نظام الأسد يلتزم الصمت عما كشفته "وثائق بنما" من تهريب مخلوف أموالاً ضخمة من سورية


يلتزم نظام بشار الأسد الصمت حيال "وثائق بنما"  المسربة من شركة "موساك فونسيكا" للمحاماة، التي أشارت بشكل مباشر إلى تورط قريبين من رأس النظام في عمليات تهريب أموال ضخمة من سورية إلى الخارج، في وقت عانى فيه الاقتصاد السوري من حالة ركود، وعاش فيها قرابة 33 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر.

"وثائق بنما" التي اعتبرها كثيرون أهم إنجاز صحفي خلال القرن المنصرم، كشفت عن إخراج ابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف، مبلغ 14.5 مليار دولار أمريكي (على الأقل) في العام 2006، وهو ما قدر وفقاً لذلك العام بأنه يساوي 60 بالمئة من ميزانية سورية.

ويفسر هذا الرقم الضخم من الأموال السورية المهربة لملاذات ضريبية جانباً من الأسباب التي جعلت السوريين يعيشون في فقر وصلت نسبته إلى 33.6 بالمئة عام 2007، وفقاً لدراسة أصدرتها منظمة "يونيسف" عام 2014، بعنوان "الفقر متعدد الأبعاد في سورية".

ولم تصدر حتى تاريخ اليوم السبت التاسع من أبريل/ نيسان الجاري أية تصريحات من النظام أو رامي مخلوف على ما كشفته الوثائق، سوى وأنها أسدلت الستار أيضاً على استمرار البنك الأكبر في بريطانيا "إتش إس بي سي"، في تقديم خدمات مالية لمخلوف لفترة طويلة، بعد فرض عقوبات دولية عليه.

ونشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إحدى الصحف المشاركة في مشروع "الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين"، للتعامل مع وثائق بنما التي تم تسريبها للاتحاد، خبراً مفاده أن الوثائق كشفت استمرار البنك المذكور في تقديم خدمات لرامي مخلوف، بعد فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات عليه عام 2008.  وواصل البنك تعامله مع مخلوف حتى سبتمبر/ أيلول 2011، رغم فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه بداية من مايو/ أيار من نفس العام.

ويشبه السوريون مخلوف بـ"أخطبوط الاقتصاد السوري" نظراً لكونه بدعم من شقيقه حافظ مخلوف استطاع وضع يده على معظم المشاريع الاقتصادية الضخمة في سورية، وفي ذات الوقت منع أي منافس له، مستفيداً من عمل حافظ مخلوف في الأفرع الأمنية واتباعهما معاً أسلوب الترهيب لمنع كل ما يهدد مصالح مخلوف.

ومع بدء تداول ما يخص مخلوف في "وثائق بنما"، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالجزء اليسير من الأموال الضخمة التي كشفت عنها الوثائق وتعود لمخلوف، وأشار معارضون سوريون إلى تورط بشار الأسد بشكل مباشر في تهريب هذه الأموال واستفادته منها، كما اتهموا النظام بتجويع السوريين على حساب مصالح عائلته والمقربين منه، كما تساءلوا عن كيفية السماح لبنك "عريق" بالقفز على العقوبات المفروضة على مخلوف.

السخط لم يقتصر على المعارضين فقط، إذ طالب موالون للنظام أيضاً الأسد بمحاسبة مخلوف وتقديمه لـ"المحاكمة" حسب قولهم، ووصفوه بـ"المفسد والمشجع على الفساد".

يشار إلى أن الوثائق تضمنت ادعاءات بـ"تورط" عدد كبير من الشخصيات العالمية بينهم 12 رئيس دولة سابق وحالي، و143 سياسي، في "أعمال غير قانونية" مثل "التهرب الضريبي"، و"تبييض أموال" عبر شركات "أوفشور"، وأطلق اسم "وثائق بنما" على تلك التسريبات التي تعد الأكبر من نوعها حتى الآن.