كيف استطاع “العصفور الأرزق” جمع الوزراء على مائدته؟

26 أبريل، 2016

كانت وكالات الأنباء من أكثر مصادر المعلومات التي تأخذ منها وسائل الإعلام الأخبار في الفترات السابقة، إلا أن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وأهمها “فيسبوك” و”تويتر”، بدأت تغلق الأبواب أمام احتكار المعلومة على وسائل الإعلام التقليدية، التي يستقي منها القارئ قوت يومه من الأخبار.

“العصفور الأزرق”، أو “تويتر”، بدأ يجمع وزراء ومسؤولين بل حتى رؤساء دول على مائدته منذ اللحظات الأولى من إطلاقه عبر الفضاء الإلكتروني، ليغردوا من خلاله ما يحلو لهم دون قيود، لتلتهم وسائل الإعلام التقليدية تلك التغريدات وتنسج منها أخباراً تساهم في نقلها إلى متابعيها، خلال لحظات قصيرة جداً دون قيود أو حقوق نشر كما تفعل الوكالات التي عادة ما تطالب بذكر مصدر المعلومة.

ويرى كثير من المسؤولين والوزراء وقادة الدول والملوك أن “تويتر” الذي أصبحت تغريداته تأخذ مساحات كبيرة من التداول وإعادة النشر والتغريد، أزال الحواجز بين الرئيس والمرؤوس، المسؤول والمواطن، الرجل والمرأة، التي لم تستطع جميع وسائل الإعلام التقليدية السابقة إزالتها، ليخاطب المواطن الرئيس أو الوزير أو أي مسؤول آخر من خلال فضاء مفتوح دون قيود.

ومع مرور الوقت، تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى لاعب كبير ومصدر تأثير واسع في المجتمعات، بحيث أصبح اسم المغرد عبر “تويتر” أو المدون عبر “فيسبوك” مركز جذب إعلامي للكثير من الشخصيات، وتكون صفحته الشخصية بمثابة منبر إعلامي مستحدث يمثل رأي المؤسسة أو الجهة التي يعمل فيها.

وعبر منصات “تويتر” و”فيسبوك”، أطلق العديد من المسؤولين نداءات ومخاطبات شبه رسمية وإقالات لوزراء ومسؤولين وانتقادات لسياسات دول أخرى، بينما تعتبر وسائل الإعلام التقليدية تلك التغريدات معلومة يمكن الاعتماد عليها ونشرها وتمثل رأي البلد الذي ينتمي إليه المسؤول، وانتقد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، كمثال على ما سبق، تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في وقت سابق بخصوص التدخل في شؤون البلدان العربية.

وفي “تويتر” تلتقي الأفكار، وينتج عنها رأي عام يصنعه نخبة من المفكرين والرواد المؤثرين في المجتمعات، لا سيما الخليجية، التي تتمتع بفضاء واسع ومتابعة كبيرة لمواقع التواصل الاجتماعي، حتى أصبحت دول المجلس ترعى العديد من المؤتمرات والندوات بشأن استثمار تلك المنصات وتوجيه محتواها من تبادل للأفكار والمساهمة في تعزيز ثقافة المجتمع.

ففي العاصمة السعودية الرياض انطلق، الاثنين 18 أبريل/ نيسان، ملتقى “مغردون” في دورته الرابعة، تحت شعار “المبادرة تصنع الفرص”، بمشاركة 5 وزراء خليجيين، وهم وزراء خارجية كل من السعودية والبحرين والكويت والإمارات، بالإضافة إلى وزير الدفاع القطري.

وعقدت إحدى جلسات الملتقى الرئيسة لـ”مغردون” تحت عنوان: “غرّد مسؤول”، وناقشت أثر مواقع التواصل الاجتماعي في تعامل المسؤولين الحكوميين مع المواطنين، ودوره في نقل نبض الشارع، والتعرف عن قرب حول كيفية تواصل المسؤول مباشرة مع ما يطرح من قضايا وملفات بمختلف المجالات.

وخلال الجلسة، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، إن علاقته بـ”تويتر” بسيطة وليس وحده من يغرد، ملمحاً إلى أن لديه “فريقاً” يعمل على حسابه، مشيراً إلى أن أطفاله يجيدون التعامل مع “تويتر” أكثر منه، وأنه أحياناً يستعين بهم في حال واجهته صعوبات، واعتبر أن “لتويتر دوراً إيجابياً جداً لأنه أزال الحواجز”. بينما ذكر وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، أنه يسعى أن تكون تغريدته على “تويتر” بسيطة في اللغة، وغالباً ما يجعل تغريدته باللغة العامية.

وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد آل خليفة، أشار في حديثه إلى أن “تويتر” بالنسبة له أكسبه صحبة الوجوه الطيبة، في إشارة إلى “المغردين”، وأزال الكثير من الحواجز. وذكر وزير الدفاع القطري خالد العطية، حول مدى وجوده على “تويتر”، أن “ما نشرته على تويتر 6 تغريدات كتبتها بنفسي وليس لدي فريق لكتابة التغريدات”، كما بيّن أنه “من خلال تويتر يمكن جس نبض الشارع وسرعة الاستجابة، وأن تويتر غيَّر مفاهيم كثيرة، وكسر كل الحواجز العمودية في الوطن العربي”.

وفي الدوحة، أطلق قبل نهاية العام الماضي “ملتقى المغردين الثالث في قطر”، تحت شعار “الأفكار تتلاقى”، بمشاركة نخبة من الشخصيات البارزة وخبراء الإعلام الجديد والمغردين والكتاب والمثقفين، حيث ضم الملتقى شخصيات بارزة من قطر ومجلس التعاون الخليجي، ناقش عدداً من المحاور المهمة، وشارك فيه وزير الإعلام الكويتي الأسبق سعد بن طفلة العجمي، والإعلامي السعودي جمال خاشقجي؛ مدير عام قناة العرب الإخبارية، والكاتب السعودي صالح الشيحي.

ومن خلال المتابعة لوسائل التواصل الاجتماعي، يرى مراقبون أن منصات “تويتر” و”فيسبوك” أصبحت أداة لتوجيه الرأي العام المحلي والإقليمي، حيث تتمتع حسابات كثير من المشاهير والمسؤولين لمتابعين كثر، لا سيما الأمراء والملوك والوزراء، الأمر الذي جعل من أول تغريدة للملك سلمان التي أطلقها بعد توليه العرش في المملكة، تأخذ حيزاً واسعاً وتتصدر كأعلى تغريدة تم التداول بها عالمياً.