عمليات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تؤدي إلى انتشار الفوضى في العالم
15 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016
نيو إيسترن أوت لوك –
معظم الناس على بينة بالعمليات السريّة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي يرعاها البيت الأبيض في مراحل مختلفة من التاريخ لينشر الفساد في جميع أنحاء العالم. ولكن الشباب الأصغر سنًا هم مَن يسقطون ضحايا لتلك المجموعة الواسعة من العمليات.
ليس هناك حاجة لوصف تفصيلي كامل لعمليات وكالة المخابرات المركزية، يكفي فقط أن نذكر بعضًا منها:
عملية “ARTICHOKE ” – تطورت هذه العملية من مشروع بلوبيرد وبدأت في عام 1951 إلى أن تتحول لاحقًا إلى مشروع “إم كي ألترا”. وكان الهدف من هذه العملية هو اختبار قدرة الحكومة على إحداث حالة فقدان الذاكرة من خلال استخدام المؤثرات العقلية بين بعض الأفراد. وأسفرت هذه العملية عن خلق الأمفيتامينات وعقاقير الهلوسة التي تمّ تجربتها على سكّان جمهورية ألمانيا الاتحادية.
مشروع “TPAJAX” – انطلق هذا المشروع في عام 1953 في تعاون وثيق مع المخابرات البريطانية لإسقاط الحكومة الإيرانية، وكانت أول محاولة ناجحة لإطلاق انقلاب من الخارج في التاريخ الحديث.
عملية “Cyclone“ – كان الهدف من الاسم الرمزي لبرنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية هو تسليح المجاهدين الأفغان أثناء الحرب الأفغانية، مما أدى إلى ظهور وتعزيز تنظيم القاعدة. واعترق عملاء أمريكان بأن هذه العملية كانت واحدة من أطول وأغلى العمليات السريّة لوكالة المخابرات المركزية، حيث وصلت التكلفة الإجمالية إلى 20-30 مليون سنويًا في عام 1979 عندما بدأت وسرعان ما وصلت التكلّفة إلى 630 مليون دولار في عام 1987. هذه العملية وحدها أغرقت بشكل فعّال بعض اللاعبين الإقليميين في حالة من الفوضى.
عملية “Mockingbird” – انطلقت في عام 1950 في محاولة للتأثير على وسائل الإعلام الدولية. تولى قيادة هذه العملية فيليب غراهام، الذي أصبح فيما بعد رئيس تحرير صحيفة واشنطن بوست. كشفت وثائق سريّة أن بعض المنافذ الإعلامية البارزة مثل ABC، NBC، CBS، وكالة أسوشيتد برس، ووكالة رويترز، وصحيفة ذا تايم، ونيوزويك وغيرها الكثير قد تعرضت للتهديد من قِبل وكالة المخابرات المركزية. ولتحقيق الأهداف المعلنة للعملية، كان بعض العملاء الأمريكان يقدمون رشوة للصحفيين وطلاب الجامعات والمنظمات الثقافية والمجلات لنشر الأخبار التي يريدونها. ومع تطور العملية بدأت وكالة المخابرات المركزية برشوة وسائل الإعلام الأجنبية والساسة. ووفقًا لمحللي وسائل الإعلام الغربية، فإنَّ المواد التي تمّ الحصول عليها أثناء هذه العملية تقع تحت سيطرة وكالة الاستخبارات المركزية والبيت الأبيض حتى اليوم للتأثير على وسائل الإعلام الأجنبية والأمريكية. وقد أكّد هذه الحقيقة أحد الصحفيين الألمان الذي كان يعمل لحساب صحيفة فرانكفورتر، الدكتور أودو آلفكوتي. ومع ذلك، فإنَّ الضغط المستمر على وسائل الإعلام الغربية التي تضطر إلى نشر معلومات مفبركة لقرائها ومشاهديها أحدث أزمة ثقة خطيرة؛ لأن معظم الناس لا يصدقون أي شيء تخبرهم به وسائل الاعلام الغربية اليوم.
يبدو أنه لا توجد فائدة من تذكير القرّاء كيف تمّت صناعة “الربيع العربي”، ومع ذلك فقد سمح للبيت الأبيض بالتخلص من عدد من القادة العرب غير المرغوب فيهم. ولكن يبدو أنه لا يوجد محلل غربي يعترف طواعية بأن هذه العملية كانت ناجحة. وما يسمى بــ “الديمقراطية على الطراز الأمريكي” فشلت في معظم الدول العربية، التي غرقت في حالة من الفوضى والبؤس والفقر والتطرف.
قائمة إخفاقات وكالة المخابرات المركزية لن تكتمل من دون الإشارة إلى مشروع “AERODYNAMIC” الذي ظهر مرة أخرى في عام 1949. وكان الهدف المعلن لهذه العملية هو زعزعة استقرار أوكرانيا وتعزيز “روسيا فوبيا” عبر أراضيها. وقد قررت وكالة المخابرات المركزية أنها ستستغل مجرم الحرب ستيبان بانديرا، العميل النازي الأوكراني خلال أيام الحرب العالمية الثانية. وبالفعل، تمّت الاستعانة بمصادر خارجية في التخطيط لهذه العملية من قِبل شركات مثل شركة “Prolog Research and Publishing Associates”، أما بالنسبة للتنفيذ، يمكننا أن نشاهده اليوم بأم أعيننا.
تركيا هي بلد آخر يتم استغلالها من قِبل وكالة الاستخبارات المركزية في محاولة لزعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي من خلال تدفق المهاجرين غير الشرعيين. وعلى الرغم من الفوضى التي تنشرها مثل هذه الإجراءات، إلّا أنَّ سلطات الاتحاد الأوروبي غير قادرة على فعل أي شيء حيال ذلك؛ لأنَّ تركيا تتمتع بحماية خاصة من البيت الأبيض.
العمليات السريّة الأحدث لوكالة المخابرات المركزية هي، بطبيعة الحال، “فضائح المنشطات” وتسريبات وثائق بنما الأخيرة. في تلك العمليات، يسيء بعض الخبراء الاستراتيجيين استخدام اعتقاد الأغلبية المطلقة من سكّان العالم بأنّه ينبغي عدم إخفاء أي أنشطة إجرامية في أي مجال من مجالات حياتنا، سواء كان ذلك في الرياضة أو العمليات المالية. بالتأكيد، فإن المستفيد الرئيسي من هذه الفضائح هو البيت الابيض، نظرًا لأن ذلك “يفضح” جرائم الدول التي تتردد في اتباع أوامر واشنطن.
وإذا أردنا أن نلقي نظرة على فضائح المنشطات الأخيرة، سيتضح لنا عدم وجود أي اتهامات ضد الرياضيين الأمريكيين وأنه تمّ الإعلان عن المزاعم قبل أبريل عام 2016، عندما كان على اللجنة الأولمبية الدولية الإعلان عن القائمة النهائية للدول المتنافسة للحصول على فرصة استضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2024، وذلك لأن الولايات المتحدة عازمة على الوصول إلى هذه القائمة من خلال استخدام كل الوسائل الممكنة، سواء المشروعة وغير المشروعة.
وفيما يتعلق بوثائق بنما، لم تسع وكالة المخابرات المركزية إلى مكافحة الفساد، لأن الولايات المتحدة كانت تدعم انتشار هذا الوباء في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم لسنوات عديدة. وقد تمّ تسريب هذه الوثائق للتأكيد على انتقادات قادة روسيا والصين وبعض الدول الأخرى التي عارضت ما تمليه عليهم واشنطن وساستها. ومع ذلك، وقع الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو ورئيس الوزراء البريطاني كاميرون في “النيران الصديقة”، لأنَّ شعوب الدول التي يرأسها هذان الزعيمان تدعو الآن إلى عزل قادتهم الفاسدين. وبقدر ما يتعلق الأمر بتورط وكالة المخابرات المركزية، ينبغي أن نذكر أن هناك مجموعة من المنظمات التي تتعاون بشكل وثيق منذ فترة طويلة مع وكالة الاستخبارات المركزية مثل منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي وفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية المتعلقة بغسل الأموال. وعلاوة على ذلك، فإنَّ النفوذ القوي الذي تتمتع بها وكالة المخابرات المركزية في بنما معروف منذ أيام دعم واشنطن للديكتاتور العسكري السابق لهذا البلد – مانويل نورييغا، الذي كان عميلًا لوكالة المخابرات المركزية. وهذا هو السبب الذي دفع المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مارك تونر، للإدلاء بالتصريح التالي:
” أود أن أدحض الافتراضات والادّعاءات التي تقول بأننا متورطين بأي شكل من الأشكال في تسريب هذه الوثائق”.
ومع ذلك، منظمات مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومعهد “المجتمع المفتوح”، المعروف باسم مؤسسة سوروس، مذكورة صراحة ضمن رعاة مركز دراسة الفساد والجرائم المنظمة والاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية التي نشرت الوثائق.
بالتأكيد، فإنَّ قائمة عمليات وكالة المخابرات المركزية تطول إلى أكثر من ذلك، ولكن تجدر الإشارة إلى أن معظم العمليات كانت تهدف إلى خلق حالة من الفوضى لصرف انتباه سكّان الولايات المتحدة ومناطق أخرى في العالم عن المشاكل الاجتماعية المُلّحة التي يواجهونها في حياتهم اليومية. وبالرغم من كل شيء، كانت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة نشطة للغاية في محاولة إظهار ساستها في أفضل صورة ممكنة ضد “مؤسسات عصابات الجريمة” الذين يزعمون أن لها اليد العليا في دول أخرى. ماذا فعل الساسة الأمريكان عندما دمرت مغامرات بلادهم العسكرية في الشرق الأوسط هذه المنطقة بأكملها، وأطلقت العنان لموجة من الإرهاب في جميع أنحاء العالم، والأعمال الإرهابية التي وُلِدت على يد تنظيم القاعدة التي كانت تغذيه واشنطن على أمل زائف لمحاربة منافسيها في جميع أنحاء العالم معها. في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتم مساءلة وكالة الاستخبارات المركزية بسبب “تجاربها” الفاسدة وبرامجها السريّة؟”