حلفاء أمريكا.. هل يمكنهم الاعتماد على واشنطن في المستقبل؟
17 أبريل، 2016
ناشيونال انتريست – إيوان 24
على مدى السنوات القليلة الماضية، شعر حلفاء أميركا التقليديين بالقلق من حليفهم الأمريكي، الذي لم يعد يعتمد عليه أمنيا. وجاء هذا القلق نتيجة العديد من الأسباب والثوابت الواضحة التي تشكك في التزام الولايات المتحدة بدورها القيادي، وفي إدارة أوباما.
وقد صرّح بعض المرشحين للرئاسة في أمريكا، بضرورة مواصلة خفض الإنفاق الدفاعي أو دفع الحلفاء نحو الإنفاق على الأمن الذي تقدّمه لهم القوات الأمريكية.
ويشير المراقبون الأجانب إلى أن تصرّف النظام السياسي الأميركي بعد الحرب العالمية الثانية أصبح يهدف إلى تحقيق نظام دولي مستقر على نطاق واسع.
ولكن هناك حقائق ثابتة تدعوا المراقبين إلى الشك في الدور المستقبلي للولايات المتحدة في العالم، وفي قدرتها على الحفاظ على ما يسمى “باكس أمريكانا”.
وقد أصبح واضحا وجليا السبب وراء عدم رغبة الأحزاب السياسية الحاكمة في تدعيم المشاريع العسكرية ماليا. وهناك احتمال للعجز في الميزانية بقرابة التريليون دولار، بالإضافة إلى العدد المتزايد من الاستحقاقات وارتفاع أسعار الفائدة على الدين الحكومي، الذي خلق أزمة بين النفقات المحلية والدفاع.
وكان حلفائنا الأوروبيون قد واجهوا هذه المشكلة منذ ما يقارب عن العقدين من الزمن وهو ما دفعهم للبحث عن حلّ لخفض نفقات الدفاع. وكانت المحاولة الوحيدة للإجابة على تزايد العجز في الميزانية الاتحادية، هي في مراقبة ميزانية 2013 والتي وفّرت ما يقارب عن تريليون دولار من ميزانيات الدفاع المتوقعة لأكثر من عشر سنوات.
وهناك أيضا حقيقة أخرى بخصوص تقلّص القوات الأمريكية، ذلك أنّ عدد الجنود النشيطين في الحلف لا يتجاوزون 450 ألف جندي، وفي البحرية يوجد أقل من 300 سفينة والأسلحة الجوية أقلّ مما كانت عليه في الماضي،أي منذ بداية الحرب العالمية الثانية.
ويبدو أن المسؤولين الكبار بوزارة الدفاع قد فقدوا جهودهم الحماسية في تطوير الجيش الأمريكي بعد أن فقدوا جزءا كبيرا من التكنولوجيا. وأصبح الضامن الوحيد لأمن هذا البلد وحلفائه في أوروبا والمحيط الهادئ، هو المظلّة النووية، والتي أصبح يهتمّ كثيرا ببرنامج تحديثها.
ومقارنة مع الخيارات الأخرى المتاحة لحلفاء الولايات المتحدة لضمان أمنهم، يعتبر هذا أفضل خيار.
وهذا هو الحال بالنسبة للديمقراطيات في العالم بشكل عام، فحتى عندما تسعى الديمقراطيات الغربية للعمل معا لخلق القوة فإنّ تواجد الولايات المتحدة ضروريّ باعتبارها العمود الفقري الفولاذي الضامن لدعم وتنشيط المنظمة الأمنية بفاعلية.
فاليوم أصبح الجيش الأميركي يؤكد على أنّه قادر على السيطرة على أطياف الصراع في الحرب. ويَظهر ذلك من خلال أساطيله، البحرية التي تعمل بالطاقة النووية، الطائرات والسفن الحربية البرمائية، الغواصات الهجومية والمدمرات الصاروخية، وكذلك من خلال القدرة الفردية لهذه السفن.
وتستطيع الولايات المتحدة نشر ما يقارب عن 172 ألف من قوات المشاة البحرية، والسفن والمعدات البحرية للقتال في عدّة شواطئ معادية في وقت واحد.
ولا يوجد بديل للقدرات المقدمة من وحدات الطيران والمشاة البحرية مثل “بوينغ إفأي-18إيإف “،”بوينغ إي إيه-18جي غرولير”،”طائرة الإنذار المبكر إي – 2 هوك ” و”ڤي-22 أوسبري”.
وتملك القوة الجوية الأمريكية أيضا أساطيل من القاذفات بعيدة المدى، و أساطيل لإعادة التزود بالوقود جوًا، وأخرى لطائرات النقل والطائرات بدون طيار.
ولا تزال المقاتلات الجوية، وبما في ذلك طائرات الجيل الخامس و “الأف22 ” تحقق تفوقا في الهواء لم يسبق له مثيل. فجيش الولايات المتحدة فريد من نوعه بين حلفائه، ليس ذلك فقط في عدد المقاتلات التي يمكنه نشرها، ولكن أيضا في قدرات الدعم القتالية.
فالجيش الأمريكي لديه نظام للإدارة المنظمة للعمليات والمعارك، تسمح له بالسيطرة وتنسيق العمليات المشتركة والتحالف بنجاح عبر المسرح بأكمله.
فعندما يتعلق الأمر بتحديث الجيوش، نجد أنّ الولايات المتحدة لا تزال تحافظ على مركزها المهيمن في الكثير من المجالات. فعلى سبيل المثال، الغرب ليس لديهم ما يعادل طائرة “لوكهيد مارتن إف-35 لايتنيغ الثانية”، وهذا هو السبب الذي جعل بعض الدول الحليفة تسعى للحصول عليها وهو أيضا ما أثار ضجة في بعض الدول الأخرى .
وإضافة إلى ذلك هناك حاملة الطائرات “فورد” التي تعمل بالطاقة النووية والغواصة الهجومية ” فرجينيا” المعززة بوحدات للحمولة توفر للبحرية الأمريكية قدرات لا مثيل لها على السيطرة في البحر.
وهكذا، نلاحظ أنّ أمريكا قد وجّهت كل استثماراتها نحو مجال الأسلحة النووية، صناعة الذخيرة الحربية، تطوير صناعة الطيارات وتحديث التقنيات الحربية سواء في المجال البري أو البحري، وهذا لتعزيز قدراتها العسكرية ومنظومتها الدفاعية.
واليوم أصبح حلفاء الولايات المتحدة قلقين، بسبب التغيّر المفاجئ للسياسة الأمريكية تجاههم، ولعدم التزامها بالحفاظ على الاستقرار في النظام الدولي. وفي نفس الوقت، هم لا يزالون يبحثون عن ملجأ تحت المظلة الأمنية الأمريكية والتي أصبحت ممزقة إلى حد ما.