الاستزراع السمكي في غزة.. هل تحل أزمة شح الصيد البحري؟
20 أبريل، 2016
لم يشفع لغزة أنها تقع على ساحل البحر المتوسط لتسد حاجتها وتصدر فائضها من الأسماك، فهي بالرغم من ساحلها البحري إلا أنها تفتقر للأسماك بشكل كبير نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي للصيادين في قطاع غزة تجاوز التسعة أميال بعيداً عن الشاطئ، ما جعل مشاريع الاستزراع السمكي تلقى رواجاً في السوق.
وحول الصيد البحري يقول الصياد إسماعيل أحمد لـ”هافنغتون بوست عربي”: “لقد عرضنا المركب الكبير للبيع، فهو لم يُبحر منذ 9 سنوات لمنع الاحتلال الصيادين من تجاوز المساحة المحددة بتسعة أميال، وقلت الأسماك في هذه المنطقة بشكل واضح نتيجة الصيد العشوائي، والحاجة الكبيرة”.
وأوضح أن كمية الصيد قليلة جداً، والأسعار مرتفعة للغاية، والصيد لا يغطي ثمن وقود المراكب للصيادين، وتابع: “بات السمك الجيد كالهامور والدنيس والجرع البحري لا يقدر على شرائه إلا ميسوري الحال وأصحاب الدخل المرتفع، أما الطبقة المتوسطة والفقيرة وهي الأغلب في المجتمع فتبحث عن سمك “السردين” و”الطارخون”، ونحن الآن في فترة صيده، لكنه قليل”.
قلة الصيد وزيادة الحاجة للأسماك دفع بعض التجار للتفكير بمشاريع الاستزراع السمكي، فنشأت 3 مزارع وسط وجنوب قطاع غزة مخصصة لسمك “الدَّنيس”، واثنتان تحت الإنشاء لسمك “البوري” و”القاروص”.
وحول حاجة القطاع للسمك قال المهندس وليد ثابت، مدير الاستزراع السمكي في وزارة الزراعة: “قطاع غزة بحاجة لـ12 ألف طن سنوياً من الأسماك البحرية، وتبلغ كمية الصيد 3000 طن فقط، نتيجة منع الاحتلال الصيادين من الدخول لمساحات طويلة في البحر، لذلك بدأنا في دعم مشاريع الاستزراع السمكي، وتوفير الرسومات الهندسية الخاصة ببرك السمك، والمعلومات المهمة حول طرق التربية لأصحاب المشاريع”.
وبيَّن أن هذه البرك تستخدم مياه البحر المالحة ولا تؤثر على المخزون الجوفي للمياه التي يستخدمها المواطنون، وطعم الأسماك فيها مقبول للجميع، لكنه كشف عن فشل تجارب مختلفة في استزراع الجمبري فقال: “الجمبري بحاجة لمساحات رملية واسعة وخبرة كافية، كانت هناك عدة محاولات لاستزراعه وفشلت، لولا الحصار لخرج بعض المتدربين لتلقي الخبرات في الخارج”.
ويستهلك قطاع غزة يومياً 900 كيلوغرام من سمك الدنيس، توفر المزارع منها 600 كيلوغرماً، فيما يتم استيراد الباقي من الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه كمية الصيد البحري من سمك الدنيس 20 كيلوغراماً يومياً فقط، وبأسعار غالية.
ياسر الحاج صاحب مزرعة “البحَّار” التي تقع جنوب مدينة غزة قال: “نستورد أسماك الدنيس الصغيرة بحجم 15 غراماً من إسرائيل، ونطعمها العلف الصناعي بدرجات مختلفة حسب الفئة العمرية داخل أحواض صناعية، وتستمر فترة الرعاية 14 شهراً قبل أن يصبح السمك جاهزاً للبيع، هناك إقبال جيد على الأسماك خصوصاً أننا نستخدم مياه البحر مباشرة”.
وأضاف “نصدِّر يومياً للسوق المحلي 320 كيلوغراماً من الدنيس، ويباع الكيلو بـ45 شيكل، أي ما يقارب 11 دولاراً، وهذا أيضاً سعر مرتفع للطبقة المتوسطة من المواطنين، لكن تكاليف الاستزراع مرتفعة جداً، نحن نعاني بشكل كبير من انقطاع التيار الكهربائي، وعدم توافر الأعلاف بشكل مستمر، ونتخوف من أي حرب قادمة قد توقعنا في خسائر فادحة”.
وتقع مزارع سمك “الدنيس” الثلاث في قطاع غزة على شاطئ البحر مباشرة، ويستخدم العاملون في المزارع مياه البحر من خلال مضخات داخل الأحواض الاصطناعية، ترفع المياه المالحة من جودة المنتج.
علي اللحام، أحد العاملين في مزرعة “fish fresh” جنوب القطاع، قال: “افتتحنا بجانب المزرعة مطعماً، ليأتي الزبائن فيختاروا مباشرة الأسماك من داخل الأحواض ويتم شويها على الفحم، وأمام عيونهم… الحقيقة طبقة معينة من الناس هي من تستطيع دفع ثمن وجبة من الدنيس المشوي”.
ويبحث المواطنون عن أسعار أقل من سمك الدنيس داخل المزارع كـالبوري مثلاً، نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمرون به، فلا طاقة لهم بوجبة من الدنيس يبلغ ثمنها 100 دولار لأصحاب العائلات الكبيرة، في ظل دخل محدود لا يتجاوز 400 دولار فقط.