المعركة الكبرى حول مصر


أهم شيء هو استقرار حكم الانقلاب في مصر، هذا ما تواصى به الداعمون، ثمة جبهة تتشكل، إسرائيل جزء منه، بل لا يمكن الاستغناء عنها، فهي التي نسجت خيوطه منذ فترة، وكان نجاح الانقلاب العسكري في مصر بتمويل خليجي انتصارا لسياساتها وتتويجا لسنوات تغلغلها وتأثيرها، خصوصا الاستخباري والأمني.

التحولات في الخليج باتجاه الاقتراب أكثر من سياسات الكيان الصهيوني لم تبدأ اليوم ولا أمس، كان أحد أبرز دوافعها العداء للتيار السياسي الإسلامي والخوف من زحف الجهاديين والخصومة القديمة مع إيران وصراع النفوذ والتأثير بينهما.

لا يخفي نتنياهو افتخاره بما أنجزه، يرى فيه تحولا غير مسبوق، سخَن الجبهة ضد الإيرانيين قبل الاتفاق النووي وكسب فيها ودَ دوائر مؤثرة في القرار الخليجي، وحمى ظهر العصابة الانقلابية في مصر في حربها على الإخوان فتفاجأ بالدعم الهائل من بعض عواصم الخليج، وتكفلوا له بخنق غزة وإحكام حصارها، لكنه لا يريد لها السقوط يخشى من بديل “أسوأ” منها، وفقا لحساباته وتقديراته، ولا يرضى بأقل من إضعاف قدراتها وإخضاعها وإشغالها.

مواجهة السيسي اليوم تعني مواجهة تحالف الكيان الغاصب مع متصهيني العرب، وما أكثرهم اليوم، ليس الأمر هينا لكنها مفخرة لكل ثائر حر شريف.

السيسي مقاتل شرس في هذه المعركة وحلفاؤه حاقدون ومتعصبون وكارهون للإسلاميين مستعدون لضخ المليارات، حتى ولو أضروا بميزانيات بلدانهم، لمواصلة الحرب واستمرار حكمه، ذلك أن سقوطه يرعبهم ويهددهم ويُغري بالتوسع والتمدد وانتقال العدوى.

أُعجب الصهاينة بوفائه وأشادوا بخدماته المُبهرة وقلَ من يصنع صنيعه، حارب الإخوان والمعارضين بلا هوادة، أحرق وقتل وسجن وعذب عشرات الألوف خلال فترة قصيرة، وأعلن الحرب على سيناء منذ ثلاث سنوات، فلم يهدأ القصف ولا القتل ولا المطاردة، وهو في هذا مسنود بدعم مالي خليجي غير مسبوق.

تعاون الصهاينة مع عواصم خليجية في زمن الثورات المضادة ربما لم يسبق له مثيل، لكن ضريبته باهظة ومزلزلة عربيا، وربما تعقبه هزات وتصدعات.

متنفذون ومؤثرون وربما شبكة واسعة ممتدة ومتغلغلة مهَدت الطريق نحو “التصهين”، البعض يطلق عليهم “الليكوديون العرب”، حضورهم قوي في الإعلام والسياسة ويدهم وطويلة وإمكانياتهم ضخمة وتأثيرهم في القصور لا سقف له.

مصر إحدى معاركة الحاسمة، رهانهم فيها على عصابة عسكرية بأكملها، وأما الشخص فقد يُستبدل إن كثرت عليه سهام الداخل والخارج، سوف يقاتلون إلى آخر طلقة لئلا تضيع من أيديهم مصر، وربما لا يُضاهيها في الأهمية الإستراتيجية بلد في المشرق.