‘العصرونية تاريخ ومعالم أثرية مهددة بفعل التغيير الديمغرافي الإيراني’

26 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016
5 minutes

نبوخذ نصر – خاص السورية نت

ادعت وسائل إعلامية موالية لنظام بشار الأسد أن الحريق الذي نشب فجر السبت الماضي في منطقة “العصرونية” وسط العاصمة دمشق ناجم عن ماس كهربائي، ما أدى إلى تضرر قرابة 90 محلاً تجارياً بشكل كامل، وخسارة مادية كبيرة قدرت بملايين الليرات السورية، دون وقوع إصابات بشرية.

والتهمت النيران محلّات قنوص، النحاس، نظام، بلوق، كرم، وعشرات المحلات الأخرى. فيما وردت أنباء غير مؤكدة عن إصابة أحد التجار بحروق بالغة أثناء محاولته الدخول لمحله، وإخراج أوراق وثبوتيات من خزينته.

ويتألف سوق العصرونية، من عدة محلات متلاصقة ويعد واحداً من أهم شرايين دمشق التجارية وأحد أهم أسواقها القديمة، ويزدحم يوم الأحد بالتجار والزبائن القادمين من لبنان.

وعلمت “السورية نت” أن المكتب الفني لدمشق القديمة قد أهمل بشكل متعمد طلبات التجار المتكررة للبدء بمشروع ترميم وإصلاح السوق، بالتزامن مع تلقي التجار عروضاً بملايين الليرات لإخلاء السوق عبر بيعها لوسطاء يعملون لصالح إيران التي تحاول فرض هيمنتها على المنطقة عبر إجبار أهالي دمشق على الهجرة وبيع ممتلكاتهم ضمن مخطط ديمغرافي يشمل مناطق عدة من العاصمة دمشق.

وتؤكد مصادر في منطقة العصرونية أن “هذه الجريمة التي يقف وراءها نظام الأسد ما هي إلا مقدمة لإخراج أهالي دمشق وتجارها من المنطقة بعد رفضهم بيع أملاكهم وعقاراتهم لإيران التي تسعى إلى توسعة مقام الست رقية القريب من العصرونية”، حسب قولهم.

وأضافت المصادر التي لم تكشف عن هويتها، لأسباب أمنية، أن معظم التجار في العاصمة دمشق لضغوط متكررة تمارس عليهم من قبل قوات الأسد المتواجدة على الحواجز المحيطة  بالأسواق الرئيسية، إذ يقوم التجار بدفع مبالغ مادية كبيرة إلى عدد من قادة تلك القوات لقاء السماح بتمرير البضائع وشحنها بشكل آمن عبر الحواجز من وإلى داخل العاصمة دمشق.

أهمية السوق

“أبو أحمد” أحد تجار دمشق يوضح أهمية سوق العصرونية، ويقول في تصريح لـ”السورية نت”: “تأسس السوق قبل نحو 150 عاماً، ويقع إلى جوار الجدار الشرقي لقلعة دمشق الأثرية، ويحاذيه من الشمال شارع الكلاسة وسوق المناخلية، أما من الغرب فتحده قلعة دمشق ومن الشرق الجامع الأموي وباب البريد، ومن الجنوب سوق الحميدية.”

وأضاف أن موقع سوق العصرونية استقطب العديد من تجار دمشق منذ تسعينيات القرن الماضي، ما دفعهم لإعادة إحياء المنطقة عبر ترميم بعض البيوت القديمة والمستودعات التي تتواجد فيها نحو600 محل تجاري مخصصة لبيع مستلزمات مطابخ البيوت والأدوات الكهربائية وألعاب الأطفال بمختلف أنواعها.

وأشار إلى أن سوق العصرونية يشهد ازدحاما طول النهار ومعظم المتسوقين فيه هم الأُسر التي تأتي بحثاً عن عن لوازم مطبخها من أدوات مختلفة، إضافة إلى العطور والحقائب ذات الأسعار الرخيصة نسبياً بالمقارنة مع مثيلاتها في الأسواق التجارية الراقية. موضحاً في الوقت نفسه أن “السوق تؤمن مصدر دخل لنحو 500 أسرة من تجار وبائعين وموظفين آخرين”، حسب قوله.

أول بنك بدمشق

وشهدت سوق العصرونية تأسيس أول سوق للبورصة في دمشق، في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي حيث ضمت تجمع تجار دمشق لمعرفة حركة البورصة العالمية والمحلية إلى أن انتهى العمل في سوق “البورصة” مع بدايات الستينيات بقرار الحكومة السورية وقتذاك بتأميم البنوك الخاصة. في حين لا تزال تنشط فيها اليوم محلات صغيرة لصرافي العملة الأجنبية.

ويعتبر البنك العثماني الذي شيد في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بمنطقة العصرونية، أول بنك تأسس في دمشق، ومن ثم تحول إلى بنك سورية ولبنان الكبير بين عامي 1924إلى 1932، وفي عام 1935 اشترى البنك تاجر عراقي يهودي اسمه زلخا مرقدة، واستخدمه كبنك دولي عالمي باسم “بنك زلخا”، ثم أغلق البنك في عام 1949م  بقرار من الدولة السورية وأصبح هذا المبنى من أملاكها.

معالم تاريخية

بدوره ذكر الأستاذ خالد عبد السلام، وهو باحث في التاريخ والحضارة، أن أهم المباني الأثرية التي ما تزال قائمة في المنطقة، المدرسة العصرونية التي جاءت منها التسمية وقد أنشأها  في العصر الأيوبي القاضي شرف الدين ابن عصرون، وجامع دار الحديث النورية التي أنشأها نور الدين الشهيد، وهي دار صغيرة نسبياً تبلغ مساحتها نحو /400/ متر مربع، ومكونة من طابقين وتضم مئذنة ومصلى وباحة صغيرة تتوسطها بحرة تزيينية.

كما أن هناك المدرسة العادلية الصغرى التي أنشأتها زهرة خاتون بنت السلطان الملك العادل الأيوبي، وتحولت إلى مدرسة إعدادية شرعية خاصة للبنين. وثمة جامع آخر قديم أيضاً يدعى جامع الخندق.