منار رشواني يكتب: العودة إلى عقدة الأسد


منار رشواني يكتب: العودة إلى عقدة الأسد - مدار اليوم
آخر الأخبار


منار رشواني

وفقاً لأكثر من ستمائة ألف وثيقة حكومية، حصلت عليها “لجنة العدالة والمساءلة الدولية” التي تأسست في العام 2012، من منشآت استخباراتية سورية شديدة السرية، وكشفت مضمونها مجلة “نيويوركر” الأميركية، قبل أيام، تحت عنوان “ملفات الأسد”، فإن هناك أدلة دامغة على تورط بشار الأسد وأركان نظامه بشكل مباشر في قتل مئات آلاف السوريين على امتداد سنوات الثورة.
وبحسب ستيفن راب؛ الذي قاد فرق الادعاء في المحاكم الجنائية الدولية في رواندا وسيراليون، فإن توثيق اللجنة “أغنى بكثير من أي شيء رأيته وأي شيء قمت بالادعاء فيه في هذا المجال”، و”عندما يأتي يوم العدالة، سيكون لدينا أدلة أفضل مما كان لدينا في أي مكان آخر منذ نورمبرغ”؛ وهي المحاكمات الشهيرة التي أدانت مجرمي الحرب النازيين بما ارتكبوه من فظائع بحق الإنسانية خلال الحرب العالمية الثانية.
لكن إذا كان السوريون لا يحتاجون أصلاً لهكذا وثائق ليعرفوا تورط الأسد شخصياً في الجرائم المرتكبة حتى اللحظة بحقهم، فإن هذا الأمر ينطبق بالدرجة نفسها تماماً على كل فريق آخر، لاسيما روسيا التي تدافع عن بقاء الأسد ونظامه، وبما يشكل العقدة الأكبر للجولات الحالية لمفاوضات جنيف التي بدت، حتى أيام على الأقل، مدعاة لتفاؤل نادر ولربما غير مسبوق بإمكانية التوصل إلى تسوية للصراع في سورية.
إذ يبدو منطقياً بشكل مطلق، مطالبة السوريين برحيل الأسد، كما أركان نظامه المتورطين في الجرائم بحق الشعب، مع بداية المرحلة الانتقالية التي تدشن لحل دائم. في المقابل، فحتى لو كانت روسيا مقتنعة بأن رحيل الأسد شرط لتسوية دائمة، فإنه لا يُتوقع أبداً أن تعلن ذلك مع بداية المرحلة الانتقالية، كون ذلك سيفسر، ببساطة، هزيمة لموسكو، ولاسيما رئيسها فلاديمير بوتين، الذي يعوض عن اجتراح حلول لأزمات الداخل الاقتصادية خصوصاً، باستعراضات قوة في الخارج. ولعل أهم من ذلك موقف إيران التي تقدم القوات البرية للعمليات العسكرية الروسية في سورية، ويبدو أنها لم تتزحزح عن موقفها الساعي إلى ضمان استمرار بشار الأسد، كما والده، رئيساً (للجمهورية!) إلى الأبد.
طبعاً، المخرج الروسي من هذه العقدة أو المعضلة يتمثل في عبارة أن “الشعب السوري هو من يقرر مصير الأسد”، رغم علم الجميع أن الأسد لم يأت للسلطة أصلاً بخيار هذا الشعب، فهو وارث سلطة عن أبيه، بعد إعادة تفصيل الدستور السوري عليه. لكن حتى بقبول السوريين الانتخابات لتحديد مصير الأسد، يظل السؤال قائماً عن آلية تمكين النازحين واللاجئين من المشاركة فيها، وقبل ذلك ضمان شفافيتها ونزاهتها. ولعل انتخابات “مجلس الشعب السوري” التي أجراها الأسد على ما يملكه اليوم من سورية تعطي جواباً كافياً.
إذ لم تستطع حتى صحيفة ممولة من إيران، مباشرة أو عبر حزب الله، منع نفسها من نشر تقرير ملؤه السخرية عن تزوير هذه الانتخابات في معقل الأسد؛ اللاذقية. من ضمن ذلك، احتجاز طلبة في جامعة تشرين للتأكد من تصويتهم في الانتخابات، فيما “لم تُشاهد الأوراق البيضاء المخصصة للتصويت”، واقتصر الأمر -بحسب الصحيفة ذاتها- على “أوراق مطبوعة سلفاً لـ”قائمة الوحدة الوطنيّة””، والتي حلت محل قائمة “قائمة الجبهة الوطنية التقدمية” زمن الحزب القائد الواحد!
ولعل الجانب الإيجابي هنا هو معرفة الأسد ونظامه بأنهما لم يعودا قادرين على الفوز حتى في معقلهما الساحلي. وهو ما تحتاج موسكو إلى الإقرار به وإيجاد مخرج منه، لاسيما مع اندلاع الاشتباكات بين الحلفاء الأكراد ومليشيات الأسد في الحسكة، وتحول مظاهرات السويداء إلى ظاهرة مستمرة.

المصدر: الغد

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ايلي ليك يشعر جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، بالغضب في الوقت الراهن؛ ...

أخبار سوريا ميكرو سيريا