هل تضعف الإطاحة بكبار الجهاديين تنظيم الدولة الإسلامية؟
11 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016
ذا ناشيونال –
على مدار الشهر الماضي، قضت الولايات المتحدة على 12 قياديا من الجهاديين الأكثر خطورة في العالم ممن يعملون في تنظيمات مختلفة داخل سوريا. ومن اللافت للنظر، أن الجهاديين الذين تم القضاء عليهم كانوا من قدامى المحاربين الذين شاركوا في معظم الحروب الجهادية منذ الثمانينات، من أفغانستان ومصر وسوريا والشيشان والعراق. واستهداف العديد من العناصر الجهادية رفيعة المستوى في أجزاء مختلفة من البلاد وفي مثل هذه الفترة الزمنية الوجيزة، يبين فقط كيف أصبحت سوريا بوتقة للحركات الجهادية على مدى السنوات الخمس الماضية.
وفي الآونة الأخيرة، قتل اثنان من المسلحين المصريين البارزين عندما اعترضت سيارتهم غارة جوية أمريكية في محافظة إدلب. أحدهما هو رفاعي طه المصري، أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية، وهي الجماعة المصرية المتطرفة التي اتهمت بارتكاب مذبحة الأقصر في العام 1997 والتي قتل فيها ما يقرب من 60 سائحا أجنبيا.
والثاني هو أبو عمر المصري، وهو من قدامى المحاربين في “الجهاد الشيشاني” وكان قريبا من ثامر صالح عبد الله، المعروف باسم الأمير الخطاب. وسافر إلى سوريا مع رفاق الشيشان القدماء مسلم أبو الوليد، وسيف الله، وصلاح الدين.
وبحسب خالد القيسي،خبير عراقي في الجماعات الإسلامية، وصل الرفاعي إلى سوريا قبل أيام قليلة فقط من وفاته، في محاولة لرأب صدع الخلافات بين قادة جبهة النصرة والمساعدة على توحيد انقسامات الفصائل الجهادية في سوريا.
ودائما ما كانت الخلافات التي ترتكز على أسس قومية مصدرا للاختلاف بين الجماعات المتطرفة في البلاد – وخاصة التي تشمل القادة الأردنيين في حالة جبهة النصرة – الذين ينظر إليهم من قبل الكثير على أنهم يسيطرون على الجماعة، خاصة في جنوب سوريا.
كما قتل أيضا أبو فراس السوري ،المتحدث باسم جبهة النصرة، في غارة جوية يوم 4 مارس.
وقد ساهم أبو فراس، وهو سوري من مضايا بالقرب من دمشق، إلى حد كبير في شق الصف الجهادي بعد أن أدلى بسلسلة من البيانات يهاجم فيها رموز أحرار الشام وجبهة النصرة ممن كانوا يطالبون بانفصال جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة. ورأى أبو فراس هذه المحاولة باعتبارها تحريض من بعض دول المنطقة من أجل إحداث مزيد من الانقسام داخل الجماعة، وكان ينظر إلى تصريحاته على نطاق واسع كما لو كانت لا تختلف عن وجهات النظر السائدة في تنظيم الدولة الإسلامية التي تنبذ الجماعات أو الأفراد الذين يتعاونون مع رموز النظام الجيوسياسي الإقليمي.
كما أعلنت الولايات المتحدة أيضا عن مقتل أبي عمر الشيشاني في 14 مارس، على الرغم من عدم تأكيد هذا الخبر. وكان أبو عمر الشيشاني أبرز قائد أجنبي داخل تنظيم الدولة الإسلامية ، حيث قاد العديد من المعارك في شرق سوريا بعد انضمامه إلى الجماعة في العام 2014. كما قتل أبو أثير العبسي، وهو رجل معروف بآرائه المتطرفة للغاية حتى بين المتطرفين الآخرين الذين سجنوا معه في سجن صيدنايا قبل الانتفاضة السورية. وقد أطلق سراحه في العام 2011 جنبا إلى جنب مع غيره من مئات الجهاديين، وأسس جماعة مستقلة انضمت فيما بعد إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العام 2013. وقد كان أحد القادة الرئيسيين الذين ساعدوا أمير تنظيم الدولة الإسلامية أبا بكر البغدادي في أواخر العام 2012 في محاولته للإطاحة بأمير جبهة النصرة أبي محمد الجولاني، وتوسيع حكمه في سوريا.
ومن بين عشرات الجهاديين القتلى، يأتي عبد الرحمن مصطفى القادولي باعتباره الشخصية الأكثر أهمية، وهو معروف بالعديد من الاسماء الحركية مثل أبي علاء العفري، وأبي علي الأنباري وحجي إمام. وقد تم إعلان وفاته أربع مرات على الأقل من قبل السلطات العراقية ومرتين من قبل الأمريكيين، ولكن يبدو أن هذه المرة هي الأكثر مصداقية حيث بدأ بعض مؤيدي تنظيم الدولة الإسلامية في الترحم عليه على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية مقتله في يوم 25 مارس.
ولم يكن هناك الكثير من المعلومات المعروفة عن العفري، واتضح أن كثير من المعلومات المعروفة عنه كانت غير دقيقة. وقد عرفه خبراء الأمن عن طريق الخطأ بأنه ضابط سابق في نظام صدام حسين، ولكنه كان ناشطا جهاديا منذ الثمانينات داخل العراق. وقد سافر من تلعفر، وهي مدينة تقع بالقرب من مدينة الموصل، إلى أفغانستان في العام 1998، ثم انضم في وقت لاحق إلى تنظيم القاعدة في العراق في العام 2004. وكان قد شغل أعلى منصب شرعي في التنظيم منذ العام 2004.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أصبح أميرا لما يسمى بالولاية، أو المحافظة، وأشرف على الأجهزة الأمنية منذ العام 2014. وكانت هناك شائعات بأنه قد زار ليبيا في العام الماضي. كما اعتُقد عن طريق الخطأ أن أبو علي الأنباري، وهو أحد أسماءه الحركية، هو شخص آخر غيره.
ومنذ ذلك الحين، أصبح أحد الشخصيات الفعالة – إن لم يكن الشخص الوحيد- في تشكيل فكر تنظيم الدولة الإسلامية كما نعرفه اليوم. حيث يفصل في ما يقرب من 40 محاضرة لرجال الدين الكبار الذين ينتمون للتنظيم وجهات النظر الأساسية المتطرفة التي تسود داخل تنظيم الدولة الإسلامية، بدءا من رفض المعايير الديمقراطية الحديثة وانتقاد أماكن العبادة الصوفية والشيعية إلى تحريم الصلاة خلف أي إمام في أي مكان في العالم لا يلتزم بفهمه المتشدد للإسلام. وتوفر أحاديثه نافذة جديدة رائعة على كيفية عقلنة وجهات النظر المتطرفة في الجماعة، والتي تعد غير مقبولة حتى لزملائه من الجهاديين.
ومن الناحية العملية، تكيفت منظمات مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية على مر السنين على البقاء بعد استهداف قادتهم. ومعظم الأعضاء والقادة الفعالين في التنظيم يمكن استبعادهم، ويمكن للجماعة أن تستمر بدونهم.
ولذلك، فإن قتل القياديين البارزين على مدار الشهر الماضي قد لا يكون ذا تأثير كبير على أرض المعركة. ومع ذلك، قد يتركوا فجوة في النظرة الإيديولوجية المتغيرة، وخاصة أنه قد تم استهداف رموز دينية كبيرة في هذا المجال.