قمة اسطنبول كشفت المشاكل الأساسية لما يسمى بـ “العالم الإسلامي”
19 أبريل، 2016
حريات ديلي نيوز –
في الفعاليات الختامية لقمة منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول، أعلن الرئيس التركي أن “الإرهاب والعنف هما أكبر قضيتين تواجهان العالم الإسلامي.” وأنا لا أتفق مع هذا الرأي، (وهذه ليست هي المرة الأولى التي لا أتفق فيها مع الرئيس). وأعتقد أن الإرهاب والعنف ما هما إلا نتيجة عدد من القضايا التي يواجهها “العالم الإسلامي”. وفي الواقع، لست متأكدة مما اذا كان هناك شيء يسمى “العالم الإسلامي” بشكل مؤسسي في الحقيقة، فضلا عن النظر لهذا الاسم باعتباره هوية. وربما يكون التعبير الأدق هو “البلاد ذات الأغلبية المسلمة.” ومع ذلك، من الصحيح أن هناك بعض القضايا المشتركة التي تواجه هذه البلاد، وهذه القضايا هي “القضايا ذات الصلة بالإسلام”.
المشكلة الرئيسية الأولى هي الدول التي تشرعن سياساتها باعتبارها سياسات “مسلمة” أو “إسلامية”. ويهيمن الإسلام بالفعل على ثقافة البلاد ذات الغالبية المسلمة من السكان، ولكن أي ادعاء للشرعية السياسية ذات المرجعية الدينية يعد أمرا إشكاليا مثيرا للجدل، إذ أن السلطة السياسية الدينية ما هي إلا سلطة سياسية ذات قناع “مقدس”. ولذلك فإن الأمر غير متعلق بقضايا عقائدية، ولكنه متعلق بالسياسة؛ حيث أن النخب السياسية هي التي تحدد وتتلاعب بمصطلح “الإسلام” بما يتماشى مع مصالحها. ومن ثم يعيق التلاعب السياسي بالشرعية الدينية النقد والمساءلة. ولذلك فمن غير المستغرب أن حكام تركيا قد بدأوا في استخدام خطاب ذو طابع ديني حيث يسعون إلى عدم التعرض للمساءلة وعدم التسامح مع النقد. وجميع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي تقريبا هي دول سلطوية، تحتل مراكز متدنية في ملف حقوق الإنسان، ومراكز عالية في الفساد.
وعلى الرغم من أنهم يتصرفون كما لو أنهم يحاربون ضد العنف والتطرف، إلا أن الشرعية السياسية الدينية في المملكة العربية السعودية ودول الخليج يتم شرعنتها عن طريق التفسيرات الراديكالية والإقصائية للإسلام، فضلا عن دعمهم للجماعات الإسلامية المتطرفة من أجل مصالحهم الخاصة. كما يستخدمون هم أنفسهم العنف كأداة سياسية لقمع المعارضة والأقليات، وفي الوقت نفسه يعتمد معظمهم على الطائفية – التي يبدو أنهم أدانوها في القمة – كأداة سياسية. ومنذ وقت ليس ببعيد، كان السعوديون ينفذون حكم الإعدام بحق زعيم سياسي شيعي بارز، وفي الوقت نفسه كانت المملكة العربية السعودية تقمع الأقلية الشيعية الخاصة بها. والأكثر من ذلك، كان التدخل العسكري الطائفي من المملكة العربية السعودية ودول الخليج هو الذي أدى إلى قمع احتجاجات الربيع العربي في البحرين.
ومع ذلك، أثارت الدول السنية مسألة الطائفية في قمة منظمة المؤتمر الإسلامي لمجرد الضغط على إيران واستخدام هذه المناسبة كفرصة لتعزيز التعاون السني مع قيادة المملكة العربية السعودية وتركيا.
ويتحمس الرئيس أردوغان وحزبه للغاية من أجل فترة رئاسة تركيا لمنظمة التعاون الإسلامي التي تبلغ عامين، والتي تأتي في وقت تحتاج فيه تركيا إلى الدعم الاقتصادي والسياسي من جيرانها المسلمين في مواجهة الأزمات الاقتصادية والعزلة السياسية. وتشترك تركيا مع المملكة العربية السعودية في رؤى متماثلة بشأن سوريا أيضا، حيث يعطون الأولوية لإزالة بشار الأسد من الحكم وتأسيس نظام سني في سوريا. وهذا هو السبب في محاولة كلا البلدين عرقلة كل الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي سلمي، وهم بحاجة إلى دعم بعضهم البعض من أجل تحقيق أهدافهم. وما هو أكثر من ذلك، يسعى حكام تركيا الحاليين إلى المزيد من الشرعية الدينية على سلطتهم السياسية من أجل تجنب النقد والمساءلة ومشاكل القدرة على الحكم.
قمة منظمة التعاون الاسلامي في اسطنبول كشفت فقط المشاكل الأساسية لما يسمى بـ “العالم الإسلامي” الذي تقوم عليه مثل هذه الاجتماعات والمنظمات. وهذا يساعد فقط الدول الإسلامية على تغطية مشاكلهم الحقيقية. كما يساعدهم أيضا على التصرف كما لو كانوا دول قوية، على الرغم من الحقيقة القائلة بأنهم “دول فاشلة” في نواحي مختلفة. وأخيرا، يسمح لهم ذلك بتقديم عرض لحالة من التضامن من أجل تجنب مواجهة جميع مشاكلهم ونقاط ضعفهم.