كيف غيّر بوتين ميزان القوى بين النخبة في روسيا؟

19 أبريل، 2016

موسكو تايمز –

كما هو الحال دائمًا في روسيا، كان من المتوقع إنشاء الحرس الوطني منذ فترة طويلة، لكنَّ هذه الخطوة أخذت الجميع على حين غرة. الحجم الهائل لإعادة الهيكلة أثّر عمليًا كل فرع من فروع الحرس القديم، وبالتالي ستفقد وزارة الداخلية معظم قوتها: 170 ألف جندي، و50 ألف في القوات الخاصة وقوات مكافحة الشغب وقوات الأمن الخاصة وكذلك السيطرة على الأمن الخاص وتهريب الأسلحة، ستنضم جميعًا إلى الحرس الوطني.

وفي المقابل، فإن وزارة الداخلية ستحصل على 30 ألف موظف من دائرة مكافحة المخدرات – من دون الجنرالات – ونفس العدد من الموظفين من دائرة الهجرة الفيدرالية. وقد تمّ الفصل بين كلا الهيئتين وتهميشهما.

وسط هذه التغييرات، تمّت الإطاحة بفيكتور إيفانوف رئيس شؤون الموظفين للرئيس فلاديمير بوتين، وكونستانتين رومودانوفسكي الرئيس السابق لدائرة الهجرة الفيدرالية. وحلّ محلهما، فيكتور زولوتوف، الذي يقوم بحراسة بوتين منذ منتصف التسعينات. ومن المتوقع أن يترأس زولوتوف قوة تأتي في مكان ما بين وكالة حكومية فائقة الحجم وجهاز مخابرات قواما 400 ألف عميل.

يوضح المراقبون أن بوتين أجرى هذه الإصلاحات التي لم يسبق له مثيل استعدادًا لقمع الاحتجاجات الجماهيرية التي ستندلع بسبب استمرار تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد. وهذا صحيح إلى حد ما، ولهذا السبب فإنَّ السلطات الروسية تزيد من حجم شرطة مكافحة الشغب وقوات الانتشار السريع.  

ولكن الأهم من ذلك هي الطريقة التي غيّر ت بها تلك الإصلاحات ميزان القوى بين النخبة الروسية.

في الواقع، لقد تغيّر هذا التوازن بشكل كبير خلال العامين الماضيين من خلال الاستثمار في الحرس القديم، ولا سيما جهاز الأمن الفيدرالي والجيش الروسي والزعيم الشيشاني رمضان قديروف، الذي يرأس كيانًا مستقلًا من الحرس القديم.  

الآن، يمتلك الرئيس الروسي أداة فعّالة تحت تصرفه لا تستجيب لأي شخص إلّا هو. إنها بمثابة جيش خاص غير منظم وفق أي قانون. لكن هذه الخطوة تعادل ميزان القوى داخل الحرس القديم، بنفس الطريقة عندما حوّل بوتين دائرة مكافحة المخدرات إلى فرع آخر من جهاز الأمن الفيدرالي في منتصف عام 2000. وهذا وضع تلك الأجهزة الاستخباراتية في منافسة شرسة، وجعل من الممكن لبوتين أن يعتمد على أي جهاز كما يتطلب الوضع، وتحريض كل جهاز ضد الآخر.

تراجعت أسعار النفط ومعها انهارت قوة الحكومة المركزية. وبدا الأمر كما لو أن روسيا عادت إلى فترة التسعينات. ويشبه صعود فيكتور زولوتوف إلى حد مذهل صعود ألكسندر كورزهاكوف رئيس حراسة الرئيس السابق بوريس يلتسين منذ أكثر من 20 عامًا. عندما انهارت شعبية يلتسين، دعا كورزهاكوف إلى إلغاء الانتخابات الرئاسية. ومع ذلك، خسر في نهاية المطاف أمام نائب رئيس الوزراء السابق أناتولي تشوبايس وجماعته من الإصلاحيين الذين قالوا إنَّ العملية الانتخابية ينبغي أن تستمر.

وفي حين أنَّ هناك حاجة كبيرة إلى إلغاء الانتخابات الرئاسية في عام 2018، لا يزال زولوتوف يحرس مصالح بوتين الانتقامية. ونتيجة لذلك، فإن الرابح الأكبر من إنشاء الحرس الوطني هم بوتين، وزولوتوف، حيث ازداد نفوذهما بشكل كبير، إلى جانب الحرس الجمهوري برئاسة يفغيني موروف. ويشمل الخاسرين من الحرس القديم: وزير الداخلية فلاديمير كولوكولتسيف، وقائد جهاز الأمن الفيدرالي ألكسندر بورتنيكوف، وإلى حد ما، وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الوزير الأكثر شعبية في روسيا، وقاديروف، الذي “يملك” القوات الخاصة الأكثر نفوذًا في البلاد.

هل الشعب الروسي من بين الخاسرين أيضًا؟ بالتأكيد، بقدر ما أدت عملية إعادة الهيكلة إلى تمكين عملاء البوليس السريّ والحرس القديم الذين لديهم الآن جيشًا خاصًا بدلًا من جيش مستأجر مسؤول أمام الجمهور. والأسوأ من ذلك، يجب أن يتحرك أي جيش، حيث توسّعت قاعدة قوات بوتين، مما يزيد من خطر أن الشرطة ستستخدم القوة ليس فقط لإخماد الاحتجاجات، ولكن قمع العملية السياسية بالمعنى الأوسع.

ومن المحتمل أن تزيد المنافسة بين قوات الأمن من الضغط على مجتمع الأعمال. وبالرغم من كل شيء، الحرس الوطني هو “الحامي” الجديد في اللعبة الحالية، وسوف يسعى للحصول على أموال الحماية التي تدفعها الشركات لقوات الأمن الأخرى.

ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن إصدار مرسوم رئاسي أسهل بكثير من تنفيذ إعادة الهيكلة. حجم التغييرات التي يتصورها بوتين ضخم للغاية بحيث أنها ستستغرق سنوات لتنفيذها في بلد بحجم روسيا. وهذا يعني أن الحرس القديم يجب أن يتحرك الآن إلى جانب توسيع صفوفه؛ وهذا يعني خلق تراتبية جديدة وتوضيح طبيعة العلاقات المتبادلة بينها.