طيارون تحت الصدمة يروون أهوال قيادة الطائرات بدون طيار في الحرب

19 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016

6 minutes

منذ دخولها في الحرب سنة 2001، قتلت الطائرات بدون طيار الآلاف، ماذا يقع في الطرف الآخر وراء الشاشة؟

لو نوفال أوبسرفاتور –

في إحدى ليالي تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وفي أحد أجنحة فندق بمنهاتن، يجلس برادون براينت، ضابط سابق في “سلاح الجو الأميركي” يعتبر تقريبا أشهر من أطلق صيحة فزع في ما يتعلق “أوراق الطائرات بدون طيار”، على أريكة ويكتب رسالة مفتوحة للرئيس أوباما.

منذ ثلاث سنوات، وهو يتحدث بشيء من الأسى عن قيادته لطائرات بدون طيار في العراق وأفغانستان وباكستان واليمن والصومال، قد ساهم بشكل مباشر في مقتل 1626 شخص بحسب تقديراته هو. ولكن اليوم فقدَ الكلمات.

يجلس زميله السابق ميشال هاس على الأرض إلى جانبه ستيفان لويس و وشيان ويستمورلاند بالإضافة إلى المحامي جيسلين رادك، المختص في الدفاع عن مطلقي صيحة فزع، أبرزهم إدوارد سناودن، كلهم مجتمعون لتحضير وثائقي نرويجي يتحدث عن حرب الطائرات بدون طيار التي تقودها أمريكا.

يشرح براينت وهاس، في رسالتهم المفتوحة إلى الرئيس أوباما، سبب اعتبارهم أن استخدام الطائرات بدون طيار يعتبر إفراط في استخدام القوة الغير مجدية، القائمة على التدليس وتزييف الحقائق، والتي تسببت في ازدياد وانتشار المقاتلين الأعداء، بشكل أصبح يصعب مواجهته.

“لدي بعض الدم على يدي”

 بقي هاس وبراينت على اتصال ببعضهما منذ أن غادرا القوات الجوية، يتبادلون الرسائل الإلكترونية أحيانا في مواضيع تافهة مثل الحديث عن سلسلة الرسوم المتحركة ميتالوبوكاليبسي، ولكن أحيانا للتحدث عن عملهما السابق.

وقد التحق ويستمورلاند، المسئول عن تواصل الطائرات ببعض، بالحملة بعد أن شاهد حوارا مع براينت على موقع “ديمكراسي ناو”، كما أنه أصبح لا يتوقف عن تعاي حبوب الليثيوم التي تمنحه بعض الشعور بالراحة وتبعد عنه الكوابيس وأعراض الإجهاد الذهني، حتى أنه قال “لدي بعض الدم على يدي”.

أما ستيفان لويس آخر من أطلق صيحة الفزع، والذي عمل على “تواقيع الأماكن المستهدفة”، أي تحديد الأهداف التي ستضربها الطائرات حسب سلوك الشخص وليس حسب هويته، للتوضيح فقط: إذا بدا الشخص في شكل محارب وتصرف وفق ذلك، فإن وكالة الاستخبارات الأمريكية ترسل له صاروخ “هيلفاير” أو “نار الجحيم”.

يعتبر لويس أكثرهم توترا في ما يتعلق بأحداث هذا الأسبوع، خاصة أنه عمل بشكل دوري مع براينت وهاس في عدة مناطق مشتعلة، كما أنه عمل متعاقدا مع وكالة الاستخبارات الأمريكية، يساعدها على اختيار الأهداف في عمليات الاغتيال بباكستان، في ضربات جوية على غاية السرية والغير قانونية.

وقد شرح لي هاس سبب توتر لويس فقال لي “على لويس أن يحذر، فالسي آي إيه تمنع موظفيها السابقين من الحديث عن نشاطاتهم السابقة معها”.

مر الأسبوع تحت ضغط رهيب، فقد تعرض الموظفون الأربع، المستقيلون من القوات الجوية، لتهديدات من جهة غير معلومة، كما اتهمهم زملائهم بالخيانة، وهم مقتنعون تماما بأن وكالة الأمن القومي قد وضعتهم تحت المراقبة.

حتى أن براينت وهاس طوّرا شيفرة للتواصل الخاص بينهما كما. وقد  أبلغ مكتب التحقيقات الفيدرالي براينت بأن تنظيم الدولة وضعه في قائمة المستهدفين، فأجابهم بأنه متوقع ذلك فبرامج التجسس تملئ الحاسوب، كما أنه يعتقد بأن كامل الأجهزة الالكترونية التي يضع عليها يده مراقبة.

“محرك الإرهاب”

في دراسة أجريت سنة 2013، بمساهمة مركز المراقبة الصحية للقوات المسلحة، كشفت بأن الموظفين المهتمين بالعمل على الطائرات بدون طيار يعانون من أمراض نفسية، أبرزها اضطرابات ما بعد الصدمة، شبيهة بتلك التي تصيب الطيارين التقليديين.

ورغم أن طائرات بدون طيار نوع ” المفترس” و”حاصد الأرواح” هي المفضلة للإدارتين الأمريكيتين المتتاليتين، لكن عدد طياريها يعد على الأصابع، من بينهم الأربع موظفين المستقيلين الذين يمثلون أبرز وجوه الحراك ضد برنامج الطائرات بدون طيار الأمريكية.

يتكلمون بشكل علني عن مشاكل الطيارات بدون طيار، كما أنهم عبر رسالتهم المفتوحة للرئيس الأمريكي قد يغيرون بعض الشيء في ما يتعلق بالإستراتيجية العسكرية المركزية لأجيال قادمة.

أثناء كتابة تلك الرسالة تساءل براينت عن المقصد من هذه الفقرة: “لقد أدركنا بشكل لا يدع مجالا للشك بأنه عبر قتلنا للأبرياء لن يزيد ذلك إلا من مشاعر الكراهية، وهذا ما يغذّي الإرهاب والمنظمات الإرهابية من أمثال تنظيم الدولة، التي تستخدم الطائرات بدون طيار أوّل وسيلة للانتداب المقاتلين تساوي في التأثير سجن غوانتنامو. هذا البرنامج الذي تبنته هذه الإدارة والتي سبقتها هو محرك للإرهاب حول العالم”.

مثل باقي دول العالم، تستند الحرب على الإرهاب في الولايات المتحدة الأمريكية على القواعد الجوية أبرزها في كريش بنفادا، التي تبعد على 65 كيلومتر عن شمال لاس فيغاس. بعد أن كانت المنطقة ملئ بالمقطورات وبها محطة تزويد بالوقود تعمل 24/ 24 وكازينو، في سنة 2014 قامت القوات الجوية بالسيطرة عليها وأغلقتها.

شكلت المسارات الثلاثة في قاعدة كريش شكل صليب على الأرض، وتوجد على إحدى جوانب الطريق موقف للسيارات ومساكن وقاعة رياضة وكازينو مغلق، بالإضافة إلى مقرات القيادة للفرقة 11 و17 الاستطلاعية. تقوم الفرقة 11 بمراقبة التدريبات العسكرية في حين تقوم الفرقة 17 بالمهام السرية جدا مثل الاغتيالات التي تدبرها السي آي إيه.

يصف ميشال هاس الفرقة 17 فيقول “يحيط بمقر هذه الفرقة سور كبير لا يعرف أحدا ما يحدث بين جنباته، ولكننا نعرف فهم من يقودون العمليات القذرة في باكستان. ولكننا نظريا لا نعلم شيئاً”.