وقائع تفصيلية عن شبكة العبودية الجنسية التي استغلت سوريات في لبنان
4 أبريل، 2016
وصفت صحيفة “النهار” اللبنانية ما كشف عن استغلال سوريات في لبنان وإجبارهن بالإكراه على ممارسة الجنس بـ زلزال عبودية جنسية.
وقالت الصحيفة، اليوم الاثنين، إن “زلزال عبودية جنسية لبنان منذ أيام بعد الكشف عن شبكة اتجار بالبشر تستدرج فتيات سوريات وتجبرهن على العمل في الدعارة. سجن وضرب وجلد وتعذيب وإرغام على ممارسة الدعارة في سراديب تحت الأرض، لا شمس ولا هواء، أمراض جنسية وجلدية، أجهاض واستعباد. إنه الرق في القرن الحادي والعشرين بعدما ظن الجميع أنه انقرض منذ سنين”.
وتضيف الصحيفة أن “قصصاً أغرب من من الخيال عاشتها 75 فتاة غالبيتهن سوريات، في أكبر شبكة إتجار بالنساء تم الكشف عنها منذ اندلاع النزاع في سورية في آذار 2011 يقودها اللبناني م. ج. صاحب مشروع chez Maurice ومربعsilver في منطقة جونية يعاونه سوري”.
حراسة مشددة كانت تفرض على “السجينات” على أيدي “سجّانات” وظيفتهن مراقبتهن وتسجيل اسم من تخطئ منهن لتتم معاقبتها على يد مساعد رئيس الشبكة. وتقول الصحيفة: “القصة الكاملة، ولو أنها باتت معروفة بمعظم معالمها، روى دقائقها للنهار رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي العقيد جوزف مسلم الذي قال: في البداية كان يتم جلب الفتيات من سورية من خلال وسطاء هم رجلان وامرأة، يتم ايهامهن بالعمل في أحد المطاعم، وما أن تصل الفتاة إلى لبنان حتى يتم سجنها داخل المبنى وتؤخذ منها أوراقها الثبوتية والهاتف لتبدأ رحلة المعاناة والإجبار على ممارسة الدعارة لعشرين ساعة يومياً، وإذا رفضت يتم تعذيبها وجلدها”.
صور من الجحيم
وشرح مسلم أهوال ما عاشته الفتيات “والتي سمعنا عنها في الأفلام السينمائية من دون أن نتصور لوهلة أن إنسانا على هذه الأرض قادر على تطبيقها”، مضيفاً: “كان ممنوعاً على الفتيات التكلم مع بعضهن، وعليهن دائماً أن يكن بأبهى صورة، وينفذن ما يريده الزبون، حتى وإن كان عدم وضعه الواقي الذكري، وهذا ما أدى بعدد كبير منهن الى الحمل وبالتالي الإجهاض حيث حصلت نحو 200 عملية إجهاض خلال أربع سنوات، إضافة إلى إصابة كثيرات بالأمراض الجنسية. وبما أنهن مسجونات تحت الارض ولا يرين الشمس، فقد عانين من أمراض جلدية عدة”.
وتابع: “كان يتم إيهام الفتيات أن لا أمن في لبنان وأن رئيس الشبكة مسيطر على البلد فيجدن أنفسهن أمام خيارين إما الانتحار وإما التأقلم مع الوضع”. وقال إن “مهمة الحارسات كانت مراقبة تصرفات الفتيات وإن أخطأت إحداهن تضع إشارة على ورقة ليقوم مساعد رئيس الشبكة بانزال العقاب فيها”.
القرار الكبير
” بعد فترة طويلة من التعذيب والإجبار على ممارسة الدعارة لعشرين ساعة يومياً قررت ثماني فتيات الهرب، واخترن يوم الجمعة العظيمة موعداً لتنفيذ خطتهن، كون العمل يخف ومعه الحراس. هاجمت الفتيات حارسة وأخذن مفاتيح الباب الخلفي لمبنى silver A، خمسة منهن هربن وثلاثة تراجعن نتيجة الخوف، أربع أكملن الطريق سوية وواحدة أخذت طريقاً آخر بسبب قلة الثقة التي زرعت بينهن، إذ كانت كل فتاة تخشى من الأخرى. صعدن في باص وتوجهن إلى منزل قريب إحداهن في الحدت، تحدثن إلى صاحب الباص عن قصتهن، فاتصل بمفرزة استقصاء جبل لبنان التي تسلمت الفتيات واستمعت الى شهادتهن، ومعاناتهن وكيف تحصل عملية تهريبهن، وتشغيلهن وتعذيبهن”. يقول مسلم.
انجاز نوعي
وضعت الخطة وبدأت عملية رصد الأماكن التي أعطتها الفتيات ونهار الأحد عند السادسة والنصف حصلت عملية دهم مبنيي silver A وsilver B”، بحسب مسلم الذي أضاف: “جرت عملية التوقيف على مرحلتين في 27 و29 آذار في الملاهي الليلية والشقق التي تستخدم لإيواء الفتيات وحررتهن”.
وأكمل: “ألقي القبض على الوسطاء الذين يجلبوهن من سورية وهم رجلان وامرأة بعد مطاردة في جونية تم ايقافهم في البوار، وست عاملات بصفة حارسات تبين فيما بعد أن واحدة منهن ضحية كن يعملن على حراسة وإدارة هذه الشقق، فيما لا يزال اثنان من الذين يديرون هذه الشبكة متواريين، وتم تسليم الفتيات إلى عدد من الجمعيات بناء على إشارة القضاء المختص”.
ومعظم الفتيات في العشرينات من العمر ومنهن من كن قاصرات عند جلبهن إلى لبنان، والأمر الافظع ما تم كشفه عن حصول نحو 200 عملية إجهاض على يد الطبيب اللبناني ر.ع (مواليد عام 1961) والممرضة اللبنانية التي كانت تعاونه وهي: ج. أ (مواليد 1961) وذلك في عيادته في محلة الدكوانة.
عن ذلك علق نقيب الاطباء انطوان البستاني في تصريحات نقلتها “النهار”، قائلاً إن “القضاء يحقق مع الطبيب، وقد أرسلنا محامياً من النقابة عند الاستماع اليه، ونحن كذلك سنتخذ إجراءاتنا، وإذا صدر حكم قضائي بحقه يشطب بشكل تلقائي من النقابة، وإذا لم يتوقف سنحقق معه نحن، وفيما لو تبين أنه كان يقوم بعمليات إجهاض لا يجب أن يقوم بها، أي بطريقة إجرامية، سيشطب من النقابة وسيتم توقيفه عن العمل نهائياً ولن يعود باستطاعته ان يزاول المهنة في لبنان”.
حارسات في القفص
جمعية “عدل ورحمة ” تابعت 16 فتاة من الناحية الإنسانية والاجتماعية في استقصاء فرن الشباك. المحامية لينا شمعون رئيسة القسم القانوني في الجمعية شرحت لـ”النهار” الأوضاع النفسية الصعبة التي تمر فيها الفتيات: “قصدنا استقصاء فرن الشباك، قدمنا مساعدة آنية للنساء اللواتي هن بحاجة ماسة لطبيب نفسي. 10 منهن تم إطلاقهن وتوزيعهن على جمعيات، وبقيت ستة، هن الحارسات اللواتي سيتم نقلهن إلى مكتب الاداب العامة في مخفر حبيش حيث سيحقق معهن”.
المتحدثة باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ليزا أبوخالد أكدت لـ”النهار” أن “الأمن الداخلي أخبر على الفور شركاءنا المتخصصين للاستجابة الى هذه القضايا، فأكثرية النساء بتن في ملاجئ آمنة، ويحصلن على المساعدات الصحية والدعم النفسي، ونحن وشركاؤنا نقيّم وضع كل فتاة لمساعدتها بحسب وضعها الخاص”.
جناية وعقوبات مشددة
المتابعة القانونية لملفات الإتجار بالبشر في منظمة كفى المحامية نوهانا اسحق علقت في اتصال مع “النهار” على الفضيحة المدوية وقالت إن “الجريمة التي حصلت نموذج من الكثير من الجرائم الموجودة في لبنان، والتي ازدادت نسبتها نتيجة الحرب السورية الجرم في هذه الجرائم مشترك بين السوريين واللبنانيين”.
وأضحت أن عناصر من سورية تستقطب نساء معظمهن قاصرات تحت حجة تحسين ظروفهن المعيشية، وعند وصولهن يتم احتجازهن وتشغيلهن بالدعارة. وعن العقوبة، أشارت إلى أن “الاتجار بالبشر، والذي هو ثالث أكبر جريمة بالعالم بعد الاتجار بالمخدرات والأسلحة وذلك من ناحية المردود المادي، هو جناية يعاقب عليها القانون اللبناني”.
ولفتت إلى أن “لبنان موقع على الاتفاقية الدولية للاتجار بالبشر وعلى أساسها وضع قانونا خاصاً، وجعل عقوبتها تتراوح من 5 الى 15 سنة، كما في لبنان مكتب خاص لمكافحة الاتجار بالبشر تحال اليه كل القضايا المتصلة”.
وتختتم الصحيفة تقريرها بالقول: “هي واحدة من الشبكات التي كتب لها القدر أن تظهر إلى العلن، ويبقى السؤال: كم شبكة اتجار بالبشر لا تزال تعمل في الظلام؟!”.