‘حزب الله وجرائمه العابرة للحدود’
28 نيسان (أبريل - أفريل)، 2016
تمارس ميليشيا “حزب الله” اللبناني أعمالاً غير قانونية تجعل منها “منظمة إجرامية عابرة للحدود”، وهو ما يفسر جانباً من الأسباب التي جرت على الميليشيا عقوبات متعددة، لا سيما العقوبات الأمريكية.
“معهد واشنطن لسياسات الشرق الأقصى” قال في تقرير نشره على موقعه الالكتروني، إنه من المتوقع أن يصدر “مدير الاستخبارات الوطنية” تقريراً بتكليف من الكونغرس الأمريكي قريباً، يتعلق بأنشطة الميليشيا.
وكان من المقرر أن يصدر التقرير في 18 نيسان/ إبريل ولكن تم تأجيل ذلك بسبب حساسية الموضوع ما بين الوكالات الأمريكية المتعددة. وقال المعهد: “بالإضافة إلى كونه يشكل العامل الأساسي لتحديد ما إذا كان سيتم تصنيف حزب الله كمنظمة إجرامية عابرة للحدود أم لا، فإن التقرير سيسلط الضوء على الجدل المستعر منذ فترة طويلة بين الوزارات المختلفة حول كيفية تمييز الأنشطة الإجرامية للحزب”.
ومع انتهاء المهلة المحددة لصدور التقرير، فوض فوّض الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” مسؤولية التقرير إلى “مدير الاستخبارات الوطنية”، وفي غضون شهر من تقديم التقرير، يتطلب من الإدارة الأمريكية إطلاع الكونغرس على محتويات التقرير ووضع الإجراءات المقررة لإدراج ميليشيا “حزب الله” على لائحة “المنظمات الإجرامية الكبرى العابرة للحدود” بموجب “الأمر التنفيذي رقم 13581” الصادر في عام 2011.
الإتجار بالحشيش
الملف الأبرز للأعمال غير القانونية لميليشيا “حزب الله”، التجارة بالمخدرات، حيث أسفرت تحقيقات “سلطات إنقاذ القانون” في الولايات المتحدة وأوروبا، في شهر فبراير/ شباط الماضي عن الكشف بأن الجناح الإرهابي للميليشيا (منظمة الأمن الخارجي) (التي تُعرف أيضاً بـ “منظمة الجهاد الإسلامي”)، يشغّل كياناً مخصصاً يكرس عملياته لتهريب المخدرات وغسل الأموال في جميع أنحاء العالم.
وبحسب معهد واشنطن: “تم التوصل إلى هذا الاستنتاج من خلال عملية مشتركة شملت وكالات أمريكية كـ إدارة مكافحة المخدرات وإدارة الجمارك وحماية الحدود ووزارة الخزانة، ووكالة تطبيق القانون الأوربية (يوروبول)، ووكالة يوروجست (وكالة تابعة للاتحاد الأوروبي تتعاون قضائياً في المسائل الجنائية)، والسلطات الفرنسية والألمانية والإيطالية والبلجيكية. وقد امتد التحقيق ليشمل سبع دول”.
تورط مغنية
وأسفرت التحقيقات عن اعتقال عدد من أعضاء ما يعرف بـ “مُركب صفقات الأعمال في حزب الله بتهمة الإتجار بالمخدرات وغسل الأموال وشراء الأسلحة لاستخدامها في سورية”.
وكان المحققون الأمريكيون قد توصلوا إلى أن نتيجة أن “مركب صفقات الأعمال في حزب الله” تأسس على يد عماد مغنية، الشخصية الإرهابية الأبرز في الميليشيا، قبل وفاته في عام 2008، ويتم تشغيله حالياً من قبل مسؤول كبير في الميليشيا يُدعى عبد الله صفي الدين وغيره من العناصر مثل أدهم طباجة.
ويقول “معهد واشنطن” في تقريره أن “صفي الدين وهو ابن عم الأمين العالم للحزب حسن نصر الله، كان ممثلاً للحزب في طهران وساعد المسؤولين الإيرانيين على الوصول إلى البنك اللبناني الكندي المنحل الآن، والذي وضعته وزارة الخزانة الأمريكية على القائمة السوداء في عام 2011 بسبب علاقاته بتهريب المخدرات على نطاق عالمي وبشبكة غسل الأموال و بـ حزب الله مباشرة”.
وعلى نحو مماثل، أدرجت وزارة الخزانة طباجة على لائحتها في يونيو/ حزيران 2015 لتوفيره الدعم المالي للميليشيا عن طريق شركاته في لبنان والعراق، واصفة إياه بأنه “عضو في حزب الله يحافظ على علاقات مباشرة مع كبار العناصر التنظيمية (…) من بينها العنصر التنفيذي للحزب الإرهابي، منظمة الأمن الخارجي»”.
ونتيجة لهذا التحقيق العابر للحدود، ألقت السلطات القبض على “كبار قادة مُركب صفقات الأعمال في حزب الله في “الخلية الأوروبية” وفقاً للمعهد. ومن بينهم محمد نور الدين، “مبيّض أموال لبناني عمل مباشرة مع الجهاز المالي لـحزب الله لنقل أموال الحزب من خلال شركاته، مع الحفاظ على علاقات مباشرة مع عناصر الحزب التجارية والإرهابية في كل من لبنان والعراق.”
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية صنفت في يناير/ كانون الثاني الماضي نور الدين وشريكه، حمدي زهر الدين، كناشطيْن في ميليشيا “حزب الله”، مشيرة إلى أن الحزب يحتاج إلى أفراد مثلهما “لغسل العائدات الإجرامية لاستخدامها في الإرهاب وزعزعة الاستقرار السياسي”.
خلفية الجرائم
ومنذ نشأتها تهيمن ميليشيا “حزب الله” على شبكات عالمية تضم أعضاء وأنصار لتقديم الدعم المالي واللوجستي، وحتى العملياتي في بعض الأحيان. ويتمكن الحزب، من خلال هذه الشبكات، من جمع الأموال وشراء الأسلحة والمواد ذات الاستخدام المزدوج والحصول على وثائق مزورة، وحتى أكثر من ذلك.
وقال معهد واشنطن إن “بعضها هي شبكات رسمية تديرها عناصر حزب الله على الأرض وفي لبنان نفسها، إلا أن معظمها تم تنظيمه بشكل متعمد ليكون غير رسمي إلى حد كبير؛ وتسعى هذه الشبكات إلى إبقاء صلاتها مع الحزب ضبابية من أجل توفير قدر من الإنكار. وبشكل عام، يميل هذا المشروع الإجرامي لحزب الله إلى أن يكون منظماً حول عقد مترابطة بشكل فضفاض ولا يعتمد على صلات هرمية وصولاً إلى سلسلة القيادة”.
وينوه المعهد إلى أن “حزب الله يعمل بشكل واضح كـمنظمة إجرامية عابرة للحدود، وقد تم التأكيد على هذا التقييم مراراً وتكراراً وعلنية من خلال تحقيقات إنفاذ القانون والمحاكم الجنائية. على سبيل المثال، في حكمها الصادر في آذار/ مارس 2013 ضد أحد عناصر حزب الله حسام يعقوب، خلصت لجنة من ثلاثة قضاة في قبرص إلى عبارات لا لبس فيها توضح أن الحزب “يعمل كمنظمة إرهابية”.