‘فلنكف عن طرح سؤال: لماذا يكرهوننا؟’
15 أبريل، 2016
ميدل ايست فورم –
في كل مرة يقع فيها هجوم إرهابي إسلامي يخلف وراءه ضررا كبيرا، تثير النخبة الغربية نفس السؤال. فبعد فترة وجيزة من قيام آخر الانتحاريين التابعين لتنظيم الدولة الإسلامية بتنفيذ هجمات بروكسل في يوم 22 مارس، غرد فرانشيسكا برانتنر نائب حزب الخضر الألماني قائلا “لماذا يكرهوننا إلى هذا الحد؟” ويستمر جهل النخب الغربية على الرغم من وجود الإجابة الواضحة أمامهم: انها ليست الكراهية، ولكنها أيديولوجية تدعو إلى العنف تسمى الإسلاموية. نحن الآن نشهد مرور 15 عاما تقريبا على تاريخ وقوع هجمات 11/9، وحان الوقت الآن للكف عن طرح هذا السؤال بعد كل هجوم جهادي كبير.
أولا، يتحتم علينا الإشارة إلى تنويه مهم: الضمير “هم” يعود على الإسلامويين والضمير “نحن” يعود على الجميع، بما في ذلك المسلمين المعتدلين (مع احترامنا لوجهة نظر دونالد ترامب).
لقد بدأت حالة الاستبطان الداخلي بشكل جدي في 14 أكتوبر من العام 2001، عندما سأل فريد زكريا في مجلة نيوزويك سؤاله “لماذا يكرهوننا؟” ومن ثم ألقى زكريا باللوم على الضحية. إذ يرى أن السبب هو دعم الولايات المتحدة لـ”حكم إسرائيل الجائر على الأراضي المحتلة”، وغيرها من مختلف “الدول البوليسية القمعية” في العالم العربي. وقد اعترف زكريا باختصار بـ “الفشل التام للمؤسسات السياسية في العالم العربي” ولكنه لا يزال يلقي باللوم على الولايات المتحدة لأنها تهمل “الضغط على أي نظام هناك من أجل إحداث انفتاح في مجتمعه” وينتهي هذا المقال بالنصيحة القائلة أنه “ليس لدينا أي خيار سوى العودة الى العمل على بناء الأمة”
وبعد عدة أيام، انتهى جون باورز في صحيفة لوس انجلوس ويكلي إلى أن الدعم الأمريكي لـ”أنظمة الشرق الأوسط الوحشية وغير الديمقراطية” هو جذر المشكلة، وخلص إلى “إنهم يكرهوننا لأننا لا نعرف حتى لماذا يكرهوننا”.
وقد استمر طرح السؤال طوال العقد التالي، وعاد طرحه بقوة من جديد في العام 2015، وهي السنة التي بدأت وانتهت بهجمات تنظيم الدولة الإسلامية في باريس. وفي 13 نوفمبر 2015، وفي حين كان يجري إحصاء عدد القتلى في مسرح باتاكلان بباريس وفي شوارع باريس، سأل بيل ماهر الضيوف في برنامجه التلفزيوني قائلا: “لماذا يكرهوننا؟” (وقد ألقى الضيوف باللوم على”عقيدة بوش”) قبل أن ينتهوا إلى قولهم أنهم “لازالوا لا يعرفون الجواب”.
وفي 7 ديسمبر 2015، سأل هشام ملحم نفس السؤال في مجلة بوليتيكو، ورأى أن الجواب يكمن في ضعف استيعاب المسلمين، وحالة الإسلاموفوبيا المتفشية من سان برناردينو إلى ضواحي باريس. وبعد هجمات بروكسل، نشرت مجلة بوليتيكو افتتاحية غير متوقعة بعنوان “لماذا يكرهوننا كثيرا؟” ملقية اللوم على حالة الشعبوية المتزايدة في أوروبا ومعاداة المهاجرين. وقد طرح مصطفى بيومي نفس السؤال في مجلة ذا نيشن، وأجاب بأننا ” يمكننا فقط الحفاظ على أنفسنا عندما نواجه غرورنا وإجراءاتنا، ووقف تعذيب الآخرين بالصمت”.
فهل تعلم الغرب شيئا في العقد ونصف العقد الماضيين؟ لماذا نعكف على طرح مثل هذا السؤال في حين أن الإجابة واضحة؟
توجد الأسس العقائدية لتنظيم الدولة الإسلامية في أربعة مسائل دينية يمكن العثور عليها بسهولة.
وتوجد الأسس العقائدية للسلالة الأكثر عنفا من الإسلاموية (وهو ما يسميه بعض المحللين بـ‘البنلادنية‘) في تلك المسائل الدينية الأربعة التي يمكن العثور عليها بسهولة. وتشكل هذه المسائل الأربعة مجتمعة الأيديولوجية التي تسعى لغزو العالم. ويتم التعامل مع جميع من يعارضونها بطريقة تبدو فقط وكأنها كراهية؛ لأننا لا يمكن أن نتصور أي دافع آخر للعنف غيرها.
أولا: عقيدة الولاء والبراء التي تسود بين الإسلامويين الذين تتألف نظرتهم إلى العالم من ثنائية دار الإسلام ودار الحرب. ويترجم مارك سيغمان هذان المصطلحان بـ”أرض الإسلام” و “أرض الصراع”. ويطالَب جميع من يقطنون دار الإسلام بالولاء، والالتزام الصارم بالشريعة الإسلامية، في حين يتم النظر إلى الباقيين في نهاية المطاف عى أنهم “آخرين”. وينظر الإسلامويون إلى الغرب على أنه دار الحرب.
ثانيا: عقيدة جهاد الطلب. وسواء كانوا تابعين لابن تيمية، أو أبي الأعلى المودودي، أو سيد قطب، أو عبد السلام فرج، أو أسامة بن لادن نفسه، استوعب الإسلامويون عقيدة الولاء والبراء لدرجة أنهم يعتقدون أن الانخراط في جهاد الطلب هو السبيل الوحيد للبقاء على نهج محمد. وغالبا ما يتم تصوير جهاد الطلب باعتباره جهاد دفاعي ضد “الهجمات” الأيديولوجية المنبثقة من دار الحرب. ويفرق الإسلامويون بين الانتحار والاستشهاد في سبيل الإسلام.
ثالثا: عقيدة الشهادة. يسيء الناس فهم الإرهاب الانتحاري معتقدين أن الكراهية وحدها يمكن أن تتسبب في جعل شخص ما يسعى إلى الانتقام عن طريق القيام بعمل يكلفه حياته. وفي الواقع، هذا فهم خاطئ، إذ يدعي الإسلامويون من حماس وحزب الله وحتى بن لادن أنهم يحبون الموت كما نحب نحن الحياة، ولكنهم في نفس الوقت يميزون بين الانتحار بدافع “الإحباط واليأس” بحسب أيمن الظواهري، والشهادة، التي يتم القيام بها من أجل “خدمة الإسلام”. والشيء الوحيد الذي يمكن تذكره حول الانتحاري التابع لحزب الله الذي قتل 141 جنديا من مشاة البحرية في 23 أكتوبر 1983 هو أنه كان يبتسم عندما كان يقود سيارته متوجها نحو مجمعهم في بيروت، لبنان. وعندما يفجر الانتحاريين الفلسطينيين أنفسهم، يحتفل الرفاق وأسرهم بزفافهم إلى الحور العين.
رابعا: عقيدة التكفير، وهو المصطلح العربي الذي يشير الى العملية التي يتهم فيها أحد الإسلامويين مسلما معتدلا أو مبتدعا بكونه غير مسلم، وبالتالي لم يعد يستحق الحماية التي كانت ممنوحة له بموجب عقيدة الولاء. ويصبح أولئك الذين تم تكفيرهم مجرد أعداء آخرين من دار الحرب. ويمكن للتكفير فقط، وليس الكراهية، أن يفسر كثرة المسلمين الذين قتلوا على يد تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.
وأولئك الذين يفشلون في فهم عقيدة الإسلاموية تظل تفسيراتهم مرتبكة، ويُرجعون العنف إلى الكراهية لأنهم لا يفهمون الدوافع الحقيقية. ومثل الزوجة التي تتعرض للضرب، يستمر ضحايا العنف الإسلاموي في محاولة عقيمة لتغيير سلوكهم لجعلهم يحبوننا.