أسوأ ما في إرث باراك أوباما
20 أبريل، 2016
واشنطن بوست –
بعد فترة قصيرة من سقوط مدينة الموصل ،ثاني أكبر مدن العراق، في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية في شهر يونيو 2014، زار وفد من كبار مسؤولي كردستان العراق واشنطن ويحملون معهم سؤالا إشكاليا، حيث سألوا: من أين ستأتي القوات التي ستستعيد السيطرة على المدينة ؟ حيث أن الجيش العراقي هش للغاية، والأكراد ضعيفون جدا الآن، والقوى الخارجية مثل تركيا والولايات المتحدة غير مستعدة لإرسال قوات برية.
وعلى مدى هاتين السنتين تقريبا حدثت أمور كثيرة. فقد أعادت إدارة أوباما ، من بين أمور أخرى، تدريب ما يقرب من 20000 جنديا من القوات العراقية، وأرسلت حوالي 5000 عنصرا من المدربين الأمريكيين وقوات المارينز وقوات العمليات الخاصة إلى المنطقة، وشنت أكثر من 11000 غارة جوية ضد أهداف تنظيم الدولة الإسلامية. ولكن عندما جاء وفد كردي آخر رفيع المستوى إلى واشنطن في الأسبوع الماضي، لم يتغير سؤالهم حول تحرير مدينة الموصل: من الذي سوف يقوم بتلك المهمة ؟
وقال قوباد طالباني، نائب رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان في العراق، والذي التقى مؤخرا في بغداد برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والقائد الأمريكي البارز في أرض العمليات الجنرال ماكفارلاند، “لقد سمعنا باقتراب وضع خطة لاستعادة الموصل. لكننا نحس بوجود فجوات في تلك الخطة”.
ويتحدث مسؤولون امريكيون مؤخرا عما يصفونه بأنه زخم متزايد في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ويقولون إن الرئيس أوباما، الذي ردد مرارا أن هزيمة التنظيم تقع على رأس أولوياته، طلب “تسريع” الحملة المناهضة للدولة الإسلامية.
ومع ذلك، فإن الاستماع إلى الأكراد يعني أننا نستطيع التعرف على العقبات الكبيرة التي لازال يجب علينا التغلب عليها قبل أن يتم استعادة اثنين من أهم المدن التي يسيطر عليها الجهاديون وهما الموصل في العراق، والرقة في سوريا. وما نفتقد إليه لا يتعلق فقط بعدد القوات اللازم لتحرير المدينة، ولكن يتعلق أيضا بالتمويل، والقيادة السياسية، والمطلب صعب المنال في منطقة الشرق الأوسط وهو: وجود رؤية قابلة للتطبيق في مرحلة ما بعد سقوط التنظيمات الإرهابية .
ومن بين العوامل التي لا تساعد على تحقيق تلك الغاية هو أن العراق يعاني من أزمة اقتصادية ومالية ناجمة عن انخفاض أسعار النفط، بالإضافة إلى وجود بعد سياسي آخر مُلح في بغداد، حيث يحاول رئيس الوزراء المحاصر حيدر العبادي أن يشكل حكومة جديدة دون جدوى. وقد أدت تلك الاضطرابات إلى أزمة في إقليم كردستان، وهي منطقة حكم ذاتي، حيث لم يتقاض مقاتلو البشمركة الأكراد رواتبهم منذ ثلاثة أشهر. وكانت أحد مهام طالباني في واشنطن هو مناشدة الولايات المتحدة للحصول على مساعدات مالية، والتي من دونها ربما لا يتأتى تعبئة القوات الكردية من أجل هجوم الموصل. وقد طلب الأكراد الحصول على مبلغ قيمته 200 مليون دولار في الشهر. بينما اقترح البنتاغون توفير 50 مليون دولار فقط.
ولم يتخذ البيت الأبيض أي قرار بشأن تمويل الأكراد. وحتى إذا تم اتخاذ قرار بتمويل الأكراد، يبقى السؤال قائما: من الذي سيتولى مهمة قتال الشوارع في مدينة الموصل؟ فقد بنى الإرهابيون حواجز دفاعية في جميع أنحاء المدينة، وزرعوا الألغام، والعبوات الناسفة في جميع أنحاء المدينة، ويقول الأكراد إن التنظيم عبأ غاز الخردل في قذائف مدفعية لاستخدامها. وأي قوة ستنفذ الهجوم ربما تواجه الهجمات الكيميائية، وهو ما توقعته القوات الامريكية في العام 2003 ولكنها لم تواجهه.
وسرعان ما ترنحت قوات الجيش العراقي في الشهر الماضي عندما حاولت البدء في تنفيذ عمليات تطهير بالقرب من مدينة مخمور التي تقع على بعد حوالي 70 كيلومترا جنوبي الموصل. وقد حدث ذلك عندما تم إرسال 200 عنصرا من قوات المارينز الأمريكية بشكل سري الى المنطقة من أجل تأسيس “قاعدة لإطلاق النار” والقصف المدفعي. وحتى مع وجود هذا الدعم، لم يتمكن العراقيون من السيطرة إلا على عدد قليل من القرى. وقال فلاح بكير ،وزير إقليم كردستان لشؤون العلاقات الخارجية، لمجموعة من الصحفيين “نحن نعلم جميعا أن الجيش العراقي ليس مستعدا حتى الآن”.
ويتحدث البنتاجون الآن عن إنشاء المزيد من قواعد إطلاق النار على الطريق المؤدية إلى الموصل، وتقول المصادر إن المئات من عناصر قوات العمليات الخاصة وغيرها من القوات الأخرى قد يتم إرسالها إلى هناك عندما تبدأ الحملة. ويأمل القادة أن يتم استخدام الآلاف من رجال القبائل السنية الذين يتلقون تدريبات ليصبحوا قوات تأمين المدينة المحررة. ولكن هذا الأمر لازال يثير تساؤلا عما إذا كان سيتم السماح للميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران للانضمام إلى الهجوم أم لا، حيث يمارسون الضغوط للقيام بذلك. وإذا حدث ذلك، فإنهم قد ينهمكون في العنف الطائفي مع السكان السنة.
وربما تفسر هذه التعقيدات لماذا لم يطلع العبادي وماكفارلاند الأكراد على خطة الحملة حتى الآن. والأبعد من ذلك، هو أنه لم يتم بعد بلورة استراتيجية لحكم مدينة الموصل وغيرها من المناطق المأهولة بالسكان السنة في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب، والتي من شأنها أن تبرز قيادة تحل محل تنظيم الدولة الإسلامية ويدعمها السكان المحليون. ويعتقد طالباني أن وجود مقاطعة سنية داخل عراق فيدرالي قد تكون الحل المناسب، ولكن ليس هناك دليل على أن الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد، وحلفائها في إيران أو حتى السنة أنفسهم سوف يوافقون على ذلك.
ويشير كل هذا إلى النقطة المهمة التالية: لن يتم تحرير الموصل في العام 2016. وسوف تصمد الدولة الإسلامية في وجه الادارة الأمريكية التي ساعدت سقطاتها في سوريا والعراق على قيام الدولة الإسلامية. وسوف يكون ذلك هو أقبح شيء في إرث باراك أوباما.