عن بؤس صور بوتفليقة: استغلوا هوسه بالسلطة وغروره، فأهانوه في آخر حياته؟


مؤلم هذا الاغتيال المعنوي لرجل كان يمكن أن يكون مساره مختلفا، وربما كانت صورته اليوم غير التي طار بها إعلام فرنسا استخفافا واحتقارا.

كيف زينت له عصابة الحكم البقاء في السلطة حتى هذه النهايات المؤلمة والمشاهد المستفزة، بقطع النظر عن الموقف السياسي منه. استغلوا هوسه بالسلطة وغروره، فأهانوه وصنعوا منه مادة للسخرية والتهكم في قنوات الحقد الفرنسي.

هل يليق ما فعلوه برجل في عمر آبائهم؟ أهكذا تفعل شهوة السلطة بصاحبها؟ كان بإمكانه أن يكتفي بعهدتين، وفقا لنص الدستور، ويرحل عن الحكم وفي جعبته بعض الإنجازات تحفظ له ماء الوجه، كان يُلقب بـ”رجل المصالحة”، لكنه اختار الكرسي إلى آخر نفس في حياته وقد أنهكه المرض وما عاد قادرا على التحرك إلا بصعوبة كبيرة جدا، ما كان بمقدوره أن يرى نفسه بعيدا عنه، صعب عليه فراقه، بعد أن نفخوا في غروره وأقنعوه بأنه سيد الجزائر وملهمها ولم تلد الأمهات مثله دهاء وحكمة، فتضخم فيه الأنا حتى غطى على عقله وبصره.

كان يعتبر مانديلا صديقه، لكن نيلسون صاحب “طريق طويل نحو الحرية” لم يصرعه الكرسي ويذهب بعقله وينسف تاريخه، بل اكتفى بعهدة واحدة وغادر الحكم كبيرا كما حكم أول مرة.

ضحك الفرنسيون كثيرا تلك الليلة، وعبثوا بصورة الرئيس المُقعد المُرهق شارد الذهن، تبادلوا النكات عن بلد مشلول يرحل من إفلاس إلى إفلاس، وعن شعب يتفرج على اغتيال غير أخلاقي لرئيس تلاعب به محيطه بعدما أقعده المرض.

وقد كان الرئيس الراحل بن بلة يقول: من الأفضل لبوتفليقة والجزائر أن لا يعيش بعد أمه لأنه سيتعب كثيرا… وظهر صدق كلامه بعدما شاهد العالم صورا مقززة مؤلمة للرئيس المقعد المُنهك يبثها الإعلام الفرنسي.

لماذا فعلوا به كل هذه الأفاعيل؟ أو بالأحرى: لماذا أورد نفسه المهالك وشمَت به الأعداء؟ لكن ما نشروا صوره المستفزة وهو شارد الذهن لا يدري ما يدور حوله إلا بعد أن حلَ لهم الرئيس المقعد، أو من يحكم باسمه، كل المشاكل المتعلقة بما وقعه الفرنسيون مع نظرائهم الجزائريين من اتفاقيات، والتي وصل عددها إلى أكثر من 30 اتفاقية، أكثرها استثمارات هي أقرب إلى نهب الأموال.

ثأر له شقيقه الحاكم بأمره عندما وضعت صحيفة “لوموند” الفرنسية صورة الرئيس على الغلاف الذي خصصته لفضيحة “أوراق بنما”، فمنع مراسل صحيفة “لوموند” الفرنسية من الدخول إلى الجزائر وبعض الصحفيين الفرنسيين الآخرين المرافقين لرئيس الوزراء الفرنسي الصليبي الحقود، مانويل فالس، في زيارته الأخيرة للجزائر، ومنعوهم التأشيرة، لكنه ما رثي لحال أخيه بذلك المنظر البئيس والفرنسيون يتناقلون صوره بتهكم وتشفٍ، وظل يحكم ويتصرف في شؤون البلاد من وراء كرسي أخيه المقعد، هذا الذي لم يشفق على أخيه، فكيف سيكون شأنه مع الشعب المتفرج؟