الذكرى الأولى لمعركة الأفغان.. حين مرّغت درعا أنف إيران بالتراب

21 أبريل، 2016

إياس العمر: المصدر

يستذكر اليوم أهالي محافظة درعا، مدنيين وثوار، ذكرى معركة رفعت رؤوسهم عالياً، ومرغت أنوف قوات النظام وميليشياته، الذين تناثرت أشلاؤهم في كل بقعة من ساحة المعركة التي شهدت سقوط المئات من قتلى تلك القوات، فضلاً عن الأسرى الذين كان القسم الأكبر منهم من الميليشيات الأفغانية التي تقاتل بقيادة إيرانية، لذلك أحب الناشطون أن يسموها بمعركة (الأفغان).

وللوقوف على تفاصيل معركة “عمود حوران الثانية” أو ما باتت تعرف باسم معركة “الأفغان”، قال الناشط عمار الزايد في حديث لـ “المصدر” إنه وبعد سلسة الهزائم المتتالية لقوات النظام في عام 2015، والتي بدأت من مثلث الموت وخسارة مدينتي الشيخ مسكين وبصرى الشام لصالح تشكيلات الجبهة الجنوبية، بالإضافة لمعبر نصيب، لم يكن أحد يتوقع أن تقوم قوات النظام بمهاجمة إحدى أهم قلاع الثورة في حوران وهي بلدة بصر الحرير، والتي تعتبر من أكثر النقاط استراتيجية في المحافظة.

عنصر المفاجأة

وأضاف بأنه في (19 نيسان/أبريل) من العام الماضي، بدأت قوات النظام بحشد قواتها في محيط بلدة بصر الحرير، وترافقت مع زيارة وزير دفاع النظام “فهد الفريخ” لقاعدة تل الخاروف الواقعة بين ريفي درعا والسويداء، بجوار بلدة بصر الحرير، واعتقد أهالي المنطقة حينها أن تحركات قوات النظام ترافقت مع زيارة الفريج، ولم يكن أحد يتصور أن تقوم قوات النظام بفتح أي معركة باتجاه بلدة بصر الحرير، كون قوات النظام خسرت البلدة مع بداية عام 2013، بعد قتال استمر لشهر، وعندها كان النظام مازال يملك جيشاً متماسكاً لحد ما، وكانت أول بلدة يسيطر عليها الثوار بريف درعا، بعد تدمير ما يقارب مئة دبابة وعربة لقوات النظام.

وأشار الزايد إلى أنه وبالتزامن مع تحركات قوات النظام قدمت ميلشيات إلى مدينة ازرع، وعبرت الميلشيات من محافظة السويداء باتجاه قاعدة تل الخاروف.

وأضاف الناشط ابراهيم الحريري في حديث لـ “المصدر” بأنه مساء يوم (19 نيسان/أبريل) بدأت تأتي أخبار عن حشد لقوات النظام، وعندها قام ثوار البلدة بالاستنفار طوال الليل وحتى فجر اليوم التالي، وكانت المفاجئة بأن هجوم الميلشيات وقوات النظام بدأ منذ منتصف الليل، ووصلوا إلى نقاط متقدمة جداً، ولم يكن هناك أي مقاتل من الثوار غير أبناء البلدة.

وأردف، تقدمت قوات النظام بشكل كبير، ومع بلوغ الفجر بدأت الأخبار تصل عن طريق الناشطين بأن بلدة بصر الحرير أصبحت محاصرة بشكل شبه كامل، وهنا بدأ الأمر يتغير، وكانت هناك ردة فعل من قبل الجيش الحر، فنستطيع القول إنه كان انفجار بكل ما للكلمة من معنى، من بصر الحرير ومنطقة اللجاة التي قدمت 36 شهيداً في بداية الهجوم، حيث أن قوات النظام تمكنت من الدخول إلى بيوت اللجاة، وبعدها تمكنت المؤازرات من فتح ثغرة من الجهة الجنوبية مع بزوغ الشمس، ودخلت أرتال الجيش الحر.

قلب الموازين

وأكمل الناشط نادر الحريري، في حديث لـ “المصدر”، قائلاً إنه ومع وصول أرتال الجيش الحر فجر يوم (20 نيسان/أبريل)، بدأت الأمور تتغير، وسيطر الثوار على القطاع الجنوبي من البلدة، وأصبحت المعركة في منطقة الوعر الفاصلة بين بلدة بصر الحرير ومنطقة اللجاة، وكانت المعركة الفاصلة هناك، ومع ساعات الظهر انتهى كل شيء، وكانت المفاجئ الكبرى بعدد القتلى من قوات النظام وميليشياته، وأكثرهم من المرتزقة الأفغان.

وأشار الحريري إلى أن قوات النظام كانت تهدف من خلال معركتها هذه إلى إطباق الحصار على مدينة بصر الحرير من أكثر من محور، وهي المحور الغربي من مدينة ازرع، حيث تحركت قوات النظام باتجاه اللجاة وبلدة مليحة العطش، بحيث تلتقي مع قوات النظام المتقدمة من المحور الشرقي من تل الخاروف باتجاه بلدة مليحة العطش ومنطقة اللجاة، وعندما تتصل القوات مع بعضها تكون قد أتمت الحصار بالمشاة، وعندها تتحرك الآليات الثقيلة، وكانت تريد قوات النظام الاعتماد على عنصر المباغتة في هذه المعركة، وتجاوز عدد القوات البرية لقوات النظام 2000 مقاتل.

مدير المكتب الإعلامي في فرقة عمود حوران، الفصيل الوحيد في بلدة بصر الحرير، محمد الحريري، قال لـ “المصدر” إن الاشتباكات استمرت حتى الساعة الثانية عشر ظهراً، حتى انسحب آخر عنصر بقي على قيد الحياة من قوات النظام، وتم تدمير عشرات الآليات، وعند انسحاب قوات النظام بدأت تشكيلات الجيش الحر باستهداف نقاط قوات النظام الأساسية في كل من اللواء 12 والفوج والكتائب التي تقع شرق البلدة، وكانت ضربة موجعة لقوات النظام.

480 قتيلاً

وعن خسائر قوات النظام، أكد الحريري أن النظام خلال المفاوضات طالب بـ 480 جثة لمقاتلين من الميلشيات المقاتلة إلى جانب قواته، وسلمت فرقة عمود حوران النظام 70 جثة في صفقات تبادل أسرى، إضافة لقيام عدد آخر من التشكيلات بعمليات تفاوض، وقام النظام بسحب عدد من الجثث، كما وقع العشرات من عناصر قوات النظام في الأسر، وإلى اليوم هناك أربعة مقاتلين من المرتزقة الأفغان أسرى لدى فرقة عمود حوران.

وأكد الحريري أن السبب الرئيس في ارتفاع أعداد القتلى في صفوف قوات النظام، هو اعتماد النظام على المرتزقة، والذين لا يعرفون طبيعة المنطقة، فهي وعرة ويصعب على أي أحد من غير أبناء المنطقة أن يمشي فيها، فكيف بمرتزقة قام النظام بالزج بهم ليلاً ليكونوا هدفاً سهلاً للثوار، واستمر الثوار لثلاثة أيام بعد انتهاء المعركة في إلقاء القبض على مرتزقة ضلوا الطريف، والعثور على جثث جديدة.

وأشار إلى أن النظام كان واثقاً أن المرتزقة سيتمكنون من إطباق الطوق على بلدة بصر الحرير، لذلك قام بإعداد بيان ونشره في الساعة 11 صباحاً، يعلن فيه سيطرة قواته على مواقع في منطقة اللجاة وحصار بلدة بصر الحرير، بهدف استعادة الطريق الواصل بين محافظتي درعا والسويداء، وفي الوقت الذي بثت قنوات النظام هذا البيان، كان الثوار يحتفلون بالنصر، ويجمعون سلاح قوات النظام وجثث المرتزقة والأسرى.

وأضاف بأن نتائج المعركة كانت كارثية على ضباط النظام، حيث أن وزير دفاع النظام هو من كان يدير المعركة من قاعدة تل الخاروف، وتم إبعاد قائد الفرقة الخامسة في مدينة ازرع اللواء محسن مخلوف على إثر المعركة إلى محافظة حمص، وقتل هناك، وكانت المعركة سبباً في الإفراج عن مئات الأسرى من سجون قوات النظام بعمليات تبادل، ودرساً لقوات النظام ومرتزقته، واختبار جدي لمدى تماسك وقوة تشكيلات الجيش الحر في المحافظة، والتي كبدت قوات النظام الخسارة الأكبر خلال الثورة.

أخبار سوريا ميكرو سيريا