الأسد ومستقبل سوريا

26 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016

5 minutes

لا يختلف أثنين على أن الحديث عن رحيل بشار الأسد كشرط لإيجاد حل للأزمة في سوريا أصبح يختفي تدريجياً من التصاريح التي تطلقها الدول الفاعلة في القضية السورية. في المقابل فقد تكون إيران والسعودية هما الأكثر وضوحاً فيما يتعلق برؤيتهما تجاه الأزمة السورية. فإيران تؤكد أن الطريق الوحيد الذي سوف يساعد سوريا على تجاوز أزمتها هو من خلال العمل على إيجاد حل سياسي يضمن وجود بشار الأسد, في الوقت الذي تؤكد فيه السعودية على أن أي حل لايضمن رحيل الأسد من السلطة سياسياً كان أم عسكرياً فهو حل لا يمكن أن يُعول عليه فالأسد لا يُعد جزء من المشكلة بل هو أصل المشكله والتي من بسببها وصل الحال بسوريا إلى ماهو عليه. مما لاشك فيه بأن النظام نجح في تغيير مواقف الكثير من الدول التي كانت تُطالب برحيله ضمن حلول سياسية وهذا النجاح الذي حققه النظام السوري أنطلق من منطلقين الأول التوسع الكبير للدولة الإسلامية بالداخل السوري. واما الثاني فهو أزمة اللاجئين وهي الأزمة التي ترتبط بشكل مباشر بالأمر الأول.

نجاح النظام كان يتحقق في كل يوم تستمر فيه الأزمة في سوريا, فتمدد الدولة الإسلامية والذي أستخدم فيه النظام استراتجية ناجحه من خلال تجاهل هذا التقدم التي تقوم به الدولة الإسلامية والتفرغ لقتال المعارضة التي عرفت نفسها كمعارضة معتدلة لا تتبع أي تنظيمات خارج الحدود السورية وتلاقي قبول دولي. هذا التجاهل لتمدد الدولة الإسلامية داخل الأراضي السورية كان محاولة لإظهار الدولة الإسلامية مع الوقت بأنها القوة الوحيدة الفاعلة على الأرض والتي تنافس النظام في السيطرة على سوريا, فبهذا التمدد للدولة الإسلامية نجح النظام مع الوقت بوضع الحل في سوريا بين خيارين أمام المجتمع الدولي الأول هو داعش والثاني نظامه العلماني حتى وأن كان هذا النظام يعرفه المجتمع الدولي بالنظام القمعي. هذه الخيارات المحدوده التي عمل النظام السوري وروسيا على إيصالها للمجتمع الدولي جعلت من الدول الكبرى لا تنظر لبشار الأسد كجزء من المشكلة بل كجزء من الحل لتوقف هذا تمدد تنظيم الدولة الإسلامية.

زاد من إنغلاق المجتمع الدولي على هذه الخيارات المحدودة, أزمة اللاجئين والتي تشكلت من خلال أمرين, الأول هو سيطرة تنظيم الدولة على مناطق كبيرة من سوريا والتي جاءت برغبة من النظام السوري كما ذكرنا والتي قادت إلى تشكل أزمة للاجئين في الدول الحدودية مع سوريا, أما الأمر الثاني والذي عمل عليه النظام بشكل مباشر من خلال عمليات قصف جوية مكثفة تجاه المدنيين مما أحدث نزوح كبير للاجئين إلى الدول الحدودية وإلى المناطق التي يسيطر عليها النظام ويكون بذلك وضع نظام الأسد المدنيين السوريين أمام خيارين الأول الدخول إلى مناطق النظام وهي المناطق التي لاتتعرض للقصف الجوي, وبذلك يقدم النظام رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن الشعب السوري ليس هو من يتحرك ضده بدليل أن هناك من يترك مناطق المعارضه ليتوجه إلى مناطق النظام والثاني والأهم هو خلق حالة لجوء جماعية تصل إلى أوروبا لتحدث حالة من الإرباك وعدم الأمن هناك وهو ماحدث بعد إستغلال الجماعات الإرهابية لهذا النزوح الجماعي لتنفيذ إعتداءات داخل أوروبا رداً على العمليات التي تقوم بها دول التحالف على مناطق سيطرة هذه التنظيمات وبهذا يكون النظام قدم نفسه أيضاً كحل لمنع وصول الإرهابيين إلى أوروبا وعامل مهم للقضاء على هذه الجماعات في أماكن تواجدها.

من خلال هذه المعطيات قدم النظام السوري نفسه كجزء مهم من أي حل سياسي أو حتى عسكري لمستقبل سوريا. فالمهم بالنسبة للدول الكبرى الاَن ليس ضمان رحيل الأسد أو حتى دعم خيارات الشعب السوري بل الوقوف لمعالجة ما نتج عن الأزمة السورية من ازمة لاجئين وتوسع للتنظيمات الإرهابية في الداخل السوري والتي كلفت المجتمع الدولي الكثير. يوم بعد يوم يصبح مستقبل سوريا أكثر تعقيداً ولكن يبدو أن أي حل مستقبلي لسوريا سوف لن يكون خالياً من بشار الأسد خصوصاً مع هذه الهدنة الهشة والتي جاءت بعد العمليات الجوية الروسية والتي ساهمت بشكل مباشر في قلب موازين القوى على الأرض لصالح النظام وهو مايعزز من أهمية بقاء النظام في مستقبل سوريا بالنسبة للمجتمع الدولي.