كيف نعمل سويا في مواجهة الإرهاب؟
18 أبريل، 2016
الجزيرة –
“للأسف، أظهرت الهجمات الإرهابية الأخيرة في بروكسل أفضل وأسوأ ما في التعاون الدولي”
لسوء الحظ، أظهرت الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس وبروكسل أخطاء ،وأحيانا عدم تعاون، الأجهزة الأمنية.
في الواقع، تم التخطيط لهجمات باريس التي وقعت في شهر نوفمير من قبل خلية ،تتخذ من بروكسل مقرا لها، من المرجح أن تكون تابعة لقادة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. ولكن بلجيكا فشلت في تمرير معلومات إلى فرنسا حول أعضاء تلك الخلية.
وأصبحت أصابع الاتهام هي السمة المميزة للمرحلة: ففي حين أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان قد أشار ضمنا إلى أن مسؤولي الاستخبارات الفرنسية قد فشلوا في التصرف قبل وقوع هجمات نوفمبر، وضع العالم كله عبء هجمات بروكسل التي وقعت في شهر مارس على بلجيكا. ولكن ما هو الموقف الحقيقي بشأن التعاون الدولي في ملف الإرهاب؟
التحديات الأمنية في القرن الحادي والعشرين
كشفت هجمات 11 سبتمبر بشكل واضح عن وجود الإرهاب العابر للحدود من الشبكات الإرهابية المنشرة في جميع أنحاء العالم. ولم يبق خيار آخر للدول الغربية سوى التعاون بشكل وثيق في مجالات الاستخبارات وتبادل المعلومات، وفي بعض الأحيان في الإجراءات.
وبحسب صحيفة واشنطن بوست، نصح الرئيس الفرنسي جاك شيراك مباشرة بعد هجمات 11/9، مخابراته بالتعاون مع الأمريكيين “كما لو كانوا تابعين لهم”.
وبذلك تم إنشاء قاعدة تحالف في باريس في العام 2002 بين وكالة الاستخبارات المركزية والمخابرات الفرنسية لتحليل حركة الإرهابيين الدوليين المشتبه بهم وتطوير عمليات للقبض أو التجسس عليهم.
وكانت هذه القاعدة -التي تم اغلاقها في نهاية المطاف في العام 2009- نادرة المثال في العالم لأنها قد خططت بالفعل لتنفيذ عمليات بدلا من مجرد تبادل المعلومات بين الدول.
ولكن هذه القاعدة الاستخباراتية كانت استثناء وليست قاعدة. ويبقى التعاون بين الدول في ملف الارهاب أمرا صعبا للغاية لأنه يجب أن يكون سريا، ويدخل في نطاق اختصاصات حساسة للغاية مثل وكالة الاستخبارات والقضاء.
والأهم من ذلك، يجب أن يركز التعاون أيضا على القضايا التنفيذية مثل منع وقوع هجوم إرهابي من خلال إلقاء القبض على أعضاء الخلية موضع الشك.
والقواعد التي ترتكز على التعاون الثنائي أفضل بكثير من التي ترتكز على أطراف عديدة. كما تتجنب بعض الدول الغربية تشارك المعلومات الاستخباراتية مع المنظمات المتعددة الأطراف مثل وكالة يوروبول لأسباب أمنية، ومن أجل تفادي مخاطر التسريبات.
وبالتالي، يعد التعاون بين الولايات المتحدة وفرنسا على سبيل المثال أكثر سهولة وأمانا من التعاون مع الاتحاد الأوروبي.
حالة عدم التعاون
وللأسف، لا يعني هذا أن الأمر سلس للغاية؛ فعلى سبيل المثال، اشتكى أحد القضاة الأسبان بشدة من عدم تعاون الولايات المتحدة الصارخ فيما يتعلق بتفكيك أحد الشبكات الجهادية في مدينة سبتة.
وعلاوة على ذلك، قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى في مجال مكافحة الإرهاب إن الدول الأوروبية يمكنها أن تقدم المزيد للكشف عن الإرهابيين، ولكنها لم تستفد بشكل كامل من الأدوات التي أتاحتها الولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب. وللأسف، أظهرت الهجمات الإرهابية الأخيرة في بروكسل أفضل وأسوأ ما في التعاون الدولي.
وعلى الرغم من طلبات الاستجواب المتكررة التي تقدمت بها بلجيكا، رفضت السويد تقديم معلومات عن محمد بلقايد، وهو أحد النشطاء التابعين لتنظيم الدولة الإسلامية ومنسق هجمات باريس، ومخطط لهجمات بروكسل أيضا. وقد انتهى الحال بالجزائري الذي عاش في السويد لأكثر من 10 عاما إلى القتل على يد قوات الأمن البلجيكية فقط قبل اعتقال صلاح عبد السلام.
حالات تعاون إيجابية
ومن الأمثلة الإيجابية لتبادل المعلومات الاستخباراتية أن بلدين قاما بتمرير معلومات استخباراتية قيمة إلى بلجيكا التي تجاهلتها للأسف. حيث قالت تركيا إنها اعتقلت ثم رحلت إبراهيم بكراوي – وهو أحد الانتحاريين الاثنين في مطار بروكسل – بما يشير إلى أن السلطات البلجيكية قد تجاهلت تحذيرا في شهر يوليو 2015 يفيد بأنه كان “مقاتلا إرهابيا أجنبيا”.
وتأكيدا لموقف المخابرات التركية، حذر مكتب التحقيقات الفدرالي هولندا قبل ستة أيام من وقوع هجمات بروكسل، والتي مررت بدورها المعلومات إلى بلجيكا.
كما تزعم دولة المغرب أنها قد أبلغت بلجيكا بترتيب هجوم وشيك ضد منشآت نووية وأهداف أخرى قبل اسبوع من التفجيرات الانتحارية الثلاثة في بروكسل. وقد يكون المغرب أحد البلاد التي يجب على الغرب أن يعمل معها بشكل وثيق.
وفي الواقع، قدمت المغرب معلومات استخباراتية إلى فرنسا بعد هجمات باريس التي تم تنفيذها في شهر نوفمبر عن مكان وجود زعيم الخلية عبد الحميد أباعود، مما أدى إلى مقتله على يد قوات الأمن في مدينة سانت دينس قبل أن يتمكن من تنفيذ موجة جديدة من الهجمات الارهابية في العاصمة الفرنسية.
وأيضا، قبل أن ينفذ تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي هجومه ضد مدينة غراند بسام، حذرت وكالة المخابرات المغربية نظيرتها في ساحل العاج بأن هجوما وشيكا محتمل تنفيذه ضد شواطئ ساحل العاج.
والدولة التي تستفيد أيما استفادة من الخبرة المغربية في مجال مكافحة الارهاب هي أسبانيا الدولة المجاورة. وفي الواقع، يجب أن يكون تعاونهما المثمر مثالا يحتذى للآخرين، لا سيما في أوروبا. وقد أدى التبادل المنتظم للمعلومات بين البلدين إلى تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية أو تنظيم القاعدة.
وتعد اسبانيا الآن من بين الدول الغربية التي ألقت القبض على أكبر عدد من الجهاديين في الآونة الأخيرة. وقد سمحت الثقة المتبادلة بين أجهزة الاستخبارات في البلدين إلى ضباط مكافحة الإرهاب المغربيين بالقيام بعمليات مشتركة في إسبانيا، من أجل تفكيك خلية إرهابية كبيرة في برشلونة في شهر ديسمبر 2015 كانت تخطط لشن هجمات على غرار هجمات باريس.
وقد دعا رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل إلى مزيد من التعاون بين الدول في جميع أنحاء أوروبا، وهو التعاون الذي لا يرقى بشكل واضح إلى المستوى المطلوب لمكافحة الجهاديين. وفي الوقت نفسه، لا يوجد في بلجيكا خطط جديدة لاجراء إصلاحات داخلية تشتد الحاجة إليها، كما تم الكشف عن ذلك عندما فشلت الأجهزة الأمنية المختلفة في البلاد في التنسيق مع بعضها البعض.