‘“السلام المصري الإسرائيلي” ينقل مشاكل الجزر للسعودية .. كيف ستتعامل الرياض مع كامب ديفيد؟’

11 أبريل، 2016

محمد الشبراوي-

أزمة كبيرة كما يراها مراقبون دبلوماسيون ستواجه الرياض عقب نقل السيادة على جزيرتي “تيران” وصنافير” من مصر للسعودية، بسبب ارتباط “تيران” باتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية، ما سيطرد الرياض للتعامل مع اتفاقية كامب ديفيد واسرائيل فعليا، برغم أنها لا تقيم علاقات دبلوماسية معها.

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حاول أن يحسم هذا الامر خلال لقاؤه مع الصحفيين بمقر السفارة السعودية الاحد 10 أبريل بقوله إن “السعودية لن تنسق مع إسرائيل بشأن الجزيرتين بعد انتقال السيادة عليهما لبلاده”.

ولكن الوزير السعودي عاد ليؤكد في الوقت ذاته “التزام بلاده بكل الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها مصر بشأن الجزيرتين، ومنها اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين القاهرة وتل أبيب”، ما يثير لبس حول كيفية الالتزام بالاتفاقية وهي مع اسرائيل، وفي الوقت نفسه عدم التنسيق مع اسرائيل؟

هنا يأتي دور الوسيط الامريكي (المحتمل) بين الرياض وتل ابيب باعتبار أن أمريكا عضو في القوة الدولية لحفظ السلام ولها قوات في تيران، ولكن إعلان أمريكا مؤخرا تفكيرها في سحب قواتها من حفظ السلام يثير تساؤلات حول كيف ستنسق الرياض مع تل ابيب لو غاب الامريكان؟

الخبير السياسي المصري “محمد سيف الدولة” يقول أن تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة بينهما، معناه أن تصبح السعودية في هذه الحالة شريكا في الترتيبات الامنية في اتفاقيات كامب ديفيد مع مصر واسرائيل الواردة في الملحق الأمني بالمعاهدة”.

ويتساءل “سيف الدولة” الخبير في شئون الصراع العربي الاسرائيلي، “هل ستنسق السعودية مع اسرائيل في جزيرة تيران بموجب هذا الاتفاق؟”.

ويقول الخبير المصري أن “تخضع مصر وفقا لترتيبات الملحق الأمني بمعاهدة السلام المصرية الاسرائيلية المشهورة باسم اتفاقيات كامب ديفيد، الى العديد من القيود العسكرية والامنية، ومن اهمها وجود قوات اجنبية لا تخضع للأمم المتحدة تحت ادارة امريكية، في سيناء لمراقبة القوات المصرية ومدى التزامها ببنود المعاهدة، من حيث عدد القوات المصرية وعتادها المسموح بها لمصر وفقا للمعاهدة في المناطق الثلاثة (ا) و (ب) و(ج)”.

قوات حفظ السلام في تيران

ويشير “سيف الدولة” إلى تمركز هذه القوات في قاعدتين عسكريتين واحدة في الجورة بشمال سيناء والثانية في شرم الشيخ في الجنوب، بالإضافة الى جزيرة تيران، لمراقبة حرية الملاحة للسفن الاسرائيلية، هذا بالإضافة الى 30 نقطة مراقبة اخري.

ويضيف: “تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، سيجعل السعودية التي لا تعترف بإسرائيل حتى الان على المستوى الرسمي ولم توقع معها معاهدات سلام، طرفا فعليا في الترتيبات الامنية المصرية الاسرائيلية الخاضعة لمراقبة الامريكان وقوات متعددة الجنسية MFO”.

ويتابع: “وهو ما قد يفتح الباب لتنسيق امنى وعسكري بين السعودية واسرائيل، وقد يكون ـ والله اعلم ـ بوابة لإقامة علاقات رسمية بينهما لأول مرة”، بحسب قوله، وهو ما نفاه “الجبير” لاحقا.

ولكن مصادر دبلوماسية عربية بالقاهرة فضلت عدم ذكر اسمها، تقول إنه “بعودة تبعية الجزيرتين للسيادة السعودية، فلن يكون لأي طرف الحق في تأمينها، سوى الجانب السعودي، ما يعني مُغادرة القوات الدولية للجزيرة”.

ويقول الدكتور نايف الشافعي مؤسسة موسوعة المعرفة، المقيم في امريكا، أنه “لا مصر ولا السعودية يستطيعا أن يطآ تيران، فهي في حوذه القوة متعددة الجنسيات تطبيقا لمعاهدة السلام”.

ويضيف في تغريدات على حسابه على تويتر أن “انسحاب أمريكا من قوات حفظ السلام بسيناء (وضمنها جزيرة تيران)، الذي أشارت له مصادر امريكية مؤخرا معناه أن تتنازل مصر عن الحق في تيران فيصبح المضيق دوليا، تمهيدا لترتيب أمني للمرور فيه.

هل تغادر القوات الدولية تيران؟

يذكر أن الجزيرتان جزء من «المنطقة ج»، والمُحددة في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، كمكان لتواجد قوات حفظ السلام الدولي.

وكانت قد تشكل قوة متعددة الجنسيات، برعاية أمريكية ـ مصرية ـ إسرائيلية قوامها حوالي 1900 جندي، من 11 دولة، لضمان التزام كلا الطرفين بالمعاهدة، وبناءً عليه، تواجدت القوات الدولية في سيناء، مع فتح نقطة مراقبة دولية تابعة لها في جزيرة تيران، تحت اسم OP 3 -11

وقبل صدور البيان المصري بالاعتراف بملكية الجزيرتين للسعودية، قال اللواء “محمود خلف” الخبير العسكري والاستراتيجي، على موقعه فيس بوك أن جزيرتي تيران وصنافير، هما في الأصل أراضٍ سعودية، وتنازلت عنها لمصر في عام 1949 إبان حرب فلسطين، ثم احتلتها إسرائيل في حرب يونيو1967، وتسلمتها مصر عقب اتفاقية السلام وأصبحت تابعة للمنطقة “ج” في سيناء.

أيضا أكد الدكتور جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، في تصريحات صحفية، أن السعودية تنازلت عن إدارة تلك الجزر لمصر أثناء الحرب بين إسرائيل والعرب، وسمحت المملكة بتواجد قوات مصرية عليها أثناء الحرب، ومنذ ذلك الوقت وتلك الجزر تحت السيطرة المصرية، ولذلك أيا ما كان وضع هذه الجزر بعد ترسيم الحدود فهو غير ضار على مصر لأن تلك الجزر سعودية في الأساس.

ولكن اللواء عبد المنعم سعيد، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الأسبق، قال في مداخلة هاتفية ببرنامج «حضرة المواطن» المذاع على قناة «العاصمة» مساء السبت، أن ما تردد على أنهما جزيرتين سعوديتين «غير صحيح»، موضحا أن وجود حراسة مصرية عليهم يثبت ملكيتهم لمصر.

وتكمن أهمية جزيرة تيران في تحكمها بمضيق تيران لكونها تطل عليه، إلى جانب منطقة شرم الشيخ في السواحل الشرقية لسيناء، ورأس حميد في السواحل الغربية لتبوك في السعودية، كما أن للجزيرتين أهمية استراتيجية كونهما تتحكمان في حركة الملاحة الدولية من خليج العقبة، حيث تقعان عند مصب الخليج، الأمر الذي يمكنهما من غلق الملاحة في اتجاه خليج العقبة.

ويبقي السؤال: هل نقلت مصر مشاكل اتفاقية السلام بينها وبين اسرائيل، في “تيران” للسعودية بتنازلها عن السيادة لها؟ وكيف ستتعامل الرياض مستقبلا مع الوضع الجديد؟

11 أبريل، 2016