‘سلمى أحمد عطفة : قررت الانتحار لاكتشافي بأن مهمة اصلاح العالم مستحيلة’

21 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016
4 minutes

 

 

 

منذ تقريب الأسبوعين ذهبت لزيارة صديقتي ميس في شرق ألمانيا، و اعتمدت في ذهابي و إيابي على خدمة تدعى Bla Bla Car تمكن الشخص من السفر في سيارة أحد ذاهب إلى المنطقة التي يريدها و بكلفة أقل من القطار. في طريق الذهاب كان السائق صامتا طوال الوقت، حتى أنه لم يتحدث إلى زوجته التي بجانبه، و أما في طريق العودة فكان السائق محبا للحوار و فضوليا. بعد أن عرف أني لاجئة سورية قال فورا: و لكن الآن أنا حقا مصدوم. إنني شخص غريب تماما، كيف تثقين بي و تذهبين معي في سيارتي. أجبته أنني عاجلا أم آجلا، الآن أو بعد سنتين سألجأ لطريقة السفر هذه التي توفر الكثير، و ما الفارق سيكون!! لا فرق سوى أنني ربما آلف ألمانيا و أشعر بالأمان و الثقة أكثر مع مضي الوقت، لذا اخترت أن يكون هذا الأمر عاجلا و ليس بآجل.
بدأنا بالحديث عن سورية و ما حدث و حاولت أن أشرح له بإيجاز أهم النقاط منذ بداية الثورة، لكن خلال سردي لبعض الأحداث المؤلمة قاطعني ليخفف عني قائلا: البارحة كنت أتابع الأخبار و سمعت أن النظام استعاد تدمر من أيدي داعش. للحظة وددت أن أقفز من النافذة و أنتحر، لكنني قلت أنه من الأفضل أن أكون مفيدة و أعمل على تصحيح الصورة، و شرحت للرجل عملية المتاجرة المادية و البشرية و الإعلامية في تدمر و الخدمة العظيمة التي قدمتها داعش للنظام بتدمير سجن تدمر و كل ما فيه من وثائق و أدلة على جرائم النظام.
الأمر الأخير الذي وخز قلبي أيضا أنه سألني: هل حقا يقوم اللاجئون بإرسال ما يحصلون عليه من نقود من الدولة لذويهم في سورية؟!.. “و المقصود أنهم آكلين شاربين نايمين و عم يبعتو لأهلن عحساب الحكومة و الشعب الألماني”
حينها أحسست بسخونة في وجنتي و غصة علقت في حنجرتي و قلت له: هل أربعمئة يورو تكفي مواطنا حتى نهاية الشهر؟!.. فكيف لأحد أن يقتص من هكذا مبلغ و يدفع فوق ما اقتصه تكاليف الإرسال لسورية؟!.
اكتفيت بقول ذلك له مع أني على يقين أن هناك من يقتصد و يقطع عن نفسه شتى ضروريات الحياة ليتمكن من التوفير و إعانة ذويه في سورية و غيرها.
قال لي: أنا آسف، لكن لا يمكن أن نعلم الحقيقة وراء كل ما نسمع. نشاهد الأخبار و نسمع الأحاديث المنتقلة من شخص إلى شخص و إلخ.. لذا غالبا كل الحقائق مشوهة.
و عندها أدركت أن فكرة القفز من النافذة كانت فكرة جيدة، أجل بل و جيدة جدا عندما تكون المهمة هي إصلاح العالم.

 

https://www.facebook.com/salma.atfeh?fref=ts