واشنطن بوست: 5 نقاط لفهم معالم الصراع في إقليم كاراباخ



تقع منطقة غير معترف بها دولياً بين وأذربيجان تحمل اسم “ناغورني ”. في ساعات الصباح الأولى من يوم 2 ابريل تفجرت أعمال عنف في الدويلة الصغيرة المدعومة من مرجعة للذاكرة الاضطرابات التي تصيب الدول الناشئة في مناطق سيطرة الاتحاد السوفيتي سابقاً.

جاءت اعمال العنف هذه بعد انتهاء قمة الأمن النووي عام 2016، خلال القمة حضر كل من رئيس سيرج سركسيان ورئيس إلهام آليف، و لاحقاً التقى كل منهم على حدى بنائب الرئيس الأمريكي جون بايدين لمناقشة التطورات فيما يخص مناطق النزاع في الإقليم. وفي وقت سابق من هذا اللقاء دعا آليف في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” إلى حل الصراع على أساس ” الانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات الأرمينية من أراضينا”.

وبمجرد عودة الرئيسين إلى بلادهم، اندلعت اشتباكات بين الطرفين وتصاعدت بشكل غير مسبوق منذ وقف إطلاق النار الأول عام 1994 وللمرة الأولى أيضاً بدأت القوات الأذرية بمحاولة الاستيلاء على بعض أراضي الإقليم. واستخدمت أيضاً صواريخ غراد وطائرات هيلوكبتر Mi-24  ما خلف عشرات القتلى والجرحى حتى اللحظة.

ولفهم خلفيات هذا الصراع وطبيعته لا بد من التذكير بالنقاط التالية:

  1. تعود بدايات الصراع حول الإقليم إلى نهاية العرب العالمية الأولى بين دولتي وأذربيجان.

الصراع اشتعل بعد سيطرة الإمبراطورية الروسية على منطقة القوقاز بعد إنهيار الدولة العثمانية، نشأ عن هذا التقسيم لاحقاً منطقة والتي تضم عدداً من السكان المسيحيين والأتراك المسلمين يتوزعون  في فسيفساء متعدد الثقافات عبر تضاريس جبلية إلى حد كبير.

وكحل للمشكلة قام الاتحاد السوفيتي بمنح الإقليم حكماً ذاتياً كجزيرة داخل ضمن الاتحاد السوفيتي. لم يملك الاقليم اي اتصال جغرافي مع ما أثار حفيظة سكان الإقليم الذين طمحوا بتواصل أكبر مع جيرانهم الأرمن.

عندما بدأت قوى الاتحاد السوفيتي في الاضمحلال مع منتصف الثمانينات من القرن الماضي، خاضت جماعات قومية أرمنية صراعات عسكرية لتغيير الحقائق على الأرض واستقطاب المنطقة، وفور انهيار الاتحاد السوفيتي صار مصير من أبرز القضايا العالقة بين وأذربيجان.

في سبتمبر 1991، أعلن الأرمن سلطة محلية في ، وضمو بعض المناطق لم تكن تعرف على أنها جزء من الإقليم لسيطرتهم. وتمكنوا من امتلاك سلطة محلية مستقلة في الإقليم. سعت القوات الأذرية لتدمير (NKR) وهي القوات الأرمنية المسلحة التي تنشط في الإقليم. وكنتيجة لذلك، تم تهجير ما يزيد على 750 ألف أذري من سكان الإقليم إلى وهجر ما يصل إلى 300 ألف أرمني إلى خارج أيضاً.

دستور الحكم الإقليمي في لا يعرف حدود الدولة أو الإقليم، فيما تضف خرائط الإقليم الأراضي التابعة للإقليم بالمحررة وتعرف بعد الأراضي الأخرى بأنها تحت الاحتلال الأذري، أما فتؤكد أن جميع اراضي الإقليم تتبع وهي تحت احتلال أرمني.

  1. نزاع “” ليس نزاعاً مجمداً، بل إنه نزاع متجدد يغلي.

يصف بعض المحللون النزاع حول إقليم “” بأنه مجمد، ولكن هذا التوصيف ليس دقيقاً بالشكل الكافي، ويعود هذا لأسباب أهمها:

– انتهت الحرب في عام 1994 بوقف لإطلاق النار دون التوصل إلى اتفاق سلام. ولا توجد في المنطقة قوات لحفظ السلام على خط التماس بين والإقليم، عدا عن الحدود المشتركة الطويلة بين وأذربيجان.

– لم يتوقف إطلاق النار بين طرفي النزاع عبر خط التماس. بل إن الصراع أخد منحىً متزايداً خلال العام الماضي إذ قتل من الطرفين في عام 2015 أكثر من مجموع قتلى الطرفين منذ العام 1994.

– تتمركز قوات روسية في ،هذا بالإضافة إلى النفوذ الروسي الكبير في القوقاز، وفي توجد قاعدة عسكرية روسية في غيومري غرب ، هذا عدا عن أن تورد السلاح لطرفي الصراع.

  1. سكان “” يعارضون التسوية بأغلبية ساحقة

وفق إحصاء أجري في بين عامي 2010 و 2012، رفض معظم سكان الإقليم عودة الأذر الذين تم تشريدهم خارج الإقليم، مبدين عدم ثقتهم بالعدو القديم أو مغفرتهم لأخطاء الآخرين.  هذا بالإضافة إلى أن سكان كانوا من بين الأكثر اعتزازاً بعرقيتهم في دول ما بعد الاتحاد السوفيتي، حيث أكد 73% منهم أنهم “فخورون جداً ” بهويتهم فيما أجاب 21% منهم بأنهم فخورون فقط. ولعل هذا يتعزز بحقيقة أن عدد كبير من السكان الأذر أجلوا عن المنطقة إبان المعارك الأولى عام 1994.

  1. لا تثق أبداً بمحادثات السلام أو نجاحها، وتؤمن بأن عليها القتال حتى آخر رمق.

تعثرت وأعيد استئناف محادثات السلام بين الأطراف خلال العقدين الماضيين، دون إحراز أي تقدم حقيقي. تعقد المفاوضات عادة باستضافة مجموعة منظمة الامن والتعاون الدولي ” برئاسة سفراء فرنسا وروسيا والولايات المتحدة”. يرى نصف سكان الإقليم أن هذه المفاوضات في طريقها للفشل، فيما يرى 53% إمكانية أن تساعد قوات حفظ سلام دولية بحل الصراع.

يبدي 63% من سكان الإقليم قلقهم من التراكم العسكري الأذري باتجاههم، فيما يبدي 58% منهم قلقهم من اندلاع حرب مع جيرانهم الأذر. ومع ذلك، فهم يعتقدون بقدرتهم على الصمود في وجه أي هجوم أذري، وفقط أكثر من ربع السكان بقليل ( 26%) أبدوا استعدادهم للنظر باتفاق يضمن تبادل الأرض مقابل السلام.

  1. قد يبدو النزاع في محلياً، لكنه يمتلك القدرة لجر قوى عالمية كبرى.

قد يبدو القتال في إقليم محلياً، إلا أن له تأثيرات في التحولات العالمية الأوسع نطاقاً وحسابات النظم الإقليمية المختلفة. ويمكن تلخيص ذلك بعدة نقاط:

– انخفاض عائدات النفط والركود في وضع النظام الأذري تحت ضغط كبير. فففي ديسمبر 2015، اضطرت الحكومة الأذرية لتعويم العملة “مانات”، ففي يوم واحد، انخفضت قيمة العملة 32% مقابل الدولار الأمريكي.ترافق هذا مع انخفاض مستويات المعيشة وبدأت حدة الاحتجاجات ترتفع في الشوارع. قد يظن النظام الأذري أن حربه على قادرة على جني بعض الفوائد على الصعيد الشعبي، أما بالنسبة لأرمينا، فإن الحكومة التي انقلبت على الديمقراطية هناك تسعي لدفع مواطنيها “للالتفاف حول العلم” وهو وضع خطير على نحو مضاعف.

– ساهم فتور العلاقات التركية الروسية في تأجيج الانقاسامات بين الفصائل الموالية لروسيا والموالية لتركيا في . مع ملاحظة أن أرمينا عضو في اتحاد موسكو الجمركي، أما فليست كذلك، وروسيا قد تدفع باتجاه وضع قوات حماية دولية وتأكيد دورها كقوة لا غنى عنها في المنطقة.

– مثلت دوعوة رئيس الوزراء الأذري إلى واشنطن انتصاراً رمزياً له، حيث كانت هذه هي الدعوة الأولى منذ عشر سنوات، وتأتي بعد أن واجه النظام الحاكم هناك انتقادات واسعة حول قمع وسائل الاعلام وانتهاك حقوق الانسان.

السيناريو المستقبلي؟

ساهم بالاطاحة بالعديد من الحكومات في كل من وأذربيجان، وتم الآن تثبيت وقف لإطلاق النار لفترة محددة، يخشى الجميع من اندلاع الاشتباكات مجدداً وتدخل اطراف حليفة كموسكو أو انقرة “عضو حلف شمال الأطلي” في هذا الصراع وهو ما قد يجر الكثير من الويلات على المنطقة.