السعودية تحذّر من تداعيات اقتصادية بسبب قانون أمريكي يدينها في أحداث 9/11

17 أبريل، 2016

نيويورك تايمز –

أبلغت المملكة العبية السعودية إدارة أوباما وأعضاء الكونغرس أنها ستبيع أصولها الموجودة في الولايات المتحدة والتي تصل قيمتها إلى مئات المليارات من الدولارات، في حال أقرّ الكونغرس الأمريكي مشروع قانون من شأنه أن يلقي على السلطات السعودية المسؤولية أمام المحاكم الأمريكية عن أي دور في هجمات 11 سبتمبر 2001.

وقد ضغطت إدارة أوباما على الكونغرس لمنع إصدار القانون، وفقًا لمسؤولين في الإدارة ومساعدين في الكونغرس من كلا الطرفين، بينما كانت التهديدات السعودية موضوع مناقشات مكثّفة في الأسابيع الأخيرة بين المشرّعين والمسؤولين من وزارة الخارجية والبنتاغون. وحذّر مسؤولون من أعضاء مجلس الشيوخ من التداعيات الدبلوماسية والاقتصادية لهذا القانون.

أوصل عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، رسالة المملكة شخصيًا الشهر الماضي خلال زيارة قام بها إلى واشنطن، وقال للمشرّعين إنَّ المملكة العربية السعودية ستضطر لبيع أوراق مالية وأصول بقيمة حوالي 750 مليار دولار في حال ظهور خطر بتجميدها من قِبل المحاكم الأمريكية.

ولكن يشكّك العديد من الاقتصاديين في قدرة المملكة على القيام بذلك، في إشارة إلى أنه سيكون من الصعب تنفيذ عمليات البيع التي ستؤدي إلى شل اقتصاد المملكة. ولكن هذا التهديد هو علامة أخرى على تصاعد حدة التوتر بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.

الإدارة الأمريكية التي تقول إنَّ القانون من شأنه أن يضع الأمريكيين في خطر قانوني بالخارج، كانت تضغط بقوة ضد إصدار هذا القانون لدرجة أثارت غضب بعض المشرّعين وعائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر. من وجهة نظرهم، فإنَّ إدارة أوباما قد انحازت على الدوام للمملكة، وأحبطت جهودهم لمعرفة ما يعتقدون أنه الحقيقة حول الدور الذي لعبه بعض المسؤولين السعوديين في تلك المؤامرة الإرهابية.

وقالت ميندي كلينبيرج، امرأة توفى زوجها في أحداث 11 سبتمبر: “إنه أمر مثير للدهشة أن نعتقد أنَّ حكومتنا ستدعم السعوديين على حساب مواطنيها”.

ومن المقرر أن يصل الرئيس أوباما إلى الرياض يوم الأربعاء القادم للاجتماع مع الملك سلمان ومسؤولين سعوديين آخرين. ومن غير الواضح ما إذا كان الخلاف حول قانون 11 سبتمبر سيكون على جدول أعمال المحادثات.

ورفض متحدث باسم السفارة السعودية التعليق حول هذا الأمر.

ونفى مسؤولون سعوديون أن المملكة لها أي دور في أحداث 11 سبتمبر، ولم تجد لجنة 9/11 “أي دليل على أن الحكومة السعودية كمؤسسة أو كبار المسؤولين السعوديين موّلوا تنظيم القاعدة.” ولكن لاحظ النقَّاد أن بيان اللجنة تركت الباب مفتوحًا أمام إمكانية أن صغار المسؤولين بالحكومة السعودية ربما قاموا بدور في تلك المؤامرة. وقد استمرت الشكوك عالقة، بسبب استنتاجات لجنة تحقيق بالكونغرس عام 2002 حول الهجمات التي استشهدت ببعض الأدلة على أن المسؤولين السعوديين الذين كانوا يعيشون في الولايات المتحدة في ذلك الوقت كان لهم يد في تلك المؤامرة.

هذه الاستنتاجات الواردة في 28 صفحة من التقرير، لم تُنشر بشكل علني حتى الآن.

ويأتي الخلاف في ظلّ تزايد الانتقادات الحزبية في الكونغرس حول تحالف واشنطن مع المملكة العربية السعودية. وفي الأسبوع الماضي، قدم اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ قرارًا من شأنه أن يضع قيودًا على مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية، التي توسّعت في عهد إدارة أوباما.

وقد لجأت أسر ضحايا 11 سبتمبر إلى المحاكم في محاولة لإدانة أعضاء الأسرة المالكة السعودية والبنوك والجمعيات الخيرية السعودية بسبب ادعاءاتهم حول الدعم المالي السعودي للإرهاب. وقد توقفت تلك الجهود، بسبب قانون عام 1976 الذي يمنح الدول الأجنبية الحصانة ضد الدعاوى القضائية في المحاكم الأمريكية.

الهدف من قانون مجلس الشيوخ هو توضيح أن الحصانة الممنوحة للدول الأجنبية في ظلّ القانون لا ينبغي أن تنطبق في الحالات التي تتضح فيها مسؤولية الدول عن الهجمات الإرهابية التي تقتل المواطنين الأمريكيين على الأراضي الأمريكية. وإذا صدر القانون عبر مجلسي النواب والشيوخ وبتوقيع من الرئيس، فإنه سيمهد الطريق للتحقيق في دور الحكومة السعودية في الدعاوى القضائية حول أحدث 11 سبتمبر

وأوضح مسؤولون في إدارة أوباما أن إضعاف أحكام الحصانة السيادية من شأنه أن يضع الحكومة الأمريكية، جنبًا إلى جنب مع المواطنين والشركات، في خطر قانوني بالخارج؛ لأن الدول الأخرى قد تنتقم عن طريق إصدار تشريعات خاصة بهم. وقال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أمام لجنة بمجلس الشيوخ في فبراير الماضي إنَّ مشروع القانون، في شكله الحالي، “يعرض الولايات المتحدة لدعاوى قضائية ويسلب حصانتنا السيادية ويخلق سابقة سيئة.”

وقال رعاة مشروع القانون إنَّ هذا التشريع ينطوي على الاعتداءات على الأراضي الأمريكية فقط، للحدّ من احتمال محاولة دول أخرى شنّ هجمات جديدة.

في جلسة مغلقة في البرلمان الأمريكي يوم 4 مارس، قالت آن باترسون، مساعدة وزير الخارجية، وأندرو إكسوم، مسؤول البنتاغون لسياسة الشرق الأوسط، لموظفي لجنة الخدمات المسلّحة في مجلس الشيوخ إنَّ القوات الأمريكية والمدنيين يمكن أن يتعرضوا لخطر قانوني إذا ما قررت الدول الأخرى الرد وتجريد الأمريكيين من الحصانة في الخارج. كما ناقشوا التهديدات السعودية على وجه التحديد، وأوضحوا الآثار المترتبة في حال نفذت المملكة العربية السعودية تهديداتها الاقتصادية.

وقال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية، إنَّ الإدارة الأمريكية تقف إلى جانب ضحايا الإرهاب “وخاصة أولئك الذين عانوا وضحوا كثيرًا في أحداث 9/11.”

وقال إدوين ترومان، وهو زميل في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إنَّ التهديدات السعودية جوفاء. وأضاف: “بيع الأصول السعودية في الولايات المتحدة لن يكون صعبًا من الناحية الفنية فحسب، ولكن أيضًا من المرجح أن يسبب اضطراب في السوق العالمي، وهنا يجب إلقاء اللوم على السعوديين.”

وعلاوة على ذلك، قد يزعزع استقرار الدولار الأمريكي؛ العملة التي يرتبط بها الريال السعودي.

وأردف ترومان: “الطريقة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها معاقبتنا هي معاقبة أنفسهم”.

مشروع القانون هو وضع شاذ في الكونغرس الأمريكي الذي يمزّقه التحزب، وخاصة خلال عام الانتخابات. يرعى هذا القانون السيناتور جون كورنين، وهو نائب جمهوري من ولاية تكساس، والسيناتور تشاك شومر، نائب ديمقراطي من ولاية نيويورك. ويحظى بدعم من تحالف من أعضاء مجلس الشيوخ الليبراليين والمحافظين، بما في ذلك آل فرانكن، نائب ديمقراطي من ولاية مينيسوتا، وتيد كروز، نائب جمهوري من ولاية تكساس. وتمّ تمريره في اللجنة القضائية في يناير الماضي دون معارضة.

وقال كوربين الشهر الماضي: “في الوقت الذي تواجه فيه أمتنا شبكات إرهابية جديدة تستهدف مواطنينا، فإنَّ وقف مصادر التمويل للإرهابيين يصبح أكثر أهمية”.

وقد توتر التحالف مع المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة في ظلّ تقرب البيت الأبيض من إيران، العدو اللدود للمملكة العربية السعودية، وسط تبادل الاتهامات بين المسؤولين الأمريكيين والسعوديين حول الدور الذي ينبغي أن تقوم به كل دولة في استقرار الشرق الأوسط.

لكن الإدارة الأمريكية دعمت المملكة العربية السعودية في جبهات أخرى، بما في ذلك تزويد البلاد بمعلومات استخباراتية والدعم اللوجستي لحرب اليمن. كما تحلق طائرات الجيش السعودي وتُسقط القنابل التي اشترتها المملكة من الولايات المتحدة، وهي جزء من مليارات الدولارات في صفقات الأسلحة التي تمّ التفاوض بشأنها مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى في عهد إدارة أوباما.

لقد كانت الحرب كارثة إنسانية أدت إلى ظهور تنظيم القاعدة في اليمن، وإصدار الكونغرس لقرار بوضع قيود جديدة على صفقات الأسلحة للمملكة. وقال السيناتور كريستوفر ميرفي، إنَّ الكونغرس كان “عاجزًا” في فرض الرقابة على مبيعات الأسلحة، وخاصة تلك الموجهة للمملكة العربية السعودية.

وفي النهاية، قال ميرفي: “أريد أن تتبلور علاقتنا مع المملكة العربية السعودية بدرجة من الشروط أكبر مما هي عليه حاليا.”