سكان المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة يحتاطون من أساليبه الأمنية
19 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016
بعد أكثر من عامين على إخضاع الرقة لحكمة، وكذلك دير الزور التي ستقارب مدة سيطرته عليها من العامين، يعمد تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى تكرار إتباع أساليبه الأمنية، المشتقة والشبيهة في كثير منها من أساليب فروع الأمن التابعة لنظام الأسد.
“السورية نت” وبحكم تواصلها مع ناشطين وسكان محليين في المناطق المسيطر عليها من قبل التنظيم، فإنهم يبدون دائماً خشيتهم من تبعات التواصل مع الوسائل الإعلامية أياً كانت الغايات الكامنة خلفها، وبالتالي إمكانية تعرضهم لعقوبات تصل إلى حد الإعدام.
المعلومات المتقاطعة التي حصلت عليها “السورية نت” من مصادر عدة، تؤكد أن أكثر من يخشاه المدني من أجهزة “تنظيم الدولة” الأمنية، من يطلق عليهم لقب “الأمنيين” وهم الذين يختصون بالقضايا التي تمس “أمن الدولة” بحسب وصفهم، وبالتالي هؤلاء لا يتدخلون عادة في قضايا “المخالفات الشرعية”، أو “القضايا الاقتصادية”.
ناشطون وسكان محليين، أكدوا أن من أكثر الأساليب الأمنية المتبعة لدى التنظيم، والتي بدأ السكان يحتاطون منها، تتعلق بأخبار الإعدامات التي ثبت كذب التنظيم في الكثير منها، رغم أن عناصره هم من يعلنون عنها، ويخبرون أهالي معتقلين لديهم بأخبار إعدامهم، ليتبين بعد ذلك أن “المعدوم المفترض”، حياً يرزق في سجونهم.
ناشط ميداني عرف بنفسه باسم “أمير الفراتي”، قال لـ”السورية نت”، إن من أهم الدوافع التي يبتغيها التنظيم من وراء ذلك، هو متابعة ما ينشره أقاربه ومعارفه حول هذا الشخص (خاصة القاطنين منهم خارج مناطق التنظيم الذين يعبرون عن موقفهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي)، مثل مشاركته في الثورة السورية أو قوات المعارضة، أو التذكير بمواقفه وكلامه المعادي للتنظيم، أو تواصل مع وسائل إعلامية ومراكز حقوقية ومنظمات دولية معينة، وبالتالي يحصل التنظيم على ما يعتبرها “أدلة”، لم يتمكن من الحصول عليها من المتهم ذاته، رغم إتباعه مختلف أساليب الضغط والتعذيب المتعددة.
“الفراتي” نوه إلى أن هذا الأسلوب اتبعه النظام في مراحل الثورة المختلفة خاصة بدايتها، عندما كان يخبر أهل المعتقل بإعدامه أو موته، ليقوم زملاء له بتأكيد ما رفض المعتقل الاعتراف به، مشيراً إلى أن ذلك حصل معه شخصياً مع أحد ناشطي الثورة في دوما، وكان يعمل باسم مستعار قبل أن يلقى القبض عليه في أحد حواجز النظام.
وتابع: “بعد أشهر معدودة أخبر النظام أهل الشاب المعتقل بأنه تم إعدامه، لنعمد بعد ذلك إلى نشر أنشطته الثورية وصور عدة ثتبت مشاركته في الثورة في مجالات عدة، لكن بعد ذلك علمنا من أشخاص تم الإفراج عنهم، بأنه ما زال حياً، ونحن لا نعرف مصيره حتى الآن، وما فعله النظام بعيد ذلك”.
الناشط “الفراتي” بين أن إعدام معتقل لدى “تنظيم الدولة” يتم على الأغلب عبر مراحل (عدا الذين يتم إعدامهم في المعارك) من بينها عرضه على “قضاته الشرعيين”، الذين يطلقون الحكم النهائي المعتمد على ما يعتبرونها “أدلة” يقدمها الأمنيين عادة، والذين يبثون أخبار الإعدام الكاذبة في سبيل الحصول “قرائن” يقدمونها لقضاة التنظيم.
ناشط إعلامي في دير الزور (طلب عدم الكشف عن اسمه)، أشار إلى أن من بين الأساليب الأمنية المتبعة لدى “تنظيم الدولة”، ما تعلق بالمدنيين الذين يقومون بالشكوى على تجاوزات واعتداءات عناصر التنظيم نحوهم، أو ما يمكن وصفه بـ”تلفيق التهم”، لإجبار المشتكي على التنازل عن حقه.
وضرب مثالاً على ذلك، بأن من يأتي للشكوى على تعدي عنصر ما عليه، يسأله التنظيم عن أسباب عدم تقصيره ثوبه، أو لماذا لم تتبع دورة شرعية، أو “تأييد الصحوات”، أو “التهرب من دفع الزكاة”، أو غيرها من التهم، التي يصبح المجني عليه عبرها متهماً، ويدخل في متاهات وقضايا بعيدة عن القضية الأساسية التي جاء من أجلها، وربما تؤدي به إلى السجن، لذلك يتردد الكثير من المدنيين من تقديم شكوى ما بحق عناصر التنظيم، خشية من “تلفيق التهم” لهم.