من الترمل إلى الزواج الثاني: المرأة السورية ومعاناة مستمرة


رغداء زيدان - خاص السورية نت

بعد مرور أكثر من خمس سنوات على بدء الثورة السورية، وصل عدد ضحايا الثورة إلى أكثر من 500 ألف شخص، وفق تقارير حقوقية صدرت مؤخراً.

ومعظم هؤلاء الضحايا رجال وشباب، فيهم كثير ممن ترك زوجة ترملت وأولاداً تيتموا. ومع غياب الإحصائيات الرسمية لعدد الأيتام والأرامل في سورية، يبقى أمر تقدير هذه الأعداد غير دقيق، لكنه بالتأكيد لن يكون رقماً بسيطاً.

المرأة السورية التي عانت مرارة الترمل، ووجدت نفسها مسؤولة عن أطفال أيتام، بدون دخل أو عمل، وتكون فقدت بفقد الزوج الأخ والأب والمعيل والمنزل والمال، اضطرت في كثير من الحالات للقبول بزواج ثان يؤمن لها الحماية لها ولأولادها.

وإذا تجاوزنا تلك التقارير التي تناولت زواج السوريات من رجال يحملون جنسيات أخرى، فإننا سنجد أن كثيراً من السوريات الأرامل تزوجن من رجال سوريين، كزوجة ثانية أو ثالثة أو حتى رابعة.

وأعلنت بعض فصائل المعارضة المسلحة عن حوافز لمقاتليها للزواج بأرامل رفاق السلاح، والتكفل بأولاده وأسرته من بعده.

وأصدر القائد العسكري السابق لـ"جيش الإسلام"، زهران علوش، في إبريل/ نيسان من العام الماضي قراراً يقضي بمنح "مكافآت" مالية لمقاتلي فصيله لتشجيعهم على الزواج من أرامل الشهداء، حيث قرر منح "مكافأة مالية قدرها 25 ألف ليرة سورية للعازب المقبل على الزواج، و50 ألفاً لمن يتزوج أرملة شهيد، وأيضاً 75 ألفاً لمن يتزوج امرأة ثالثة، أو زوجة شهيد من (جيش الإسلام)".

"فاطمة" وهي زوجة لأحد المقاتلين في غوطة دمشق، اضطرت للخروج بأولادها من الغوطة لبلدة أخرى هرباً من الجوع والقصف، وبقي زوجها في الغوطة المحاصرة مفضلاً الرباط مع فصيله العسكري، تقول لـ"السورية نت": "لم أكن أتصور أن أسمع هذا الخبر يوماً، لقد اتصل بي زوجي ليخبرني أنه تزوج من أرملة صديقه الشهيد، وقد علل ذلك بالواجب، فصديقه ترك ولدين، وزوجته لا معيل لها، على الرغم من أن زوجي لا يستطيع إعالتي وإعالة أولادي، حيث يقوم أهلي بالإنفاق علي في غيابه".

أما "سمر" فقد اضطرت للزواج من رجل "على البركة" كما يُقال (رجل يعاني من اختلال عقلي بسيط)، تحت ضغط الأهل، وذلك بعد أن استشهد زوجها جراء قصف للنظام على مدينتهم، وتركها مع طفل صغير، لم يستطع أهلها الذين فقدوا كل شيء تحمل نفقته ونفقتها فزوجوها لأول رجل طرق بابهم، وكان هذا الرجل وحيد أمه التي حاولت تزويجه دون فائدة، لكنها وجدت ضالتها عند أهل "سمر".

بينما منعت "إيمان" من الزواج برجل مناسب بعد استشهاد زوجها، لأن أهلها أرادوا منها البقاء لتربية أولادها، على الرغم من أن عمرها لم يتجاوز الخامسة والعشرين.

وتقول: "لم يسمحوا لي بالزواج، رغم حاجتي لرجل يقف بجانبي ويساعدني على تربية أبنائي، وكانت حجتهم كلام الناس، وأنني يجب أن أربي أولادي".

وتتابع: "صحيح أن تربية أولادي واجبي، لكنهم بحاجة لأب، ولبيت مستقل يعيشون فيه، بينما أنا سأبقى طول عمري في بيت أهلي أخدم أخوتي وأولادهم"

من جهته يرى "عمار" أن من واجب الرجال في سورية تحمل مسؤولية أرامل الشهداء وأولادهم، وليس الزواج هو الطريقة الوحيدة للمساعدة، ويقول إنه مستعد للزواج بأرملة شهيد والتكفل بأولادها، لو كان غير متزوج أصلاً، ذلك أنه وبحسب قوله: "لن يخرب بيته، لأن زوجته لا ترضى بالضرة".

وحثّ عمار شباب سورية العزّاب على الزواج من أرامل الشهداء، وخصوصاً أن معظم الأرامل مازلن في ريعان الشباب.

من جهتها ترى المربية "مجد" أن المرأة السورية تدفع الثمن دائماً، فهي تعاني جراء فقد الزوج، وتعاني إذا أرادت تربية أولادها بدون معيل، وقد تضطر للزواج مرة ثانية، راضية أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة، وهنا تبدأ المشاكل تظهر للوجود بسبب الخلافات التي ستظهر جراء التعدد.

وطالبت "مجد" باهتمام أكبر بالمرأة السورية، التي تعيش ظروفاً صعبة للغاية، تدفعها للقبول بوضع أسري ليس سليماً، ناهيك عن الضغط الأسري الذي يمارس عليها، بالإضافة لضغط المجتمع.

ومازالت الأحداث التي تعصف بسورية تخلف وراءها قصصاً كثيرة، وحالات بحاجة لعلاج اجتماعي وسلوكي وأخلاقي، قبل أن يكون مادياً.