليهود الإسرائيليين يتفقون على طرد العرب أو نقلهم من “دولة” إسرائيل. في المقابل فإن 46 بالمئة لم يتوقفوا عند ذلك. و تظهر الدراسة أن 71 بالمئة من اليهود المتدينين يكنّون العداء للعرب ويطالبون بطردهم من إسرائيل.
في قضية التعايش العربي-الإسرائيلي، لا يعتقد 86 بالمئة من اليهود المتطرفين دينياً أنه ممكن في مقابل فقط 26 بالمئة من اليسار أو العلمانيين الذين يعتقدون غير هذا، وهناك أغلبية ضئيلة بين اليهود (56 بالمئة) يعتقدون بأنه يمكن لدولة إسرائيل ولدولة فلسطينية مستقلة التعايش معاً بسلام.
ولكن الرأي السائد بين المجموعات الأخرى هو أن الحلّ السلمي المبني على أساس دولتين هو حلّ غير محتمل أبدا في هذه المرحلة.
انخفضت نسبة الإيمان بحلّ الدولتين بين العرب في إسرائيل في السنوات الماضية، حيث كانت النسبة في العام 2013 هي 74 بالمئة، لتصل إلى نسبة 50 بالمئة بين عامي 2014-2015. وتعد هذه القضية متغيرة ومتعلقة بالوضع السياسي والأمني في الداخل الإسرائيلي والمنطقة بشكل عام.
البروفيسور شبلي التلحمي أستاذ كرسي أنور السادات للسلام والتنمية في جامعة “ميرلاند” قال لـ”العرب” إنه “يوجد تشاؤم كبير لحلّ الدولتين على الصعيد الإسرائيلي وأن الجمهور العربي داخل إسرائيل والجمهور اليهودي فقدا الثقة بهذا الحل”.
وأضاف أن هذا لا يعني أنهم لا يريدون الحلّ، ولكن لا توجد ثقة بإمكانية تطبيق هذا المشروع، “بسبب عدم وجود النية الحقيقة لدى حكومة نتنياهو وكذلك لدى السلطة الفلسطينية على حد سواء”. عدم الثقة هذا يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث أن كلّ أربعة من عشرة من اليهود لا يعتقدون أن الحكومة الإسرائيلية صادقة في مساعيها للحل.
يرى التلحمي أن هناك انقساماً كبيراً حول هذه القضية وأنه يوجد عدد كبير من اليهود المتطرفين في الطبقة الحاكمة حالياً التي لا تؤمن بحل الدولتين وتعتبر الضفة الغربية وغزة جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل.
ومن ناحية أخرى فإن العرب في إسرائيل لا يريدون حل الدولتين، لأنهم يعتقدون أنهم سيندرجون تحت ما يسمي بالأقليات العربية في الدولة اليهودية وهم يطالبون بالمساواة الكاملة.
يتأثر حل الدولتين بحسب الدراسة أيضا بموقف الولايات المتحدة ودعمها لإسرائيل. إذ يميل اليهود الإسرائيليون إلى تقييم مستوى دعم أميركا لإسرائيل على أنه غير كاف. وحوالي النصف يقولون إن واشنطن لا تدعم إسرائيل بما فيه الكفاية. عرب إسرائيل لديهم وجهة نظر مختلفة كثيرا، فالأغلبية ترى أن الولايات المتحدة منحازة للطرف الإسرائيلي على حساب العرب.
وفي ما يتعلق بقضية المستوطنات، يتّضح أن غالبية من اليهود، نسبتها 42 بالمئة تعتقد بأن المستوطنات في الضفة الغربية إنما تعزز أمن إسرائيل. بينما 30 بالمئة لا يوافقون ويعتقدون أن هذا يضر بأمن إسرائيل. تتباين وجهات النظر بين اليهود الإسرائيليين فيما يتعلق ببناء المستوطنات اليهودية، وخاصة في الضفة الغربية، التي لا تزال مصدراً لجدل دولي وقضية هامة لفقد الثقة من جانب العرب في جدية حكومة نتنياهو في إبرام اتفاق حل الدولتين. ويعيش حالياً حوالي 4 بالمئة من اليهود الإسرائيليين في الضفة الغربية.
ويُعتبر اليهود الأميركيون أكثر تفاؤلاً من يهود إسرائيل في ما يتعلق بإمكانية تحقيق السلام على أساس حلّ الدولتين، ويرفض يهود أميركا وجود المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهذا ما يتناقض كليا مع وجهة نظر يهود إسرائيل.
الرأي العام في الوسط اليهودي منقسم حول ما إذا كان ممكنا لإسرائيل أن تكون وطن اليهود وفي نفس الوقت تستوعب الأقلية العربية بمختلف أديانها وطوائفها. بينما يرى نصف اليهود الإسرائيليين تقريبا بأنه يجب طرد كل العرب أو ترحيلهم من إسرائيل، بينما واحد من كل خمسة يهود بالغين يوافق بشدة على هذا الرأي
يأتي عنوان “بورتريه اليهود الأميركان” ليقول إن العلاقة بين يهود إسرائيل وأميركا كبيرة ووثيقة، ولكن تشوبها الخلافات، حيث يعدّ يهود إسرائيل أكثر التزاماً بالتعاليم الدينية مقارنة بيهود الولايات المتحدة. وعلى الصعيد السياسي، يُعتبر اليهود الأميركان أكثر تفاؤلاً من يهود إسرائيل في ما يتعلق في قضية السلام والتعايش وحلّ الدولتين.
التوتر الكبير بين الرئيسين أوباما ونتنياهو، والذي اتخذ منحى شخصياً، انعكس هذا على الداخل الإسرائيلي. ورغم اعتبار بعض الساسة الأميركان أن هذه القضية آنية ولن تشكل خطرا كبيراً على العلاقة التاريخية بين الدولتين، وأنها ستزول في حال انتخاب إدارة جديدة، إلا أن هذا يخالف ما يراه بعض الخبراء.
يقول التلحمي إن القضية ليست مقتصرة على “التغير الديمغرافي الذي يحصل في المجتمع اليهودي في أميركا، ولكن الخلاف يكمن في تعريف الفئات اليهودية لمفهوم الدعم الأميركي لإسرائيل”. ويرى أن اليهود الديمقراطيين وهم ليبراليون يؤمنون بالمساواة، ويؤيدون الرئيس أوباما في خلافه مع حكومة نتنياهو، ولديهم تفسيرهم لدور الدين والدولة وهو مخالف تماماً للتفسير اليهودي في الداخل الإسرائيلي. لذلك فإنه إذا ما فشل حل الدولتين وفرض خيار إما يهودية الدولة أو ديمقراطية الدولة، فإن أغلبية اليهود في الولايات المتحدة ستختار الديمقراطية عن اليهودية.
أما اليهود السفارديم، وهم من أصول شرقية، فهم أكثر تديناً من غيرهم كما برهنت دراسة مركز “بيو”، وعُلّل هذا بالصلة التاريخية والجغرافية بالبيئة التي إما أنهم قد جاؤوا منها أو تربّوا فيها. ويقول التلحمي في ما يتعلق بموضوع الهوية ومن خلال نتائج استطلاعات كثيرة قام بها هو سابقاً إن “ثلثي الإسرائيليين يعرّفون أنفسهم عل أساس الدين وليس الجنسية. وهذا أيضا ملاحظ عند الطرف العربي الذي يعرّف نفسه إما على أساس الدين أو العروبة”.
مؤكدا أنه يوجد انقسام حول موضوع الهوية. اليهودي يختار يهوديته على إسرائيليته والعربي المسيحي في الداخل الإسرائيلي يختار عروبته قبل فلسطينيته والمسلم العربي يختار الإسلام كهوية.
وقد لوحظ ازدياد في مفهوم الهوية الإسلامية في السنوات العشر الأخيرة، وذلك بسبب انهيار الثقة بالحكومات وانهيار الحكم في العراق، وقد تصاعد التمسك بالهوية الإسلامية بعد أحداث 11 سبتمبر، ومعها بدأ تصنيف الكثير من عرب الداخل الإسرائيلي وفلسطين لهذه الأحداث على أنها حرب على الإسلام.
تؤكد نيها ساجال لـ”العرب” أن خلافاً في الرأي يبرز بين اليهود والعرب حول قضايا التمييز فيرى 21 بالمئة من اليهود نفس المستوى من التمييز ضد المسلمين، وأن العرب هم أيضا أكثر عرضة من اليهود لرؤية التمييز ضد العديد من المجموعات الأخرى في المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك النساء واليهود الإثيوبيين والمثليين.
فقط 4 من أصل 10 من يهود في إسرائيل يهتمون بالمشاكل الاقتصادية بحسب استطلاع “بيو” وهم معنيون أكثر بقضايا الأمن و الإرهاب ويعتبرونها أكبر المشاكل التي تواجه المواطن الإسرائيلي. أما الطرف العربي فيعطي المشاكل الاقتصادية الأولوية. ففي العام 2013 أوضح استطلاع للراي ضمن اليهود، أن 1 بالمئة فقط يعتقدون أن هناك مشاكل اقتصادية، بينما يعتقد ثلثا الإسرائيليين أن الإرهاب والأمن قضيتهما الأولى.
موقع ميدل إيست أونلاين اعتبر أن مؤتمر أيباك لهذا العام “لم يختلف عنه في السنوات السابقة” فقد دخل المرشحون في سباق الرئاسة في سباق آخر أو “مزاد رخيص عيّروا فيه بعضهم بالحياد”.
ركزت أيباك على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتجاهلت المتغيرات من حول إسرائيل، على الرغم من أنها وزّعت على أعضاء الكونجرس الأميركي رسالة تتضمن تفاصيل عن التهديدات الأمنية التي تواجه إسرائيل، وما تحتاجه من مساعدات أمنية لمواجهة هذه التهديدات.
وقالت القناة السابعة الإسرائيلية إن الرسالة تتضمن قائمة التهديدات التي تواجهها إسرائيل وأوّلها التهديد الإيراني، الذي يشكل أكبر تهديد لوجود إسرائيل. وتشمل القائمة أيضا حزب الله في لبنان والجماعات المسلحة في سيناء، وأنفاق وصواريخ حماس في غزة، والنظام المضطرب في العراق وحالة عدم الاستقرار في المنطقة، وخاصة في سوريا.