ما هو ثمن الأسد لدى بوتين؟
20 أبريل، 2016
يجمع المسئولون الأميركيون والأوروبيون والعرب، ممن زاروا موسكو في الأسابيع القليلة الأخيرة، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحين الفرصة لمقايضة رأس حليفه السوري بشار الأسد. ويجتهد هؤلاء المسؤولون لمعرفة سعر الأسد لدى بوتين، أو ما يمكن للولايات المتحدة وحلفائها تقديمه للروس حتى يتنازلوا، بشكل “صريح وعلني”، عن الأسد.
على أن بعض المسؤولين الأميركيين يخشى أن يكون ثمن استغناء بوتين عن الأسد باهظاً وغير واقعي، ما يؤخر عملية المقايضة ويبقي الحرب السورية مشتعلة.
ويرجح المسؤولون الأميركيون أن يطلب بوتين رفع العقوبات الأميركية والدولية التي تم فرضها عليه، إثر قيام قواته باجتياح وضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية في العام 2014. ورفع هذه العقوبات يعني اعتراف المجتمع الدولي، وفي طليعته الولايات المتحدة، بالخطوة الروسية، الأمر الذي من شأنه أن يظهر أمريكا وكأنها مستعدة للتنازل عن حلفائها، وقد يثير هذا قلق دول البلطيق ويدفعها إلى الابتعاد عن “تحالف الأطلسي” والاقتراب من الفلك الروسي.
كذلك، يقول المسؤولون الأميركيون إن حلفاء واشنطن من غير الأوكرانيين، مثل الأتراك، يعارضون الاعتراف بسيادة روسيا على القرم، إذ إن الأمر لا يفتح شهية بوتين لقضم أراض أخرى محيطة بروسيا من آسيا الوسطى إلى البلطيق، بل إن أنقرة تشعر بمسؤولية تجاه غالبية سكان القرم، ومعظمهم من المسلمين التركمان من هرب ناشطوهم وقادتهم المعارضون لبوتين إلى اسطنبول وكييف، ويشنون اليوم حملة سياسية، بمؤازرة دولية، لتحريك القرميين للانتفاض ضد الاحتلال الروسي لأراضيهم.
هل يقبل بوتين بسعر أقل من اعتراف دولي بسيادته على القرم للتخلي عن الأسد؟
يقول مسؤولون عرب ممن التقوا بوتين مؤخراً ويتواصلون مع واشنطن، إن الرئيس الروسي قال لهم إنه “يتفهم أن العرب يبحثون عن مصلحتهم كما تبحث روسيا عن مصلحتها”، وإنه “مقابل العمل معا على تحقيق بعض الاستقرار المالي في الأسواق العالمية”، لا يمانع الرئيس الروسي “التنسيق لإعادة الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط”.
وفسر المسؤولون الأميركيون عرض بوتين هذا على أنه طلب من الدول العربية ة للنفط التعاون معه والعمل على رفع سعر النفط في السوق العالمية، ما يحقق استقرار الاقتصاد الروسي مقابل تخليه عن الأسد.
يمكن أن يطلب بوتين أثماناً باهظة للمقايضة على الأسد بهدف التفاوض، حسب بعض المسؤولين الأميركيين والعرب. كما يمكن أن يطلب سعراً مرتفعاً لاعتقاده أنه غير قادر على إجبار الأسد على الرحيل عن السلطة. ويمكن أن يكون بوتين مستعداً للتخلي عن الأسد مقابل أثمان زهيدة جداً، من قبيل السماح للمعارضين السوريين الذين يرعاهم الأسد في العملية التفاوضية بالمشاركة في ثلث الهيئة الانتقالية، التي تسعى الأمم المتحدة لتشكيلها من سوريي النظام والمعارضة. ويرى المسؤولون أنه يمكن أن يرى بوتين في هؤلاء المعارضين السوريين أنهم الأقرب إليه ويضمنون له نفوذاً في المراحل المقبلة في سوريا.
على أن المسؤولين العرب والأوروبيين ممن يزورون واشنطن يعتقدون أن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تعد في موقع يخولها البيع أو الشراء قبل تسعة أشهر من خروجها من الحكم، وهو ما يعني أن الإدارة ستستمر في سياستها الحالية تجاه سوريا، بكسب الوقت وتقليص حدة الحرب للتخفيف من ضغط حلفائها الذين يطالبونها بالقيام بخطوات لوقف المحرقة السورية.
وهذا ما يعني أيضا أنه إذا كانت واشنطن قد دخلت في مرحلة تصريف الأعمال بانتظار انتخاب الرئيس الجديد والإدارة الجديدة، فإن بوتين يدرك ذلك، وأنه يساير واشنطن في تمرير الوقت كذلك والاستمرار في عملية التفاوض حول سوريا وفي رعاية عملية كتابة دستور جديد تأمل واشنطن أن يبصر النور في شهر أغسطس، إلا أن أحداً في الإدارة ما عاد يعتقد بأن الالتزام بهذا الموعد بات ممكناً.
حتى يعرف العالم ما هو ثمن الأسد عند بوتين، ربما عليه أن ينتظر وصول رئيس أميركي جديد إلى البيت الأبيض، وربما انتظار تعيين أمين عام جديد للأمم المتحدة كذلك. من الآن وحتى تاريخه، ستستمر الحرب السورية الدائرة وستستمر المراوغة الدبلوماسية في جنيف حتى إشعار آخر.