‘على قائمة الاغتيال: هذا ما شعرت به حين طاردتني الطائرات بدون طيار الأمريكية’
14 أبريل، 2016
الإندبندنت –
أشعر بغرابة وأنا أعلم أنني على “قائمة الاغتيال”. أعرف هذا لأنّه قد قيل لي، ولأنّه تمّ استهدافي مرارًا وتكرارًا. لقد أُطلقت صواريخ تجاهي أربع مرات. أنا محظوظ للغاية لأنني على قيد الحياة حتى الآن.
لا أريد أن ينتهي بي الحال لأكون مجرد “أشلاء” بعد نسفي بواسطة صاروخ هيلفاير من طائرة بدون طيار. الأهم من ذلك، لا أريد أن تصبح عائلتي هي الضحية، أو تعيش والطائرات بدون طيار تحلق فوق رؤوسهم، مدركين أنه عُرضة للقتل في أي لحظة.
أتواجد في إنجلترا هذا الأسبوع لأنني قررت أنه إذا أراد الغربيون قتلي دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التحدث معي في البداية، ربما ينبغي أن أتحدث إليهم بدلًا من ذلك. سأحكي قصتي حتى تتمكنوا من الحكم بأنفسكم عما إذا كنت من النوع الذي تريدون قتله أم لا.
أنا من وزيرستان، المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان. أنا واحد من قادة لجنة السلام بشمال وزيرستان، وهي هيئة من قادة المجتمع التي تكرّس جهودها للحفاظ على السلام في منطقتنا. تعترف الحكومة الباكستانية بالمنطقة التي نعيش فيها، ومهمتنا الرئيسية هي منع العنف بين حركة طالبان المحلية والسلطات الباكستانية.
في يناير عام 2010، أعطيت سيارتي لابن أخي، ساليمولا، ليقود بنا إلى ديجان لتغيير الوقود وفحص أحد الإطارات. حينها ظهرت شائعات بأن طائرات بدون طيار كانت تستهدف سيارة معينة، وتتعقب إشارات هاتف معين. كانت السماء صافية، وكانت هناك طائرات بدون طيار تحلّق في سماء المنطقة.
في ظلّ حديث ساليمولا مع الميكانيكي، توقفت سيارة أخرى بجانبي. كان هناك أربعة رجال بداخلها، من عمال المناجم المحليين. دمر صاروخ السيارتين، ومات الرجال الأربعة، وأصيب ساليمولا بجروح خطيرة، وأمضى 31 يومًا في المستشفى.
وعند التفكير في تلك الحادثة، كنتُ قلقًا من أنهم كانوا يستهدفونني؛ لأنّ الطائرات بدون طيار تستهدف سيارات الأفراد التي تريد قتلهم في وزيرستان.
وجاء الهجوم التالي في 3 سبتمبر عام 2010. في ذلك اليوم، كنت أقود سيارة تويوتا هايلكس حمراء ذات الدفع الرباعي لحضور “جيرغا”، اجتماع لكبار القادة بالمنطقة. سيارة حمراء أخرى، متطابقة تقريبًا مع سيارتي، كان على بُعد 40 متر. عندما وصلنا إلى منطقة خضر خيل، انفجر صاروخ فوق السيارة الأخرى، مما أسفر عن مقتل جميع ركابها الأربعة. انطلقت بسرعة، وأنا أشاهد ألسنة اللهب والحطام في مرآة الرؤية الخلفية.
في البداية اعتقدتُ أنَّ تلك السيارة ربما كانت تابعة للمسلّحين، وتصادف أنني كنت قريبًا منها. ولكن علمتُ لاحقًا أنَّ الضحايا الأربعة كانوا من العمّال المحليين من قبيلة مادا خيل، وليس لدى أي منهم أي علاقات مع الجماعات المتشددة. الآن، من المرجح أنني كنت الهدف.
وجاء هجوم ثالث من طائرة بلا طيار في 6 أكتوبر عام 2010. دعاني صديقي سليم خان لتناول العشاء. استخدمت هاتفي للاتصال بسليم لإبلاغه بوصولي، وقبل وصولي هناك انفجر صاروخ، أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الفور، من بينهم ابن عمي، كليم الله، وهو رجل متزوج ولديه أطفال، ومعاق عقليًا. مرة أخرى، لا يرتبط أي من الضحايا بالجماعات المتطرفة.
الآن، أيقنت أنهم يلاحقونني.
وبعد خمسة أشهر، في 27 مارس عام 2011، استهدف صاروخ أمريكي جيرغا، حيث يعمل القادة والأصدقاء والمقربين على حل نزاع محلي وإحلال السلام. قُتل نحو 40 مدنيًا في ذلك اليوم، جميعهم أبرياء، ومن بينهم زملائي في لجنة السلام بشمال وزيرستان. كنتُ قريبًا من مكان الحادث المروّع.
ومثل الآخرين في ذلك اليوم، قلتُ أشياءً ندمت عليها. كنت غاضبًا، وقلتُ إننا سننتقم لأنفسنا. ولكن في الحقيقة، كيف لنا أن نفعل شيء من هذا القبيل؟ كان أكثر ما أحبطنا هو عجزنا عن حماية شعبنا.
تمّ تحذيري من أن الأمريكان وحلفائهم وضعوني وغيري من لجنة السلام على قائمة القتل. لا أستطيع ذكر مصادري، لأنهم سيجدون أنفسهم مستهدفون أيضًا لمحاولة إنقاذ حياتي. لكن هذا يجعلني على يقين من أنني أحد المستهدفين.
وسرعان ما بدأت بإبعاد أي سيارة عن وجهتي لتجنب استهدافها. بدأ أصدقائي في رفض دعواتي، لأنهم شعروا بالخوف من سقوط صاروخ أثناء تناول العشاء.
اعتدت النوم تحت الأشجار في بيتي، لتجنب جعلي نقطة جذب لموت عائلتي كلها. ولكن في إحدى الليالي تبعني ابني الأصغر، هلال (6 سنوات)، إلى سفح الجبل. وقال إنه خائف أيضًا من الطائرات بدون طيار التي تحلّق فوق رؤوسنا بالليل. حاولت تهدئته، وقلت إنَّ الطائرات بدون طيار لا تستهدف الأطفال، لكنه لم يصدقني. وقال إنَّ الصواريخ قتلت الأطفال في كثير من الأحيان. وحينها أدركت أنني لا يمكن أن أسمح لعائلتي بالعيش على هذا النحو.
أعلم أن الأمريكان يعتقدون أنني معارضًا لحروب الطائرات بدون طيار. إنهم محقون في ذلك. اختيار بعض الأفراد لاغتيالهم، وقتل تسعة من أطفالنا الأبرياء، هي جريمة ذات أبعاد لا توصف. إنَّ سياستهم غبية بقدر ما هوي إجرامية، لأنه تؤدي إلى تطرف الأشخاص الذين نحاول تهدأتهم.
وأدرك أن الأمريكان وحلفائهم يعتقدون أنَّ لجنة السلام هي جبهة قتالية، وأننا نخلق مساحة آمنة لحركة طالبان في باكستان. لهذا أقول: أنتم مخطئون. أنتم لم تذهبوا قط إلى وزيرستان، لذلك كيف لكم أن تعرفوا ذلك؟
مقولة أنَّ الغرب لا يتفاوض مع “الإرهابيين” هي مقولة ساذجة. لم يكن هناك أي مرحلة انخرط فيها الإرهابيون داخل المجتمع من دون تفاوض. من الأفضل دائمًا أن تتحدث لا أن تقتل.
لقد سافرت في جميع أنحاء العالم لأنني أريد أن حل هذا النزاع باستخدام القانون وعبر المحاكم، لا باستخدام البنادق والمتفجرات.
اسألوني أي سؤال يخطر ببالكم، ولكن احكموا عليّ بشكل عادل، ومن فضلكم توقفوا عن ترويع زوجتي وأطفالي. واحذفوا اسمي من قائمة الاغتيال.