‘غسان المفلح يكتب: علي الشهابي ومنيف ملحم’

14 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016

7 minutes

غسان المفلح يكتب: علي الشهابي ومنيف ملحم – مدار اليوم آخر الأخبار

غسان المفلح

الكتابة عن رمزين للحرية في سورية مغيبان حالياً في سجون النظام، علي منذ سنوات ومنيف منذ اشهر.
مسألة الكتابة عنهما تحتاج إلى شحن ذاكرة معطوبة كذاكرتي. معطوبة سورياً بكل هذا الدم, الاسدية احتلت سورية منذ أكثر من 46 عاما. كان عقد السبعينات من القرن العشرين، شهد تتويج الاحتلال الاسدي بحكم ديكتاتوري طائفي.
عهد انبثق فيه بسورية ظاهرة اليسار الجديد ممثلة برابطة العمل الشيوعي, في مخيم اليرموك او فلسطين، ارتبطت اسم الرابطة بعلي الشهابي, لا اريد ان اسرد تاريخا هنا. هما من اسسا لما عرف لاحقا بالتيار التروتسكي داخل الرابطة التي تحولت لحزب لاحقا 1981.
علي يكاد أن تتجاوز سنوات اعتقاله العشرين عاما. ومنيف اقل من هذا الرقم. فقط من يريد مبررا أخلاقيا للوقوف ضد الاسدية، يكفيه اعتقال علي ومنيف.
علي كان فلسطينيا بقدر ما هو سوري وسوري بقدر ما هو فلسطيني.
الاسدية وقفت بوجه أحلام الفلسطيني والسوري معا. هذه فحوى نضالية علي. منيف كان مثال الحزبي الملتزم رغم انه من الأقلية في الحزب. لا يمكن أن نذكر منيف من دون أن نذكر سيرة آل ملحم من قرية ابوحكفة التابعة لناحية المخرم شرقي حمص.
في سنوات اجتمع خمسة اخوة في سجن صيدنايا منيف وامير ضابط اعتقل لسنوات وسرح من الخدمة، وياسر اعتقل لـ 13 عاما، ومنذر ثماني سنوات، ونبيل ست سنوات. الاسدية ارتكبت مجزرة اعتقال بحق هذه العائلة، وبعدها اعتقل علي ملحم ابن امير. منذ اشهر عادت الاسدية واعتقلت منيف من جديد. كان بإمكان علي ومنيف مغادرة سورية لكنهما لم يفعلا. في ذكر علي ومنيف لابد من الحديث عن دور اليسار عموما في الثورة السورية. عندما نتحدث عن اليسار لا نتحدث عن الحزب الشيوعي البكداشي. لانه جزء من الاسدية المتاجرة بشعارات اليسار.
اليسار الذي كان مناضلا ضد الاسدية كان يتمثل في الحزب الشيوعي «المكتب السياسي» أو حزب الشعب الديمقراطي، بزعامة ابن العم رياض الترك، الذي لايزال داخل سورية، وحزب العمل الشيوعي الذي كان المعتقل الحالي الدكتور عبد العزيز الخير ابرز رموزه.
لماذا تبعثر اليسار في الثورة؟ سؤال من اهم الأسئلة التي يجب على اليساريين السوريين طرحه. سقوط السوفيات كان له كبير الأثر في مزيد من الخلخلة والتيه في صفوف اليساريين، لكن الخلافات في صفوف اليساريين كانت تتمحور بشكل أساسي حول: أولا: الموقف من طبيعة النظام الاسدي. ثانيا: الموقف من المسألة الطائفية. ثالثا: الموقف من جماعة الاخوان المسلمين. إضافة إلى امراض اخرى اقل حضورا. اليساريون هم أكثر من كتبوا عن الواقع الاجتماعي في سورية، لكنهم كانوا اقل تأثيرا على هذا الواقع. لماذا؟
تبادل الاتهامات بين حزب الشعب الديمقراطي ومناضلي حزب العمل الشيوعي، كانت ولاتزال لغة بعيدة عن الحوار البناء. في هياكل الثورة كان واضحا حضور حزب الشعب الديمقراطي واوساطه، اكثر بكثير من مناضلي حزب العمل. تبعثر مناضلي حزب العمل والردة التي اصابت بعضهم كفاتح جاموس وغيره. الردة نحو طائفتهم لدرجة مخزية. هذه الردة لم تحدث في أوساط حزب الشعب رغم وجود خلافات داخلية لديهم. لكن الغريب في الامر أن مناضلي حزب العمل هؤلاء كانوا الأخطر أيديولوجيا على الثورة تحت جنح العلمانوية!
منيف ملحم لم يكن من هؤلاء. رغم ان معظم هؤلاء انتسبوا لحزب العمل الشيوعي، وفي ادبياته أن هذا النظام الاسدي ديكتاتوري ذو سمات طائفية، بمعنى انه ليس علمانيا. هذا التقييم لطبيعة النظام كان منذ تأسست الرابطة في العام 1976 من دون ان يسألوا انفسهم هل بقيت هذه السمات ام تراجعت؟ ومن دون ان يقدموا توضيحا بسيطا عن هذا التحول، خصوصاً في نفيهم صفة الطائفية عن الاسدية، ولم يقتصر الامر على هذا، بل راحوا يتهمون الثورة بالطائفية. من جهة أخرى كان بعض مناضلي حزب الشعب الديمقراطي يحاولون استبعاد بعض مناضلي حزب العمل. لكن لعلي ومنيف خطهم الخاص يمكن للقارئ الكريم العودة لكتاباتهم. إن اعتقال الاسدية لعلي الشهابي ومنيف ملحم كاف لكي يعيد بعض اليساريين موقفهم من الاسدية. هذه نبذة عن كل منهما.
علي الشهابي ناشط سياسي فلسطيني ولد في العام 1955، مدرس لغة إنكليزية متقاعد، عمل بالتدريس لصالح منظمة «الأونروا»، وكان له معهد خاص بالتدريس في مخيم فلسطين باسم «معهد الخيام»، اعتقل أواسط شهر ديسمبر من العام 2012، من قبل فرع فلسطين العسكري، ولا يعرف عنه شيء منذ اعتقاله، ما يثير المخاوف على حياته، وكان الشهابي قد اعتقل في العام 1975، وأمضى في المعتقل نحو العام، ثم اعتقل مرة ثانية في العام 1982، بتهمة الانتماء للحزب العمل الشيوعي، رغم أنه كان قد ترك الحزب، بعد خروجه من السجن في العام 1991، أصدر كتابه الأول في العام 1992، بعنوان «البنية الجديدة للعالم». وكتابه الثاني «سورية إلى أين؟» في العام 2005، كما نشر عشرات المقالات والدراسات. واعتقل للمرة الثالثة حين تم استدعاؤه من قبل أمن الدولة في دمشق في العام 2006، حينها تعرض للضرب والإهانة والتعذيب بكل أشكاله وبعد شهرين تم تحويله إلى القضاء، بتهمة تأسيس حزب مناهض للدولة، والتوقيع على إعلان بيروت – دمشق.
منيف ملحم من مواليد حمص 1950. متخرّج في الكلية العسكرية، سلاح الصواريخ. وتمّ تسريحه من الجيش العام 1973 بتهمة أنه «ماركسي». معروفٌ كعضوٍ في الحلقات الماركسية. وهو من مؤسّسي حزب العمل الشيوعيّ في سورية العام 1981، ومن قادة التيار اليساريّ (التروتسكي) فيه. اعتقل العام 1981 على خلفية نشاطه المعارض وقضى في سجون النظام نحو ستة عشر عاماً، وأفرج عنه العام 1997. أسّس، مع بعض الشباب اليساريين في فترة «ربيع دمشق»، منتدى اليسار للحوار، والذي استمرّ لمدّة عام وصدرت ندواته في كتابٍ تحت اسم «حوارات منتدى اليسار». وهو من مؤسّسي حركة مناهضة العولمة العام 2002. ومعروفٌ كناشطٍ سلميٍّ عمل من أجل تشكيل حركة يسارية ماركسية جديدة في سورية تكون جزءاً من اليسار العالميّ».
الحرية لهما ولسورية من الاسدية

المصدر: السياسية

“يذكر أنه تم إطلاق سراح منيف ملحم قبل يومين”

مقالات مشابهة

x
‎قد يُعجبك أيضاً

ارسل عبر الواتس ابعريب الرنتاوي المسافة بين النظام والمعارضة السوريين، ما زالت …

أخبار سوريا ميكرو سيريا