الخوف والقلق والاضطراب.. مخرجات الحرب السورية تمحوها (بسمة أمل)

10 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016
6 minutes

 الخليج أونلاين-

نتيجة للحرب المشتعلة في بلادهم منذ أكثر من خمس سنوات، يعاني أطفال سوريا من صدمات نفسية أثرت على سلوكهم، الأمر الذي شكل تهديداً على مستقبلهم وفق متخصصين.

فمظاهر العنف المترافقة مع الأعمال القتالية، واستهداف قوات النظام للمواقع الآهلة بالسكان، ولدت الشعور بالخوف والقلق وبعض الاضطرابات السلوكية الأخرى لدى الأطفال.

الملفت أن السوريين لم يتخذوا موقف المتفرج تجاه ما يجري لأطفالهم، وهو ما ترجمته جهود متطوعين في إنشاء مركز أطلق عليه “بسمة أمل للدعم النفسي والاجتماعي للأطفال” في مدينة جاسم بريف محافظة درعا الشمالي الغربي.

المركز يعتبر الوحيد في جنوبي سوريا، كما أنه أحد أهم المؤسسات المدنية التي أخذت على عاتقها النهوض بالواقع النفسي للأطفال وتحسين سلوكهم.

يقول بلال دنيفات مدير المركز لـ”الخليج أونلاين” إن الحرب وما ينتج عنها من دمار، أنتج ضغوطاً نفسية كبيرة وخطيرة على الأطفال وذويهم، أدى إلى تأخر دراسي وجفاء اجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد.

لذلك، والحديث لدنيفات: “قررت مجموعة من المتطوعين الشباب المتخصصين في مدينة جاسم إنشاء مركز للدعم النفسي والاجتماعي في المدينة، يحمل على عاتقه التخفيف من هذه الضغوط ودمج الأطفال في المجتمع”.

وأشار إلى أن التحضير لإطلاق العمل في المركز بدأ منذ بداية العام الحالي.

لكن المشروع الإنساني واجه عدة عقبات وقت اطلاقه؛ أهمها التمويل وتأمين المكان والتمويل، وفقاً لدنيفات، مستدركاً بالقول: “لكننا استطعنا تجاوز هذه العقبات، ونجحنا في تأمين المكان”.

ويؤكد استقلالية المركز، وعدم ارتباطه بجهة سياسية أو عسكرية أو حزبية، وديمومة عمله “تعتمد على ما يقدمه الأعضاء وفاعلو الخير من تبرعات” بحسب قوله.

وأضاف: “المركز يهدف إلى تقديم خدمات الدعم والمساندة النفسية للأطفال وللأهالي، ومساندة النمو النفسي للطفل، وسط بيئة آمنة وتطوير بيئة خلاقة تدفع باتجاه التوازن النفسي السلوكي، وتنمية قدرة الطفل على حل مشكلاته بنفسه” مشيراً إلى أن المركز يضم مجموعة من المتخصصين في الدعم النفسي من حملة الاختصاصات العليا، في علم الاجتماع وعلم النفس ورياض الأطفال والموسيقى والرسم، إضافة إلى خبراء في مجال الدعم النفسي والاجتماعي.

ويستقبل المركز الأطفال من سن ست سنوات إلى خمس عشرة سنة، ويبلغ عدد الأطفال المسجلين فيه نحو 350 طفلاً.

وتابع دنيفات: “عمل المركز لن يقف عند الأطفال والدعم النفسي، بل سيشمل فئات عمرية أكبر، بالإضافة إلى أمهات الشهداء والمعتقلين وزوجاتهم، وفتح دورات لسد الثغرات التعليمية الناتجة عن تهجير الأطفال من مناطقهم، إضافة إلى أن المركز سيقوم بتوسعة عمله من خلال افتتاح فروع جديدة، ليضم أكبر عدد من الأطفال”.

من جهته أكد يوسف صوايا مدرب الأنشطة في المركز لـ”الخليج أونلاين” أن الأنشطة المختصة بالدعم النفسي والاجتماعي، التي يقدمها المركز في غالبها تميل إلى الترفيه، لكنها تهدف إلى الوصول إلى أعماق الطفل وتحسين سلوكه وتصرفاته مع العائلة والأصدقاء والمجتمع بشكل عام، وإعادة دمجه وانخراطه في البيئة التي يعيش فيها.

وأشار إلى أن “من أهم الأنشطة التي يمارسها المركز، مهارات تحفيز الدماغ وتعزيز الذكاء والانتباه، حيث يقدم مجموعة من الفعاليات التي تساعد على زيادة التركيز، وتعزيز روح الفريق والتعاون” لافتاً إلى أنه من خلال هذه الأنشطة يتم التعرف على مهارات الأطفال ومواهبهم بمختلف المجالات، بما يساعد على تنميتها وتعزيزها.

الأطفال المسجلون في المركز أظهروا علامات فرح كبيرة بوجودهم داخل هذه المؤسسة الإنسانية، وهو ما أكدوه في أحاديث لـ”الخليج أونلاين”.

الطفل عمر، 9 سنوات، قال إنه يأتي إلى المركز في الوقت المخصص مع أولاد عمه، مضيفاً: “نحن هنا نمارس كل هواياتنا ونلعب مع رفاقنا، والمعلمة تلاعبنا ألعاباً حلوة، وتعاملنا معاملة حسنة، ونحن نرسم ونعمل كل شي نحبه ويفرحنا”.

فيما أكدت الطفلة شهد المقداد 12 سنة، أنها وجدت المكان المناسب لممارسة هوايتها المفضلة، حيث تهوى الرسم والتمثيل، قائلة: “نحن في سوريا حرمنا من أشياء كثيرة بسبب الحرب، وهذا المركز يعوضنا عن أشياء فقدناها، والأساتذة يعاملونا بحنان”.

أما حسام الجباوي 10 سنوات فأكد على أنه بالإضافة إلى اللعب وممارسة هواياته والدروس التي يتعلمها، يشعر هنا بالأمان، وأصبح له أصدقاء جدد يشعر معهم وكأنه في بيته، لافتاً إلى أن الوقت يمضي بسرعة داخل المركز، ولم يعد يخاف من أي شي لوجود أصدقائه إلى جانبه.

يشار إلى أن أكثر من 7 ملايين و500 ألف طفل سوري تأثروا في الصراع الدائر في البلاد منذ أكثر من خمس سنوات، وفق إحصائيات سابقة للأمم المتحدة.

وتعرض عدد كبير من هؤلاء الأطفال لأبشع الانتهاكات، وفقاً للقانون الإنساني ومحكمة الجنايات الدولية والقوانين المحلية الوضعية وقانون حقوق الطفل، حيث قام النظام باعتقال وتعذيب عدد منهم، وما زال، وهو ما ولد مشكلات نفسية واجتماعية، يحتاج علاجها إلى سنوات طويلة.

أخبار سوريا ميكرو سيريا