التلفزيون على خطى الصحف.. “مذبحة” تلوح في الأفق

22 أبريل، 2016

كشف تقرير جديد أن العديد من المشاهدين باتوا غير متحمسين لمتابعة القناة الإخبارية لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” وأن القناة تسير بسرعة نحو الشيخوخة.

وأثبتت حسابات الباحثين في معهد رويترز في جامعة أكسفورد أنه في الكثير من الحالات تراجعت معدلات متابعة النشرات الإخبارية على شاشة التلفزيون بسرعة تفوق قراءة الصحف المطبوعة.

في السنوات الأخيرة، أشار الباحثون إلى أن معدل أعمار جمهور قناة “بي بي سي1” يتضاعف بأكثر من عام واحد في كل سنة، من 52 سنة في عام 2009 إلى 59 سنة في عام 2014. أما القارئ العادي للنسخة الورقية من صحيفة “ديلي ميل” فيُعتبر أصغر سنا من معدل أعمار مشاهدي “بي بي سي1”.

ولن يرى المتابع ولن يسمع شيئا من هذا القبيل عندما يتعلق الأمر ببعض أخبار الخدمة العامة. الكلمات التي يكررها المذيعون حول تهاوي الصحف في ظل المذبحة الرقمية تعتبر قياسية. لكن، الحقائق حول مشاهدة التلفزيون، وخاصة مشاهدة القنوات الإخبارية، يتم التطرق إليها بكثير من الاقتضاب والإيجاز. نحن نسمع عن انتصارات التلفزيون: أعداد الجماهير التي تتابع سلسة “ذي نايت منجر” (بطولة توم هيدليستون)، وعن الأرباح التي تحققها قناة “إيه تي في” المتخصصة في شؤون الفلك، وعن بعث وانتشار قنوات أخرى. لكن الرسائل الأساسية تتعلق بالوسيلة نفسها، حيث يبدو أنه من الصعب توفير البث الفضائي بسهولة.

ومع ذلك، فإن التقرير الذي أعدّه كل من نيلسن كايس وريتشارد سامبروك حول حقائق التحديات التي تواجه القنوات الإخبارية والتراجع الذي طرأ عليها بعنوان “ماذا يحدث للقنوات التلفزيونية الإخبارية؟” يعتبر مهما للغاية. تبدو الحلول ضئيلة على أرض الواقع.

في الوقت الراهن، يبدو أنه “لا توجد طريقة واحدة واضحة للسير إلى الأمام”. ولكن لن تكون هناك سبل للمضي قدما، سواء كانت واضحة أو ضبابية، ما لم تكن أبعاد المشكلة مسجلة بشكل تام.

وذكر التقرير أنه “في المملكة المتحدة، انخفض معدل دقائق مشاهدة التلفزيون بالنسبة للسكان ككل من 241 دقيقة يوميا في عام 2012 إلى 216 دقيقة في عام 2015، وبلغت نسبة التراجع 10 بالمئة في غضون ثلاثة أعوام. كما تراجعت نسبة الأسر التي تملك جهاز تلفزيون في المملكة المتحدة للمرة الأولى في التاريخ. أما التراجع في زمن المشاهدة لدى البالغين الأميركيين فهو في حدود 15 بالمئة في نفس الفترة.

وأفاد التقرير أن “جمع البيانات لأكثر من عشرة أعوام، كشف أن الانخفاض السنوي من 3 إلى 4 بالمئة سوف يؤدي إلى انخفاض عام من 25 إلى 30 بالمئة. وسوف يكون هذا التراجع أشدّ حدة من ذلك الذي شهده توزيع الصحف الورقية في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة بين عامي 2000 و2009، والذي بلغ في كلتا الحالتين حوالي 20 بالمئة”.

وأشار التقرير إلى أنه “بحلول عام 2014، كان معدل ساعات مشاهدة القنوات في غضون هذا العام 108 ساعات بالنسبة لجميع البالغين. أما بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما، كان عدد ساعات المشاهدة في حدود 25 ساعة. شهدت أعداد المشاهدين صغار السن تراجعا سنويا منذ عام 2010، في حين استقرت أعداد المشاهدين الذين تفوق أعمارهم 55 عاما.

ولاء المشاهدين من كبار السن وعاداتهم تطغيان على نسبة المشاهدة العامة وتحجب حقيقة فقدان القنوات الإخبارية لعلاقتها الوثيقة بالشباب”.

وتشهد مختلف الدول الغربية نفس الظاهرة، حيث تراجعت أعداد متابعي الأخبار من الألمان والفرنسيين في نفس الوقت. لقد كشف التقرير أن “الجمهور المتبقي، من ذلك قراء الصحف الورقية، هم أيضا من كبار السن عموما.

في عام 2015، كان معدل أعمار المشاهدين لـ«فوكس نيوز» في الولايات المتحدة 67 عاما، وبالنسبة لـ«أم.أس.أن.بي.سي» 63 عاما، في حين كان المعدل 61.9 لمشاهدي «سي.أن.أن». وتم استبدال هذه القنوات بفيسبوك وتويتر ويوتيوب وسناب شات، نتيجة للتأثير الكبير لنيتفليكس وأمازون برايم. لقد بدأ الخبر يتلاشى بالشكل الذي نعرفه”.

تتمثل المشكلة الحقيقية، التي واجهتها الصحف الورقية على مدى العشرين عاما الماضية، في أن انسياب الأخبار زاد في عدم اليقين، وبالتالي أصبح من الصعب تشخيص عوامل الإحباط، خاصة وأن التكنولوجيا لا تزال قائمة وتتطور.

يعرف سامبروك (وهو رئيس سابق لـ”بي.بي.سي نيوز”) ذلك جيدا بالقدر الكافي. اليوم تحيل عملية مراجعة ومتابعة النقاشات من أجل السيطرة التي تدور بين صحيفة “ديلي ميل” ومحكرك البحث “ياهو”، وموقع فيسبوك إلى تراجع في نسب المشاهدة بمعدل 20 بالمئة في الشهر، تكافح شركة غوكار الإعلامية من أجل البقاء، بينما سرحت شركة ماشابل الموظفين، ولم تحقق شركة بازفيد أهدافها.

وسؤال لمقدمي النشرات الاخبارية في فضائيات مثل “بي بي سي” و”آي تي في” و”سي.4” هو كيف سيتعاملون مع التغير العميق الذي يمتد من موارد واستراتيجيات الاستثمار إلى نقطة الانهيار وما إلى ذلك. خذ الفيديوهات الموجودة على أجهزة الكمبيوتر اللوحية التي يملكها الشباب، وسوف تلاحظ نفور كبار السن منها، رغم أن هؤلاء المتقدمين في السن هم الذين يدفعون رواتب المذيعين في القنوات الإخبارية. هل ستكون نيتفليكس هي المستقبل، أو أنها مجرد ظاهرة عابرة، وسوف تحل محلها ظاهرة أخرى؟ هل أن بلوغ عتبة 150 مليون مشترك بحلول عام 2020 سوف يكون واقعا ملموسا، أم أن ذلك مجرد تضخيم؟