‘السيسي تجاوز الانقلاب بمراحل: في مواجهة تحطيم وانهيار مصر’

16 أبريل، 2016

القصة باختصار أن هذا الانقلابي يندفع بقوة وسرعة مذهلة نحو حرق كل الأشواط التخريبية للوصول إلى القاع والانهيار.

أحرق أوراقه كلها تقريبا في زمن قياسي، ليس ثمة خطوة أقدم عليها وآتت أكلها وحصد الشعب ثمارها. لا أدري بأي عقل يفكر، أو أي عقل هذا الذي يفكر له، أربك كل شؤون الدولة والبلد، من المجتمع إلى الدين إلى الاقتصاد إلى الاستماتة في الدفاع عن قرار إلحاق ملكية جزيرتين ببلد آخر، وفي عهده بلغت فوضى الأجهزة الأمنية المتصارعة حدا جنونيا من الهيجان والقمع، وفقد السيطرة على كثير منها، وغرقت البلد في أوحال المجهول.

واقتنع جمهور كبير من الشعب أن هذا العسكري الحاكم أخرق معتوه قليل العقل كثير التخبط، ظنوا ابتداء أن عقدته الكبرى في الحديث ومخاطبة الناس، ليتبين لهم أن الكلام هو أقل ما فشل فيه، ذلك أنه أثبت أنه فوضى تمشي على الأرض، وأن البلد يقتات من التسول وصفقات البيع والشراء، فلا سياسات ولا اقتصاد ولا تصورات.

أظهر في بداية انقلابه أنه يواجه ويصارع الإخوان، وبعد فترة ترجع الإخوان وانسحبوا قليلا من المشهد، على الأقل ظاهريا، ليجد نفسه في مواجهة شعب غاضب ناقم مصدوم مذهول بضعف قدرات هذا العسكري وحجم تخبطه، أنَى لمثل هذا أن يحكم؟

لكن البعض تنبه إلى أن مهمة العصابة الانقلابية تمريغ مصر في الأوحال، أن تتحول إلى بندقية للإيجار، أن تبيع لتقتات، أن ترهن لتستمر، وقبل هذا وبعده أدرك السيسي أن بقاء نظامه مرهون بتحالف قوي مع الكيان الصهيوني، الذي يرى فيه ضرورة ملحة لأمنه القومي.

المتظاهرون اليوم احتجوا على “بيع الأرض”، لكن ليست هذه كل القصة، فما قبل “البيع” وبعده انهيار وتحطيم لبلد وانتحار جماعي، إن لم يوقفه الشعب، طليعته، ستغرق السفينة بركابها.

القضية أبعد من مجرد الفشل والسقوط، إنها مرتبطة بتدمير بلد وتحطيمه. وما عاد الحديث عن انقلاب دموي بتمويل خليجي وإسناد صهيوني وتواطؤ أمريكي، بشكل أو بآخر، وإنما تجاوزت العصابة حدود الانقلاب بمراحل وأشواط، هذا بلد يُراد إغراقه في أوحال الفوضى والتخبط، بل حتى هذا تجاوزه، إنه يُحطم ويدمر في كل أركانه وزاياه.

وعلى هذا، فكل دعم لمصر، من أي كان، هو دعم لانهيار وتحطيم مصر، هو دفع نحو الهاوية والقاع.

هذا محتل داخلي بحماية صهيونية وتمويل خليجي، ما يفعله الاحتلال الأجنبي في البلاد التي يجتاحها ويغزوها فعلته عصابة السيسي، لم تتورع عن أي أداة استعمارية، وأسقطت كل أقنعتها، فما عاد الأمر يُقدر وفقا لاعتبارات التمويه والتخفي، فلا حاجة لذلك، فسرعته الجنونية نحو الهاوية والقاع تجاوزت مثل هذه الحسابات.

وما كان يدري، لحمقه وطيشه، أو أُريد له ذلك، أن هذه السرعة الهائلة في التدمير والتحطيم قد حركت الجماهير تلقائيا، وتجاوزت في هذا منطق التوجهات والتصنيفات، هبة شعبية ضد هذا الانهيار الشامل للبلد.

لم يعتبر من سابقه، بل أكثر من ذلك تجرأ على ما لم يقدر عليه المخلوع، ولعل هذا مما يُلاحظ، أن المستبدين والظلمة لا يعتبر بعضهم من بعض، بل قد يأتي اللاحق بأسوأ مما اقترفه سابقه، وهكذا.