مخاطر بيئية وصحية سببها الحفر العشوائي لآبار المياه
17 أبريل، 2016
رزق العبي: المصدر
لجأ أهالي ريف إدلب إلى الآبار الخاصة للحصول على مياه الشرب والاستعمال اليومي، وذلك بعد تعمّد النظام قطع خطوط المياه العامة التي كانت تغذي محافظة إدلب منذ سنوات.
ويشتكي الأهالي في محافظة إدلب من ارتفاع أسعار المياه، كونها تُنقل إليهم عبر “صهاريج” خاصة من آبار يمتلكها أشخاص بقصد الربح.
يقول “يوسف”، وهو أحد أبناء بلدة إحسم بريف إدلب، لـ “المصدر”، إن تأمين المياه أمر مكلف في ريف إدلب بشكل عام، كوننا نشتري المياه مثل أي سلعة، فمياه المؤسسة العامة للشرب والصرف الصحي مقطوعة منذ سنوات، بعدما قامت قوات النظام بقصفها بعد تحرير ريف إدلب على يد الثوار، وهي سياسة يتبعها النظام في المناطق الخارجة عن سيطرته بقصد تركيع أهلها، ونحن بحكم الحاجة الماسة للمياه نضطر لشرائها، ويختلف سعر المياه باختلاف سعر المازوت والبنزين.
موقع البيت يتحكم بسعر الخزان:
ويتحكم موقع البيت وسعر البنزين والمازوت بسعر المياه، وعن هذا الجانب تحدث لـ “المصدر” السيد “عبد الرزاق” الذي يعمل على صهريج لنقل المياه من بئر خاص إلى منازل الأهالي في بلدة معر شورين بريف إدلب: “يتواصل معي شخص لتعبة المياه لمنزله، فإذا كان بُعد منزله عن البئر أكثر من 2 كيلو متر يختلف سعر التعبئة عما إذا كان قريب بالأمتار، وأيضاً موقع الشقة، فمثلاً إذا كان تفريغ المياه من الصهريج إلى بئر منزلي فيكون السعر أرخص، أما إذا كان لخزان مرتفع في الطابق الثالث مثلاً نضطر لتشغيل مولدة على البنزين وبالتالي السعر يرتفع”.
وعن الأسعار يوضح “عبد الرزاق” قائلاً: “بشكل متوسط يبلغ سعر الخزان الواحد 2000 ليرة سورية، ويختلف حسب سعر المازوت، لأن المضخة التي تعمل في البئر الكبير تعبئ المياه عبر مولدة مازوت كبيرة، ونضخه للمنازل عبر مولدة بنزين صغيرة، عدا عن تكاليف النقل التي تتطلب المازوت، وحساب أعطال الجرار الآلي الذي ننقل المياه بواسطته”.
ويختلف الوضع تماماً في مدينة إدلب التي انقطعت عنها المياه قبل عشرين يوماً فقط، حسبما قال الأهالي لـ “المصدر”، والذين عَزَو سبب ذلك إلى انقطاع الكهرباء، وبات الأهالي يؤمنون مياه الشرب والاستعمال اليومي من آبار خاصة.
ويقول “يوسف” أحد أبناء مدينة إدلب لـ “المصدر”، إن مياه الشرب كانت تأتي عبر مؤسسة المياه مرة كل أسبوع، وكنا من خلالها نضخ المياه إلى خزان المنزل، وهي لا تنقطع طول فترة اليوم الذي تصل فيه إلى المنزل، فنستغل ذلك في الغسيل والتعزيل وأمور السقاية المنزلية للحديقة مثلاً، أما اليوم نتكلف مبلغ 2500 كل أسبوع لتأمين المياه من خزانات خاصة.
ولا يختلف الأمر كثيراً في ريف جسر الشغور، حيث أن المياه هناك تُستقدم إلى المنازل عن طريق خزانات خاصة.
الحفر العشوائي بنذر بخطر بيئي:
بيئياً يعتبر الأمر غير متجانس، حسب ما قال الخبير الزراعي المهندس (ص.م)، الذي اختار اسماً مستعاراً لكونه يتقاضى راتبه من مؤسسة المياه الشرب التابعة للنظام، والذي أردف قائلاً إن لكل مساحة عدد محدد من الآبار، لأن حفر 5 آبار مثلاً في مساحة لا تتجاوز 5 كيلو متر مربع يؤثر على منسوب المياه الجوفية، وبالتالي يجب أن يكون البئر خاضع للرقابة بحيث يختار الخبير الموقع المناسب، ولكن الأمر أصبح ربحياً فاستغل الكثير من الناس وجود أرض زراعية ليحفروا فيها بئراً للمياه.
ومع ارتفاع تكاليف الحصول على المياه لابد من وضع خطط جديدة لإعادة تأهيل المضخات وتشغيلها من جديد، لتصل المياه إلى البيوت بتكلفة أقل مما يدفعه الناس شهرياً، لأن مبلغ 10000 ليرة شهرياً أمر مكلف في الأرياف قياساً بالمدخول الشهري للكثيرين.
المياه غير معقة بالكلور:
ومن جهة أخرى يقول الطبيب “محمد خطيب” في حديث لـ “المصدر”، إن جميع الآبار في محافظة إدلب لا تخضع لرقابة متخصصة تقوم على متابعة المياه وتحليلها وفحصها، وهذا يؤدي لانتشار بعض الأمراض الجلدية، فالماء الذي يحصل عليه الأهالي غير معقم بمادة الكلور الضرورية لتلافي انتشار الكثير من الأمراض.
كما طالب البعض بوجوب إطلاق حملات توعوية تحض على ترشيد استهلاك المياه بين الناس، وخصوصاً بعد ازدياد ظاهرة حفر الآبار بشكل عشوائي، والذي يؤثر سلباً على مخزون المياه في باطن الأرض، في ظل غياب منظومة رقابية وتنفيذية لإدارة قطاع المياه في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، حيث أن كل قرية باتت تحوي خمسة آبار بمعدل وسطي، وتعمل على ضخ المياه على مدار الساعة.