آثار قرية بقرص بدير الزور في بيت مال (داعش)
13 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016
محمد عبد الهادي: المصدر
كشفت مصادر ميدانيّة عن قيام تنظيم “داعش” بالتنقيب عن الآثار في تلّة الدّاوود الواقعة في قرية بقرص تحتاني (40 كم) شرق مدينة دير الزور.
وقال الناشط الميداني “محمد الشامي” لـ “المصدر” إن التنظيم يقوم منذ يوم الإثنين (11 نيسان/أبريل) بالتنقيب لأوّل مرّة في تلّة الداووديّة برفقة مدنيين ليسوا عرب، يعتقد أنّهم سماسرة وتقنيو تنقيب دخلوا عن طريق العراق، ويتبعون لمافيات تهريب الآثار التي تزايد عملها في الفترة الأخيرة في ريف دير الزور، مشيراً إلى أنّ السماسرة يتحرّكون في الريف بحماية عناصر من تنظيم “داعش”.
ولفت “الشامي” أنه لا يوجد من بين المجموعة أيّ خبراء مختصّين بالبحوث العلميّة الأثريّة، وإنّما هم فنّيون يعرفون طرق الحفر برويّة، واستخراج القطع وتغليفها بالقطن والاسفنج، والتعامل مع القطع الضعيفة وكيفيّة تصنيع قوالب جبسيّة لحمايتها من الكسر أو تأذي القطع.
وأكّدت مصادر ميدانيّة أنّ تنظيم “داعش” كثّف من عمليّات تنقيب الآثار في الفترة الأخيرة، بسبب فقدانه أهمّ مصدر من مصادر تمويلهم المحلّي وهو النفط، إذ لم يعد يستطيع التنظيم الاستفادة من النفط بكميّات كبيرة، بسبب قصف طيران التحالف لآبار النفط، ولذلك لجأ لبيع الآثار عن طريق مافيات عالميّة، أو تجّار محليين يسمح لهم بالتنقيب بعد استخراج موافقة من قيم الآثار بديوان الركاز التابع للحسبة، مقابل 60 في المئة من الأرباح.
وقال المهندس المعماري والمهتم بشؤون الآثار والمتاحف “ماهر حميد” في حديث لـ “كلّنا شركاء” إنّ ما يحدث من عمليّات تنقيب عشوائي هي جريمة كبرى، وقد تكون جريمة العصر، لا سيما سرقة النقوش التي تتحدث عن تاريخ المنطقة، ففقدان أي نقش من هذه النقوش هو فقدان حلقة من التاريخ، فمثلاً منطقة بقرص بدير الزور والذي يجري التنقيب فيها حاليّاً تعتبر أوّل مدينة في التاريخ تصمم وفق مخطط مسبق، أي هي التي وضعت أسس تخطيط المدن، و”دورا اوروبوس” فيها أوّل كنيسة ما تزال آثارها قائمة منذ أن بنيت في عام 150 سنة ميلاديّة، وآثار ماري تحتوي سجلّات تاريخيّة إحصائيّة وهي عاصمة شديدة الأهميّة الثقافيّة، وفيها أكبر قصر على وجه الأرض وهي التي شهدت المرحلة السومريّة والأكادية والعموريّة والآشوريّة، وتعتبر خلاصة حضارات المنطقة، كلّ هذا وأكثر هو الهويّة التاريخيّة لمحافظة دير الزور، وسرقته هو سرقة شعب وحضارات.
وذكر خبراء الآثار من خلال عدّة نداءات أطلقوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن عمليّات التنقيب العشوائي تتسبّب في تخريب سويات أثرية لمواقع تاريخية في غاية الأهمية، من شأنها تقديم معلومات هامّة عن الموقع الذي جرى التنقيب العشوائي فيه، كما حدث في مواقع “دورا اوروبس” والرحبة وغيرها من المواقع الأثريّة.
وحلّل تنظيم “داعش” من خلال فتوى أصدرها (بحسب نشطاء)، مهنة التنقيب عن الآثار والاتّجار بها، معتبراً إيّاها لقية، يحق لمن وجدها الاستفادة منها، بشرط أن يتنازل عن نسبة من الأرباح لـ “بيت مال المسلمين”.