‘القيّم الغربية الزائفة: مسيحيو الغرب يدعمون الإرهاب’
16 أبريل، 2016
لسنوات عديدة قيل لنا إنَّ القيّم الغربية تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان. لكنها ادّعاءات خاطئة
ميدل إيست آي –
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة العام في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى أن أعداد كبيرة من البريطانيين والأمريكيين يدعمون الإرهاب والقتل الجماعي للمدنيين.
وفقًا لاستطلاع أجرته هيئة الإذاعة البريطانية، 28 بالمئة من البريطانيين يعتقدون أنَّ الرجل المسؤول عن إلقاء قنابل حارقة على إحدى المدن الألمانية مما تسبب في وفاة ما يصل الى 25000 من المدنيين – عشرة أضعاف عدد الذين قُتلوا في أحداث 9/11 – كان أعظم شخصية في تاريخ البلاد.
وعلى الرغم من العديد من الفظائع التي تسبب فيها، الأسوأ من ذلك كله كانت مجاعة البنغال عام 1943 التي مات فيها ثلاثة ملايين شخص جوعًا عندما كان يتم تصدير المواد الغذائية وتدمير المناطق الساحلية بناءً على أوامر من رئيس الوزراء البريطاني، ومازال الملايين يعتقدون أنَّ ونستون تشرشل كان بطلًا قوميًا.
إنَّ دعم الإرهاب الذي ترعاه الدولة هو شعور مشترك لدى ملايين المسيحيين في أمريكا، أكثر من ثلثهم لا يزال يعرب عن تأييده لتدمير العراق من قِبل جورج دبليو بوش، حتى عندما يكون حجم الكارثة هو مئات الآلاف من القتلى. كما واصلت الأقليات دعم حرب الولايات المتحدة في جنوب شرق آسيا التي تسببت في مقتل الملايين من المدنيين.
وفي حال وجود شك بأن الأقلية المحافظة فقط هي التي تدعم مثل هذه الفظائع، تُظهر استطلاعات الرأي الدعم للقاتل الجماعي بنسبة 51 بالمئة. أكثر من نصف البلاد يدعمون الزعيم الذي يستخدم “قائمة الاغتيال” لسحق الأعداء المزعومين في بلدان بعيدة مثل اليمن والصومال وباكستان وسوريا، ولم تتم محاكمة هؤلاء القادة، وفي معظم الحالات، لم تكن هناك أي أدلة قانونية تثبت جرائمهم. وكان العديد منهم من الأبرياء الذين كانوا على قائمة الاغتيال في نظام مخبول يضرب من الجو، تتم فيه مكافأة مشغلي الطائرات بدون طيار وإخبارهم كيف ساعدوا في قتل الكثير من الأشخاص أثناء القيام بواجبهم. (الإسرائيليون – حلفاء أمريكا والمملكة المتحدة – يدعمون إعدام المدنيين والتطهير العرقي).
أسمعك تقول، لا يمكن المقارنة بين “إرهابهم”، أي إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية أو تنظيم القاعدة في شوارع باريس وبروكسل أو شواطئ تونس، وبين الإجراءات الغربية للدفاع عن الغرب من الأعداء على مدى سنوات عديدة.
لكن هذه الحُجة لا تبدو منطقية على الإطلاق. القتل الجماعي للمدنيين غير قانوني بموجب اتفاقيات جنيف وجميع قوانين الحرب، كما تذكّرنا تقارير منظمات حقوق الإنسان عن الضحايا المدنيين في اليمن وسوريا كل أسبوع. لذلك ليس هناك بندًا خاصًا بإرهاب الدولة. إذا كنت تدعم قتل الناس دون محاكمة، أو تبرّر الأضرار الجانبية للمدنيين الأبرياء، من الناحية الأخلاقية، فأنت تشبه الذين يدعمون تنظيم الدولة الإسلامية. الفارق الوحيد هو أن الحروب الغربية قتلت الكثير من الناس أكثر من الجماعات الإرهابية الشهيرة الأخرى. قطع الرأس بواسطة قذيفة أو الطائرات بدون طيار لا يختلف عن قطع الرأي الذي تمارسه داعش.
أنت تقول إنَّ عنف الدولة مشروع لأننا نعيش في ظلّ نظام يسمح للدولة باحتكار العنف وتتصرف الجماعات المتمردة المسلّحة بطريقة غير مشروعة. هذا صحيح إلى حد ما، لكنَّ القانون الإنساني الدولي جعل الدول مسؤولة عن الفظائع التي حدثت في السنوات الأخيرة، حتى لو كانت الوسائل القانونية لتنفيذه محدودة. وهذا لا يجعل من قتل الضحايا وأسرهم في فلسطين أو العراق أو اليمن أقل ترويعًا.
ربما هذا الدعم الواسع للتعذيب والقتل الجماعي، الذي يفضله المرشحان الجمهوريان تيد كروز ودونالد ترامب، غير متوقع بالنسبة لثقافة تمجّد العنف عبر ألعاب الفيديو والأفلام التي يتصاعد فيها عدد القتلى إلى المئات، وفي حالة الأفلام الدموية، يصل العدد إلى الملايين.
على النقيض من ذلك، جاء دعم الإرهاب في أوساط المسلمين في المملكة المتحدة بنسبة 4٪ فقط، وفقًا لأحدث استطلاع للرأي أجرته القناة الرابعة. وللأسف، هذا لم يمنع كتَّاب العناوين المثيرة لتحريف النتائج لإثارة الخوف. ربما يكون لدينا الآن استطلاعات مشوهة مماثلة عن البريطانيين غير المسلمين أو الأمريكيين فيما يتعلق بجرائم الحرب البريطانية والأمريكية الأخيرة.
وهنا تبدو استطلاعات رأي المسلمين حول دعم الإرهاب مخادعة بشكل كبير؛ لأنها تخلط بين الوعي السياسي والتعاطف مع الإرهاب. إذا أعرب الطفل في المدرسة عن تعاطفه مع الفلسطينيين ونضالهم ضد الاحتلال الإسرائيلي أو الرعب في الحرب السورية، تتم إحالة هذا الطفل إلى قوات الشرطة في إطار برنامج المنع. الأسئلة المشروعة عن الاحتلال والسياسة الخارجية أصبحت مسألة أمنية الآن في الغرب.
بدلًا من البحث عن المتعاطفين مع الإرهابيين بين المسلمين العاديين، ينبغي أن نسأل لماذا صمت الكثير من الغربيين لفترة طويلة في مواجهة ثقافة تطبيع القتل التي تقرها الدولة. إخفاء هذا الرأي هو كيل بمكيالين؛ فإذا قتل إرهابي مدنيًا، فهذا عمل وحشي، ولكن إذا مات العشرات من الرجال والنساء والأطفال في غارة جوية – سواء من بشار الأسد، وروسيا أو أمريكا – فإنها أضرار جانبية فقط.
ولكي نكون منصفين تجاه المسلمين والمسيحيين على حد سواء، فإنَّ اتهامهم بالتعاطف مع الإرهابيين دون أي سياق سياسي يمكن أن يكون مضللًا إلى حد كبير. فهذا شيء يعرفه المسلمون الذي يجري اتهامهم بالتعاطف مع الإرهاب (أو الأفراد أصحاب المظهر المميز الذين يعتقد المتعصبون الحمقى أنهم مسلمون). وبالنظر إلى أن الدول المسيحية قصفت سبعة دول إسلامية على الأقل في العقدين الأخيرين، فإنَّ تأييد الأقلية المسلمة للهجمات العنيفة ليس من المستغرب على وجه الخصوص.
ألن يكون من الأفضل أن نجري نقاشًا جادًا حول عنف الدولة في العالم الحديث والأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية الجذرية لهذا العنف، بدلًا من الحديث عن الأديان كلها أو الجماعات العِرقية؟ يجب علينا أن نتفق على ذلك على الأقل.