المضامين الإعلامية الغربية حول الإسلام: تساؤلات مفتوحة


القضية احتاجت تصويبا وتصحيحا يتخذ أبعادا عديدة ومتداخلة. تصويب يأخذ في الاعتبار التوفيق أولا بين احترام حرية التعبير، واحترام الحرية الدينية. ويضع في حساباته ثانيا أن التطرف الديني لا يعالج بتطرف مضاد.

ومن هنا انشغلت العديد من الفعاليات والمنظمات والهيئات الإقليمية العربية والإسلامية ببحث المضامين الإعلامية الغربية حول الإسلام.

في سياق هذا الاهتمام الفكري صدر ضمن منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” كتاب باللغة العربية بعنوان “المضامين الإعلامية الغربية حول الإسلام في ضوء القانون الدولي”، من تأليف علي كريمي، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء بالمغرب.

ويشتمل الكتاب، الذي يقع في 123 صفحة من القطع المتوسط، على ثلاثة فصول، تطرق الفصل الأول للمرجعية القانونية لحماية الحرية الدينية وآلياتها: الإساءة للإسلام نموذجاً.

وناقش في الفصل الثاني حرية الرأي والتعبير بين مبدأ التسامح واحترام الديانات وحقوق الأقليات المسلمة. وخصص الفصل الثالث لموضوع الخطابات العنصرية بين الحرية الدينية وحرية التعبير: نحو قانون منع الإساءة إلى الأديان.

يشار إلى أن الكتاب في الأصل هو دراسة اعتمدها المؤتمر الإسلامي التاسع لوزراء الثقافة المنعقد في مدينة مسقط، عاصمة سلطنة عمان، في شهر نوفمبر من العام 2015، وصادقت عليها الحلقة الدراسية التي عقدتها منظمة “الإيسيسكو” في مدينة ليل الفرنسية في يونيو 2014، حول الخروقات القانونية للإعلام الغربي المتحامل على الإسلام والمسلمين، كما صادق عليها المجلس الأعلى للتربية والثقافة للمسلمين خارج العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة التي انعقدت في روما (سبتمبر 2014)، والمجلس الاستشاري المكلف بتنفيذ الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي في دورته الثالثة بالشارقة (نوفمبر 2014).

قدم للدراسة الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للإيسيسكو، الذي أكد أن هذه الدراسة “توضح أن الحق في الحرية الدينية ينبع من القواعد الثابتة في القانون الدولي، بحيث لا ينبغي الاتفاق على ما يخالفه، وتؤكد ضرورة وضع آليات قانونية دولية ملزمة، يتم بموجبها احترام الأديان في ظل الواقع الدولي الحالي الذي يشهد توظيفاً متنامياً لوسائل الإعلام من أجل نشر الكراهية الدينية والعنصرية، وتبين أن إساءة وسائل الإعلام الغربية إلى الإسلام تحمل في طياتها كثيراً من المخالفات القانونية التي تتعارض كلية مع قواعد القانون الدولي، وذلك من خلال استعراض سلسلة من القواعد القانونية، سواء المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية، أو في الإعلانات والقرارات الدولية، وفي بعض الاجتهادات القضائية”.

الثابت أن الوضع المترتب عن علو صوت الإرهاب والتطرف في حاجة أكيدة، لأبحاث فكرية وقانونية لا تركن إلى الدفاع اليسير عن الإسلام لمجرد تبرئته من “لوثة” الإرهاب، بل تركز على ضرورة التكيف مع المدونات الكونية الحقوقية الحاثة على احترام الأديان وعدم الإساءة لها، فضلا عن كون معالجة ظاهرة الإرهاب والتطرف تحولت إلى مشغل عالمي تبعا لأن الإرهاب لم يستثن، جهة او منطقة من مفاعيله.

وبديهي أيضً أن إشاعة احترام الحرية الدينية تبدأ أولا من إرساء قيم المواطنة واحترام الاختلاف، وهو مبدأ عبر عنه عبدالعزيز بن عثمان التويجري، المدير العام لمنظمة الإيسيسكو، في في كلمة ألقاها في الاجتماع رفيع المستوى لأصدقاء التحالف، الذي عقد ظهر الثلاثاء 26 أبريل 2016 في مدينة باكو عاصمة أذربيجان، بقوله “في هذا المناخ الدولي المحفوف بالتوترات، تتزايد الأهمية البالغة للعمل في إطار شراكة دولية وتعاون إنساني، من أجل تعزيز الحوار بين الثقافات، وتعميق التحالف بين الحضارات على جميع المستويات (…) ومواجهة دعاة الكراهية والعنصرية والتمييز العرقي والديني والعدوان على الشعوب وحرمانها من تـقرير مصيرها، على مستوى تأمين سيادتها الوطنية، وعلى مستوى احترام اختياراتها الثقافية وحماية خصوصياتها الحضارية، وتيسير السبل لنيل حقوقها المشروعة”.