كارثة بيئية تهدد معرة النعمان وكفرنبل تلملم جراحها
21 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016
رزق العبي: المصدر
أدت المجزرة التي حدثت في مدينة معرة النعمان بريف إدلب، في (19 نيسان/أبريل)، والتي راح ضحيتها نحو 52 قتيلاً وأكثر من 120 جريحا، إلى تجاهل الكثير من وسائل الإعلام مشكلةً خطيرة تواجه المدينة، حيث أعلن المجلس المحلي لمدينة المعرة قبل أيام، معرة النعمان مدينة منكوبة، نتيجة تلف خطوط الصرف الصحي وتسرب المياه الملوثة إلى المياه المخصصة لشرب المدنيين، ووجه المجلس نداء استغاثه للمنظمات العاملة في هذا المجال لإنقاذ المدينة من كارثة مقبلة.
كارثة بيئية وانتشار للأمراض
وفي تصريح لـ “المصدر” قال عمار الصبوح نائب رئيس المجلس المحلي في معرة النعمان للتواصل الخارجي، إن المدينة تعرضت لقصف عنيف بالطائرات والبراميل المتفجرة، الأمر الذي تسبب بدمار في البنية التحتية لشبكة الصرف الصحي، ما أدى لتسرب مياه ملوثة واختلاطها مع المياه الجوفية، وبالتالي أحدث الأمر تلوثاً في الآبار السطحية التي يعتمد عليها أكثر الأهالي في الشرب.
وأشار إلى أن آثاراً مضرة قد تنتج عن عمليات الاختلاط المشار إليها، على رأسها انتشار الروائح الكريهة وتوفير البيئة الملائمة لنمو الحشرات الناقلة للأمراض وخاصة الذباب والبعوض، مؤكداً تسجيل حالات إصابة بالتهاب الكبد الوبائي من النمط A والحمى التيفية والإسهالات المائية والزحار، بالإضافة للأمراض الجلدية المنتشرة والتي ينقلها البعوض والذباب وخاصة اللاشمانيا الجلدية.
وعن طرق الوقاية الأولية قال “الصبوح” إن الأمور حتى اللحظة عادية، ولكن التأخير في معالجة المشكلة قد يتسبب بكارثة بيئية خطرة، ويجب إصلاح شبكة الصرف الصحي في المدينة ومعالجة مياه الصرف نفسها بشكل آمن، وتعقيم آبار المياه الجوفية، فضلاً عن التثقيف الصحي ورفع المستوى الصحي للمدينة.
وطالب المجلس المحلي لمدينة معرة النعمان كافة المنظمات الدولية معالجة هذه المشكلة، ومساعدة المجلس في تجاوزها، كون المدينة تعتبر من المدن الكبرى في محافظة إدلب.
بيان المجلس حول المجزرة
وكان المجلس المحلي للمدينة أصدر بياناً بخصوص المجزرة المروعة التي حدثت في المدينة، قال فيه إن المجلس وثق كافة تفاصيل الأضرار، معتبراً استهداف السوق الشعبي في وقت الذرة يعبر عن مدى الحقد والإجرام الذي تكنه قوات النظام للمناطق الخارجة عن سيطرتها، مطالباً المجتمع الدولي ومؤسساته الإنسانية والطبية والحقوقية بتحمل مسؤوليتهم تجاه الشعب السوري وحمايته من إجرام هذه العصابة.
وختم المجلس بيانه بالتأكيد على متابعة الحياة بعزيمة وصمود، لتحقيق النصر، على كل أعداء الشعب السوري، والحرية.
بُعيد المجزرة… كفرنبل تلملم جراحها:
وفي مدينة كفرنبل التي شاركت معرة النعمان مجازر الثلاثاء، باشر فريق النظافة في المجلس المحلي لمدينة كفرنبل بريف إدلب إعادة تأهيل مكان المجزرة التي راح ضحيتها 12 مدنياً، إضافة إلى جرح ما لا يقل عن ثلاثين آخرين، حيث استهدفت طائرة حربية تابعة لقوات النظام طريقاً مكتظاً بالمارة في حي العزيزية بالمدينة.
“باسل” صاحب معمل حلويات كان مكان القصف، روى لـ “المصدر” التفاصيل المروعة التي عاشوها خلال لحظات، فقال، كانت الأمور على ما يرام إلى أن خرج صوت قوي جداً، لا يمكن لعقل أن يتصوره، ولفتني غمامة سوداء لم أعرف ما حدث وقتها، كل شيء كان أسود، نقلوني إلى المستشفى، وأُصيب والدي أيضاً، وحل دمار كبير جداً، لم نتمكن من الهرب لأن كل شيء حدث في لحظات.
وفي حديث لـ “المصدر” قال الشاب “أحمد العلي” الذي كان متواجداً على سطح منزله بعيداً عن القصف بأمتار، إن الطائرة كانت مرتفعة جداً، وما هي إلا لحظات حتى صارت على مسافة قريبة جداً، وألقت صاروخاً أحدث صوتاً مدوياً، وعلت أصوات الناس في مكان التفجير، سارعتُ على الفور لمكان القصف، فإذا بأشلاء وجثث ودمار، المشاهد كانت قاسية جداً.
وما هي إلا لحظات حتى وصلت فرق الدفاع المدني وطوقت المكان منعاً لدخول المدنيين، وفي هذا الجانب تحدث “وائل العمر”، العامل في فريق الدفاع المدني، لـ “المصدر” قائلاً، عندما نعمل دون وجود مدنيين بيننا يكون عملنا أسهل، لأن المدنيين يعيقون عملنا، خاصةً وأنهم يكونوا في حالة نفسية صعبة، نظراً لوجود أشخاص يخصوهم تحت الركام، فمثلاً أب يحاول انتشال ابنه بطريقة خاطئة قد تودي بحياته.
وأضاف العمر، استطعنا انتشال الكثير من الأشخاص ونقلهم إلى المستشفيات، وهم يتلقون العلاج الآن، وللأسف لم نتمكن من انقاذ البعض، لأنهم فارقوا الحياة لحظة القصف نظراً للإصابة المباشرة.
وكان مستشفى بلدة حاس بريف إدلب، ومستشفيات كفرنبل، غصت بعشرات الجرحى، وقال الطبيب عبد الإله الاسماعيل لـ “المصدر” إن الإصابات كانت متفاوتة، ولكن أغلبها في الرأس، والقتلى الذين سقطوا كانت إصاباتهم مميتة في أعلى الرأس أو الرقبة، وتم بتر رجل شاب من مدينة كفرنبل، وباقي الإصابات تتلقى العلاج، وأحد المصابين ظن المسعفون أنه متوفى، ووصل إلى المستشفى بحالة سيئة، واليوم تم نقله إلى العناية المركزة وهو بحالة جيدة.
المجلس المحلي يُعيد تأهيل مكان المجزرة:
وبعد مضي 24 ساعة على المجزرة وصل فريق من المجلس المحلي إلى المكان، وباشر بإعادة تأهيله من جديد، في رسالة واضحة للعالم أجمع، أن على هذي الأرض ما يستحق الحياة، حسبما أوضح “محمد خطيب” عضو المجلس المحلي لمدينة كفرنبل في حديث خاص لـ “المصدر”، مضيفاً، من واجبنا كمجلس محلي أن نقوم بدورنا في إعادة تأهيل المكان، حيث قمنا بتوجيه ثمانية موظفين وخمسة متطوعين إلى المكان، إضافة لتسيير الآليات الخاصة بالمجلس والتي تلزم للعمل.
وعن الأضرار المادية قال “خطيب” إن الأضرار كبيرة، فهناك منزلين مدمرين بالكامل، والطريق العام فيه حفرة كبيرة جداً، وهو طريق رئيسي للمدينة يربطها مع بلدة حاس ومدينة معرة النعمان، وسجلنا دماراً متوسطاً في ستة محال تجارية، ومعمل لتصنيع الحلويات، وتهدم جزئي في روضة أطفال مجاورة، كما تم توثيق 15 دراجة نارية محروقة تماماً، وأربع سيارات متوسطة وكبيرة.