هل الدول الغربية بحاجة إلى إعادة النظر في تعاملها مع الحركات الإسلامية المعتدلة؟

12 أبريل، 2016

هل الدول الغربية بحاجة إلى إعادة النظر في تعاملها مع الحركات الإسلامية المعتدلة؟ ولماذا يتم التضييق على التيار الإسلامي المعتدل في بعض الدول العربية والغربية؟ هل الضغط المستمر على هذا التيار يصب في صالح الحركات المتشددة؟ تساؤلات عدة طرحت وبقوة، خاصة بعد منع إيطاليا دخول بعض الدعاة المعتدلين، وعلى رأسهم الداعية الإسلامي د. طارق السويدان.

حذر خبراء وأكاديميون من خطورة التضييق على الدعاة الإسلاميين المعتدلين، الذين يتبنون مبادئ العمل الديمقراطي. ووصفوا هذا التضييق بأنه خدمة مجانية للتنظيمات المتشددة والعنيفة، بما قد يدفع شباب تلك الجماعات إلى اللجوء للعنف والانضمام لـ”داعش”.

أفكار سويدان المعتدلة تمنعه من دخول إيطاليا

من جانبه علق  الدكتور طارق السويدان، على قرار منعه من دخول إيطاليا قائلًا: “إن وزير الداخلية الايطالي أصدر قراراً بمنعي من دخول ايطاليا إرضاءً لمتطرفين هناك، بسبب مواقفي المعادية لصهاينة ‫‏إسرائيل”.

وتابع الداعية: “أقول له ولأمثاله: إذا منعتم من يواجه ‫‏داعش فسيخلو لهم المجال لنشر أفكارهم الخطيرة بين الشباب.. وأقول له أيضاً: هل يمكنه منع أفكاري في عالم الإنترنت؟”.

وقد أثار رد السويدان على قرار منعه من دخول الأراضي الايطالية، تساؤلات حول ما يعتبره البعض تضييقًا على قادة الحركات والتيارات الاسلامية المعتدلة، وهي تحاول دخول غمار مواجهة الأفكار المتطرفة للجماعات الجهادية والمسلحة، والتي لم تتمكن القوة العسكرية من قهرها حتى اليوم.

أحداث بروكسل وراء التضيق على الإسلاميين

محللون وخبراء عزوا تفجيرات باريس وبروكسل جزئيًا للتضييق على المعتدلين من الإسلاميين. وقالت الناشطة السياسية اليمنية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان: إن “ربيع داعش” جاء نتيجة لخذلان ربيع الشباب العربي والتآمر عليه والتضييق على المعتدلين.

وأضافت في خطابها أمام المجلس الأوروبي في المنتدي العالمي للديمقراطية بمدينة “ستراسبورغ” الفرنسية: “نقول للغرب جاءكم ربيع داعش بعد أن تآمرتم على الربيع العربي”، مشيرة إلى أن ربيع “داعش” جاء نتيجة لخذلان ربيع الشباب العربي والتآمر عليه، وأن الإرهاب والاستبداد وجهان لعملة واحدة.

وفي ذات السياق قال المفكر الإسلامي التونسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي: إن تنظيم “داعش” هو البديل الذي نتج عن إقصاء التيار الإسلامي المعتدل..

وأكد الغنوشي أن “داعش” يمكن مواجهته فكرياً، لأن تصورهم للإسلام لا يستقيم من ناحية الدليل، وأن الخلل في فكر “داعش” ومدخل الشر والتطرف هو تكفير المسلم بالذنب، بينما يلح الإسلام على أن الفكر الوسطي والتيار الرئيس في الفكر الاسلامي رفض تكفير المسلم.

الإسلاموفوبيا في الغرب

من جانبه أوضح جون إسبوسيتو؛ أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الإسلامية في جامعة جورج تاون، أنه رغم أن الوضع يختلف من بلد إلى بلد آخر، إلا أن من المنصف القول إنه في دول أوروبية عديدة، كما في الولايات المتحدة أيضاً، أصبحت الإسلاموفوبيا موضوعاً رئيسياً نما بصورة هائلة في أعقاب الهجمات التي وقعت في باريس وسان برناردينو بكاليفورنيا.

وأشار إلى أن الهجمات التي شهدتها بعض البلدان الأوربية تولد خوفاً يمكن تفهمه، ولكن بعض الساسة والأحزاب السياسية وعدد من الواعظين قاموا باستغلالها للترويج لمصطلح الإسلاموفوبيا منذ ذلك الوقت.

وأكد أن الإعلام الغربي تقوده السوق (أخبار العنف تتصدر العناوين)، وهذا يعني أن الإعلام يركز على الصراعات والعنف والإرهاب، بينما بقيت التغطية الخاصة بالإسلام والمسلمين العاديين، ضعيفة.

دعشنة الجماعات الإسلامية المعتدلة

وأوضح الكاتب والإعلامي السوري الغريب، أنه قد عادت ظاهرة «الإسلاموفوبيا» إلى الحياة من جديد بقوة رهيبة، خاصة بعد الربيع العربي، الذي كان من أبرز نتائجه فوز الإسلاميين في الانتخابات التي جرت في بعض الدول العربية. فقد فاز حزب في تونس. ولحقه الإخوان المسلمون والسلفيون في مصر، ناهيك عن أن الإسلاميين تصدروا المشهد في ليبيا في البداية. بعبارة أخرى، فإن بروز الإسلاميين على المشهد السياسي بقوة انتخابية غير مسبوقة جعل خصومهم، خاصة اليساريين والليبراليين والعلمانيين وأيتام الحكام الساقطين والمتساقطين، يتهافتون على التحذير من الخطر الإسلامي على الديمقراطيات الوليدة في المنطقة العربية في أعقاب الربيع العربي.

وأضاف في مقال له بعنوان “هل تتدعشن الجماعات الإسلامية؟”: لقد حاول العلمانيون وأذناب الأنظمة المتساقطة كل ما بوسعهم لتخويف الشعوب من الصعود الإسلامي الجديد، بطريقة تفوق بشاعة الطريقة الغربية التي سادت على مدى العقدين الماضيين، وكأن الإسلاميين الجدد بعبع مرعب.

ولفت إلى أنه من الواضح أن الذين يخوفون المجتمعات العربية من المد الإسلامي، لم يتعلموا من الدرس الغربي، فرغم الحملات الشعواء التي شنها الإعلام الغربي على الإسلاميين على مدى العشرين عاماً الماضية، إلا أن الإسلاميين ظلوا يحققون النصر تلو الآخر في الشارع العربي. ولما أتيحت لهم فرصة ديمقراطية حقيقية حصدوا الأخضر واليابس في الانتخابات.

وطالب القاسم التيارات السياسية المناهضة للإسلاميين بأن تبحث عن طرق جديدة لمنافستهم، بدلًا من أن تجتر الأساليب الغربية البائسة التي لم تفشل فقط في تشويه سمعة التيار الإسلامي، بل جعلت منه أكثر قوة، والأخطر من ذلك الآن وفي ظل هذه الحملات الشعواء ضد الإسلاميين في العديد من البلدان، يُخشى أن تتدعشن الأحزاب الإسلامية المعتدلة التي قبلت باللعبة السياسية، بعد أن استخدم خصومها ضدها أقذر الأساليب لإخراجها من اللعبة السياسية.

وتساءل أين تذهب التيارات الإسلامية الديمقراطية عندما ترى أن كل الأبواب أصبحت مغلقة في وجوهها؟ ألا تصبح الجماعات المتطرفة، التي باتت تشكل صداعاً كبيراً للداخل والخارج، الوجهة المفضلة للقوى الإسلامية المعتدلة؟

12 أبريل، 2016